«تطوير البحيرات»: الثروة السمكية أصبحت ركيزة أساسية لدعم الاقتصاد القومي

في ظل التغيرات الاقتصادية المتسارعة، لم تعد الثروة السمكية مجرد مصدر غذائي، بل تحولت إلى أحد الأعمدة الرئيسة لدعم الاقتصاد القومي المصري، وتحقيق التوازن في ميزان الصادرات والواردات، وفتح آفاق استثمارية غير تقليدية تواكب احتياجات الأسواق العالمية.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور صلاح مصيلحي، رئيس جهاز تنمية وتطوير البحيرات والثروة السمكية، أن تطوير صادرات الأسماك لم يعد خيارًا بل ضرورة ملحّة تسهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام، وخلق فرص عمل حقيقية، إلى جانب توفير مصادر جديدة للعملات الأجنبية، بما يعزز من القدرة التنافسية لمصر على الخريطة التجارية الدولية.
وأوضح مصيلحي أن التوسع في الأسواق الخارجية يتطلب من الشركات المصرية المصدرة للأسماك أن تواكب نظيراتها الدولية في جودة الإنتاج، والالتزام بالمواصفات الفنية، واستخدام أحدث تقنيات التصنيع والترويج، بما يُمكّنها من كسب حصة سوقية مؤثرة بين كبار المصدرين حول العالم.
وأشار رئيس الجهاز إلى أن هناك ارتفاعًا ملحوظًا في الطلب الحالي والمستقبلي على المنتجات السمكية المصنعة والنصف مصنعة، نتيجة لتغيرات اجتماعية واقتصادية واضحة، من أبرزها:
اتساع رقعة التحضر، خاصة في العاصمة والمدن الكبرى، ما أدى إلى تزايد الاعتماد على المنتجات الجاهزة والمصنعة.
تطور البنية التحتية، لا سيما شبكات الطرق والمواصلات، والتي ساهمت في تسهيل حركة الأسماك من مناطق الإنتاج إلى مراكز الاستهلاك دون فقد الجودة أو القيمة.
ارتفاع وعي المستهلك المصري بأهمية الغذاء الصحي، وتنامي الاتجاهات نحو البروتينات منخفضة الدهون، وفي مقدمتها الأسماك.
زيادة نسبة النساء العاملات، ما خلق طلبًا متزايدًا على الأغذية سريعة التحضير والنصف جاهزة، اختصارًا للوقت والجهد المبذول في إعداد الوجبات.
انتشار أجهزة التجميد والتبريد المنزلية، التي ساعدت على تخزين الأسماك المصنعة لفترات أطول دون التأثير على جودتها أو قيمتها الغذائية.
وأضاف مصيلحي أن القطاع يشهد تطورًا كبيرًا في تنويع المنتجات السمكية المصنعة لتلبية مختلف الأذواق والاحتياجات، مشيرًا إلى أن ذلك التوسع لا يقتصر على المستهلك الفردي فقط، بل يمتد ليشمل برامج التغذية الجماعية في عدد من القطاعات الحيوية، مثل:
المدارس والجامعات
المستشفيات والمصانع
القوات المسلحة والشرطة
برامج المعونات الغذائية والمبادرات المجتمعية
وأوضح أن هذه الخطوات تسهم في ترسيخ ثقافة الاعتماد على الأسماك كعنصر أساسي في الغذاء اليومي، ورفع معدلات استهلاك البروتين البحري، بما ينعكس إيجابًا على الصحة العامة للمواطنين.
في ضوء ما سبق، تبدو الفرصة سانحة أمام الأسماك المصرية لغزو المزيد من الأسواق العالمية، خاصة مع امتلاك مصر لمقومات طبيعية فريدة، تمتد من شواطئ البحرين إلى البحيرات الداخلية ومزارع الاستزراع السمكي الحديثة.
ومع استمرار الجهود في تطوير سلاسل الإنتاج والتصنيع والتغليف والتسويق، فإن القطاع السمكي في مصر بات مؤهلًا لأن يصبح ركيزة رئيسة من ركائز الصادرات غير البترولية، ورافدًا هامًا من روافد الاقتصاد الوطني، في وقت يبحث فيه العالم عن مصادر غذاء آمنة ومستدامة.