الخميس 28 مارس 2024 مـ 01:57 مـ 18 رمضان 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

لا تلومونا

لقد هرمنــا ، ووهن العظم منا ، واشتعل الرأس شيــبا ، نحن الذين عاصرنا كُل الأكاذيــب ، وصدقنــاها ، ثُم عُــدنا بخُفىّ حنين ، نجتر أحزاننــا ، ونُكفكف دموعنــا ، ونلوك حســرتنا !!.

 وعدنــا سادتنا بالسلام ؛ فاذا هو استســلام وخنوع وخراب اقتصــادى ، قالوا انفتــاح وفتحــوا أبواب مصر على مصراعيها للصوص وشُذاذ الآفــاق ، والذين يســرقون الكُحل من العيون ، قالوا خصخصــة ، فكانت مصمصــة لنُخــاع وعظــام مصر ، ومصمصة لشــفاهنا تحســراً وتندمــاً!!.

 نحن الذين عشنا أن كُل خطابات الرئيــس تاريخيــّة ، وزياراته فتوحــات ، ولقاءاته ناجحة ، والعالم كله مبهور بحكمته وشجاعته ، وكلمــاته ( التى يكتبها غيّره ) سراج منير للبشــرية ، وانتخاباته نزيــهه ، وأعداؤه ماهم سوى شــرذمة عميلة مأجورة !!. نحن الذين عشنا أن مصــر هى الرئيس ، والرئيس هو مصــر ، ومن عارض الرئيــس فهو خائن لمصر ، وكأننا لم تُفارقنــا فكرة الفرعــون الالاه مُــنذ أربعة آلاف عام حتى تقوست ظهــورنا !!.

 مُبارك نظّــم مؤتمــراً اقتصــادياً عام 96 ، دعا اليه خمسة آلاف رجل أعمال من كل بقاع الدنيــا ، وهلل الاعلام وزاط ، وشــاط فى كل المعارضين : اخــرس ! أنت عدو لمصــر ، ألم تر المشروعات العملاقة يتم الاتفاق عليــها ؟ ، مليــون فدان ، مفاعل نووى ، آلاف المشروعات ، أربع ملايين فرصة عمل ، السمــاء سوف تُمطر ذهبــاً وفضــة ، اخــرس ! أنت مُثبــط للعزائم ، كاره لخير مصر ، ماذا سيقول المستثمرون لو سمعوك ؟ ، سوف يهربون ، سوف يأخذون أموالهم ويرحلــون ! اخــرس ! لكننا لم نخرس ، بل علا صُراخنا حتى ملأ الأكوان والأركان والميادين ، وتفجــرت ثورة يناير العظيمة . ولما رأينا مُبارك يعود مرة أُخرى ولكن بلحيـّة وذبيبــة وجلباب أبتر ، وباسم الدين الحنيف خدعونا ، وبنهضــة كاذبة شغلــونا ، كانت ثورة الثلاثين من يونيو ، فأزاحت الكابــوس ، وكشــفت الغُمــة ، وجئنــا برجل  ، وطنى ، مُتــواضع ، فرمينــا عليه أحمالنــا ، ووضعنا يدنا فى يده ، واليد الأخرى على قلوبنا ، ونحن نرقبــهُ مُمســكاً بالشــراع ، والمجداف ، يخوض غمــار الأمواج المُتلاطمة ، ويسـبح فى البحر الهائج ، والموج المائج ، حواليـّـه أسمــاك مُفترسة ، وفوق رأســه غربان سود! .

 فلا تلومونــا ان خفنــا علي مصر ، أو اختلجــت أنفاســنا عند كُل موجة تخــوضها ، فانهــا تجارب الأيــام ، ومــرارة السنــين ، وهو الحب الأبدى لوطن مازلنا نحلم له ، وبه ، ومعه ، ونخشى أن تصير أحلامنا إلى كوابيس!! .