القطن المصري يتلون طبيعيًا ويشعل ثورة عالمية

في خطوة استراتيجية تعكس إصرار الدولة المصرية على استعادة أمجاد "الذهب الأبيض"، كشف الدكتور مصطفى عمارة، وكيل معهد بحوث القطن بوزارة الزراعة، عن خطط موسعة لإعادة القطن المصري إلى مكانته العالمية، من خلال إدخال أساليب إنتاج حديثة ومستدامة تحافظ على البيئة وتخدم صحة الإنسان والحيوان على حد سواء.
قطن بلا صبغات والبيئة الرابح الأكبر
وفي مفاجأة تعد الأولى من نوعها على مستوى الوطن العربي وأفريقيا، أعلنت مصر نجاحها في إنتاج "القطن الملون الطبيعي" الخالي من أي ملوثات بيئية أو ألوان صناعية. وتمت زراعة القطن بألوان متعددة، شملت الأخضر، والبني الفاتح المائل إلى الذهبي، والبني الداكن بدرجاته المختلفة، بنفس مواصفات القطن الأبيض من حيث الجودة والغزل، ما يفتح الباب واسعاً أمام طفرة اقتصادية جديدة تعتمد على منتج مطلوب عالمياً.
ولا يقتصر الأمر على الألوان الموجودة، إذ يجري معهد بحوث القطن حاليًا أبحاثا متقدمة لإنتاج ألوان جديدة أبرزها الأصفر الكناري، وسط توقعات بأن يحدث هذا الابتكار تحوّلًا نوعيًا في صناعة النسيج محليًا وعالميًا. وتمكنت الفرق البحثية من إنتاج البذور الأولية لهذا القطن تمهيدًا لاستقبال التعاقدات عليه، في وقت تُظهر فيه الأسواق العالمية اهتمامًا متزايدًا بهذا المنتج البيئي الفريد.
وفورة مائية وتكاليف أقل بنسبة 60%
ويتميز القطن الملون الطبيعي بعدم حاجته إلى عمليات الصباغة أو المعالجة الصناعية، مما يوفر نحو 50% من المياه المستخدمة مقارنة بالقطن الأبيض التقليدي، ويخفض تكاليف التصنيع بنسبة قد تصل إلى 60%، وهو ما يعزز من قدرته التنافسية على المستوى الدولي، خاصة مع تفوقه في متانة الخيوط وجودة الغزل مقارنة بالأصناف الأجنبية.
أصناف جديدة.. وجودة تتحدى المستحيل
وفيما يخص القطن الأبيض، أوضح الدكتور مصطفى عمارة أن المعهد نجح في استنباط أصناف جديدة تتميز بإنتاجية عالية وجودة فائقة، من بينها "سوبر جيزة 86" و"سوبر جيزة 94" و"سوبر جيزة 97" وهي من الأقطان طويلة التيلة المخصصة للوجه البحري، إلى جانب أصناف "أكسترا جيزة 92" و"أكسترا جيزة 96" و"أكسترا جيزة 93" و"أكسترا جيزة 45" ضمن فئة الأقطان فائقة الطول.
وأضاف أنه سيتم هذا الموسم التوسع تجاريًا في زراعة صنف "جيزة 98" في الوجه القبلي، بالإضافة إلى الاستمرار في زراعة "جيزة 95"، في إطار خطة الدولة لإعادة تشكيل خريطة زراعة القطن بأصناف تلبي احتياجات السوق المحلي والصناعات الوطنية بأجود الخامات وبأسعار تنافسية.
تسويق عادل وإنتاجية أعلى للمزارعين
وأشار عمارة إلى أن المنظومة الحديثة لتداول وتسويق القطن نجحت في القضاء على الوسطاء والسماسرة، ما أدى إلى ربط السعر المحلي للسوق بالأسعار العالمية، مع الالتزام بسعر ضمان يحقق للمزارعين ربحية مجزية ويزيد من حماسهم للتوسع في الزراعة، فضلًا عن تذليل العقبات التي كانت تعيق العلاقة بين المنتج والتاجر.
10.5 مليون فدان مزروعة... والطموح يصل إلى 25 مليونا
وعن المساحات المزروعة، كشف وكيل معهد بحوث القطن أن مصر وصلت حاليًا إلى زراعة 10.5 مليون فدان، بعد إضافة 4.5 مليون فدان جديدة ضمن مشروعات قومية كبرى مثل مشروع الدلتا الجديدة ومستقبل مصر، مؤكدًا أن البلاد بحاجة للوصول إلى 25 مليون فدان لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الصادرات الزراعية.