الأرض
موقع الأرض

الزراعة بدون تربة والتكنولوجيا الحديثة لإنتاج الخضر وعلاقتها ‏بالتغيرات المناخية

-

تتعرض مصر لعدد من المخاطر الاساسية للتغيرات المناخية أهمها كما اورده جهاز شئون البيئة ‏التابع لوزاره البيئة ما يلى:‏
• زيادة أوانخفاض درجة الحرارة عن معدلاتها الطبيعية. ‏
• زيادة معدلات الأحداث المناخية المتطرفة، مثل "العواصف الترابية، موجات الحرارة ‏والسيول، وتناقص هطول الأمطار‎ .‎
• ارتفاع منسوب مستوى سطح البحر وتأثيراته على المناطق الساحلية، حيث أنه من المتوقع ‏زيادة مستوى سطح البحر 100 سنتيمتر حتى عام 2100، والذي سيؤدى إلى دخول المياه ‏المالحة على الجوفية وتلوثها، وتملح التربة وتدهور جودة المحاصيل وفقدان الإنتاجية.‏
• ‎ ‎زيادة معدلات التصحر‎.‎
• ‎ ‎تدهور الإنتاج الزراعى وتأثر الأمن الغذائى‎.‎
• زيادة معدلات شح المياه، حيث تم رصد حساسية منابع النيل لتأثيرات التغيرات المناخية.‏
سيؤثر تغير المناخ على نمط الأمطار فى حوض النيل، ومعدلات البخر بالمجارى المائية، ‏وخاصة بالأراضى الرطبة‎.‎
• ‎ ‎تدهور الصحة العامة، حيث تؤثر التغيرات المناخية بشكل مباشر على الصحة عند حدوث ‏عواصف أو فيضانات، وارتفاع درجات الحرارة، وبشكل غير مباشر من خلال التغيرات ‏الحيوية لمدى انتشار الأمراض المنقولة بواسطة الحشرات ، كما أن مصر معرضة بسبب ‏ارتفاع درجة حرارتها الزائد عن معدلاتها الطبيعية، بانتشار أمراض النواقل الحشرية ‏كالملاريا، وحمى الضنك وغيرهما‎.‎
• تدهور السياحة البيئية، حيث من المتوقع أن يؤدى ارتفاع مستوى سطح البحر إلى تآكل ‏السواحل المصرية، وقد تتأثر الشعب المرجانية، وتؤدى الضغوط البيئية إلى زيادة ‏ابيضاضها، كما تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على ألوان وعمر الآثار والمنشآت ‏التاريخية‎.‎
لو تمعنا فى النظر فى كل تلك الاثار السلبية للتغيرات المناخية على مصر نجد ان القطاع الزراعة ‏هو من اكثر القطاعات المتأثرة بالتغيرات المناخية من حيث زيادة التصحر وندرة المياه، انخفاض ‏معدلات سقوط الامطار ، غدق الاراضى الموجودة فى الشريط الساحلى فى حالة ارتفاع منسوب ‏سطح البحر نتيجة ذوبان الجليد كأثر لارتفاع درجة حرارة الكرة الارضية، كذلك تأثر نوعيات ‏المحاصيل وانخفاض الجودة وانتشار الامراض مما يؤثر جميعه فى النهاية الى انخفاض الانتاج ‏الزراعى لو استمر هذا الحال. ‏
نجد من ذلك أن هناك العديد من الضغوط التى توضع على كاهل القطاع الزراعى من دوره الهام ‏فى توفير الغذاء للمواطنين وخصوصاً مع وجود عائق كبير اساسى وهو الكثافة السكانية المتزايدة ‏باستمرار.‏

قسم الزراعة بدون تربة بالمعمل المركزي للمناخ الزراعي يقوم بدراسة وتطبيق الاساليب الزراعية ‏الحديثة التى تعطى الفرصة لاستمرار النشاط الزراعى حتى لو كانت الظروف المحيطة غير ‏مواتية لاستمرار الانتاج بالطرق التقليدية فى التربة. فنجد ان العمل الاساسى للقسم يرتكز على ‏تقنية الزراعة بدون تربة والذى انبثق منها التقنيات الاخرى كزراعات الاسطح والأكوابونيك ‏وتقنية انتاج الاعلاف الخضراء بدون تربة وغيرهم.‏
الزراعة بدون تربة هى نظام زراعى بديل للزراعة التقليدية فى الارض ، لا تدخل الارض ‏الزراعية كاحد مكونات منظومة الانتاج بل تستخدم فقط كدعامة لانظمة الزراعة بدون تربة التى ‏تتنوع للعديد من الانظمة المقسمة تحت ثلاث اقسام رئيسية وهى الزراعة المائية والزراعة ‏الهوائية والزراعة باستخدام البيئات. ‏
نجد أن الارض الزراعية قد تعانى فى بعض الاحيان من العديد من المعوقات التى توجد ‏بها بصورة طبيعية أو قد تتواجد نتيجة لسوء أو كثافة الاستخدام على مر السنين. فيمكن أن تكون ‏الارض ملحية ويصعب التخلص من نسبة الاملاح المرتفعة بالغسيل او عدم توافر ماء كافى أو جيد ‏لغسيل التربة. أو تكون التربة موبؤة بالامراض والحشائش التى تؤثر سلباً على المحصول. أو قد ‏تعانى التربة من تراكم العناصر الثقيلة بها والملوثات نتيجة لريها بمياه الصرف غير المعالج. أو ‏يمكن أن تكون التربة صخرية يصعب تسويتها وتفتيت صخورها بسهولة. يمكن كذلك أن تحتوى ‏التربة على طبقات صماء تعيق النمو والخدمة والصرف. أيضاً يمكن أن تكون منخفضة الخصوبة ‏، شديدة الحموضة أو القلوية ، أو تكون التربة مرتفعة الماء الارضى أو سيئة الصرف ... والعديد ‏والعديد من المعوقات التى قد تتواجد بالتربة وتؤثر على عملية الانتاج الزراعى بها وتؤثر بالسلب ‏على كمية المحصول الناتج منها وجودته.كل ذلك لا يهم سيستطيع المزارع الاستمرار فى الانتاج ‏الزراعى فى تلك الاراضى بل سيضاعف المحصول، ويحسن من الجودة أيضا ولكن بالتحول ‏للزراعة بدون تربة بمنتهى السهولة.‏
الزراعة بدون تربة هى نظام زراعى متكامل يمكن التحكم فى مدخلاته من نوع البيئة او الوسط ‏الذى تنمو به جذور النباتات، الصنف النباتى المستخدم، الكثافة النباتية فى المتر المربع، موعد ‏الزراعة ، أنواع الاسمدة المستخدمة فى عمل المحلول المغذى ، ...إلخ من مدخلات مختلفة مما ‏يساعد فى النهاية على تقليل الفقد فى المحصول بل وتعظيم الانتاجية والجودة، وتقليل هدر المياه ‏والاستفادة بكل قطرة منها. ‏
جميع ما سبق يجعل الزراعة بدون تربة بانظمتها المختلفة والمتنوعة هى الحل الامثل للاستمرار ‏فى الانتاج الزراعى فى الاراضى التى تعرضت للغدق او للملوحة بفعل ارتفاع منسوب البحر، ‏كذلك هى الحل الامثل للاستمرار فى الزراعة فى الاماكن الصحراوية والجافة وتحت ظروف قلة ‏المياه لما تتميز به هذه النظم من كفاءة عالية فى توفير المياه والحفاظ على كل قطرة مياه وعدم ‏اهدارها من خلال استخدام ما يعرف بالنظام المغلق فى الرى وهو الذى يسمح بتجميع مياه الرى ‏الزائدة عن حاجة النباتات واعادة استخدامها مرة اخرى فى الرى. ايضا تعظيم الانتاجية من وحدة ‏المساحة نتيجة استخدام الانظمة المكثفة التى تسمح بزيادة عدد النباتات المزروعة فى وحدة ‏المساحة مع ارتفاع جودة الثمار الناتجة وسرعة دورة الانتاج مقارنة بمثيلتها فى الارض العادية. ‏جميع ما سبق يدعم استخدام الزراعة بدون تربة كتقنية زراعية متطورة للتغلب على اثار التغيرات ‏المناخية فى القطاع الزراعى والعمل على زيادة الانتاج النهائى والحفاظ على الامن الغذائى.‏

ومن اشكال الزراعة بدون تربة هى زراعات الاسطح التى تمكنا من زراعة سطح المبنى بامان ‏دون الخوف من ارتفاع الاحمال لان الخامات المستخدمة كلها خفيفة أو من رشح المياه على ‏ارضية السطح لاستخدام النظام المغلق فى الرى الذى يسمح بتجميع مياه الرى الزائدة عن ‏حاجات النباتات بما تحويه من اسمدة مذابة واعادة استخدامها فى رى النباتات ثانية.‏
وزراعات الاسطح تساهم بصورة مباشرة فى تقليل الاثار السلبية للتغيرات المناخية على ‏المدن ، حيث نجد انه بزيادة المدنيه وهجرة السكان من القرى الى المدن زاد عدد السكان بالمدن ‏بصورة كبيرة وعليه زادت اعداد المبانى وتقلصت مساحات النباتات الخضراء واقتلعت الاشجار ‏وهذا زاد من نسبه ثانى اكسيد الكربون ، انخفاض نسبه الاكسجين، زيادة الملوثات فى الجو ، ‏ارتفاع درجة الحرارة وظهرت العديد من الظواهر البيئية السلبية مثل ظاهرة الجزيرة الدافئة التى ‏تتجلى فى هواء المدن نتيجة الارتفاع الشديد فى درجة الحرارة فى الايام قليلة الرياح وتتجمع بها ‏الابخرة والدخان الناتج عن حرق القمامة او قش الارز وغيرهم على حواف المدن وتجذبهم تلك ‏الظاهرة لقلب المدينة بما يؤثر بالسلب على الصحة العامة لارتفاع الحرارة وزيادة الدخان .‏
نجد انه اذا تم التوسع فى زراعات الاسطح وشملت احياء ومدن كبيرة سيظهر اثرها جلياً ‏فى تحسين جودة الهواء وتخفيض درجة الحرارة واستهلاك ثانى اكسيد الكربون فى البناء الضوئى ‏للنباتات وانتاج الاكسجين وتقليل التلوث ، تقليل الطاقة الكهربائية المستخدمة للتكيفات والمراوح ‏فى المنازل وذلك عن طريق تقليل عدد ساعات التشغيل لخفض درجة حرارة المبنى خصوصا ‏الدور الاخير.‏
كذلك تساعد زراعات الاسطح فى زيادة الامن الغذائى للمواطنين نتيجة زراعة نباتات الخضر فوق ‏الاسطح مما يزيد من توافرها داخل المدينة ويزيد المعروض منها فيقل التذبذب الكبير الذى يحدث ‏فى اسعارها الى جانب اقتطاع تكاليف الوسطاء من الحقل الى بائع الجملة ثم بائع التجزئة ‏بالمستهلك وبالتالى يستقر سعر بيعها وينخفض.‏
يمكن أيضاً انتاج الاعلاف الخضراء بسهولة بدون تربة باستخدام الزراعة المائية بدون ‏الحاجة لارض زراعية أو بيئة زراعية . وهى تعتبر الحل الامثل لقلة المراعى وأرتفاع تكلفة انتاج ‏الاعلاف التى بدورها تؤدى لارتفاع اسعار اللحوم. ‏
‏وتتميز تقنية انتاج الاعلاف الخضراء بدون تربة بكفاءة استخدام الماء كذلك يتضاعف ‏الانتاج نتيجة عمل التكثيف الرأسى . وتتميز تلك التقنية ببساطتها وسرعة وكثافة الانتاج حيث أن ‏العلف يكون جاهز لاستهلاك الحيوان فى فترة تتراوح بين 8 – 10 أيام. ويهدف إنتاج العلف بتلك ‏الطريقة الى توفير كل قطرة ماء وهو ما يتماشى مع الاتجاه العام للتأقلم على انخفاض كميات المياه ‏وزيادة التصحر الناتج عن التغيرات المناخية.‏
العلف الاخضر الناتج بتلك الطريقة يتوافر بصورة خضراء طازجة يوميا ًوطوال العام ‏ومستساغ من قبل الحيوان ، ويحتوى على العديد من الفيتامينات والمواد الهامة لنمو الحيوان ‏ويتغذى الحيوان على جميع اجزاء العلف الاخضر، حيث ياكل الحيوان الاوراق والسيقان والجذور ‏وما تبقى من البذور واغلفتها، فيتم ازالة العلف الاخضر من الصينية وتقطيعة وتقديمه للحيوان دون ‏هدر اى جزء من اجزائه .ويعتبر الشعير من افضل الاعلاف الخضراء التى يمكن انتاجها بتلك ‏التقنية. وبالتوسع فى انتاج الاعلاف الخضراء بتلك الطريقة فذلك سيعود بالنفع على صحة الحيوان ‏وتوافر اعلاف خضراء طوال العام مع تقليل استهلاك الماء.‏
‏ ونجد ان جميع ما سبق يلقى الضوء على الدور الذى تلعبة الزراعة بدون تربة وزراعة الاسطح ‏وانتاج الاعلاف الخضراء فى المساعدة على مواجهة اثار التغيرات المناخية على مصرنا الحبيبة ‏والله الموفق والمستعان.‏

*رئيس قسم الزراعة بدون تربة بالمعمل