علماء يكشفون سر خسائر مزارع الدواجن الكبرى

حذّر الدكتور عبد الرحيم ريحان، الباحث في معهد بحوث الإنتاج الحيواني، من أن أي خلل في منظومة التغذية يؤدي إلى نتائج كارثية قد يصعب تداركها، موضحًا أن تغذية الدواجن تُعد أكبر بند في مصروفات الإنتاج، وأي خلل فيها يؤثر مباشرة على النمو والإنتاج والصحة العامة للطائر.
وشدد على أن التغذية غير المدروسة لا تؤدي فقط إلى خسائر اقتصادية، بل تسبب أيضًا تدهورًا صحيًا للطائر، ما يجعل من الضروري التعامل مع هذه المرحلة بمنتهى الدقة والوعي العلمي.
ثورة علمية في مكونات الأعلاف... تقنيات حديثة لتحسين الامتصاص
وأوضح ريحان أن الأبحاث العلمية الحديثة باتت تركّز على تعظيم الاستفادة من المكونات العلفية بأقل كمية ممكنة، وهو ما يشكل توجّهًا عالميًا بين الشركات المتخصصة في الأعلاف.
ولفت إلى أن بعض الخامات العلفية، مثل كسب فول الصويا، تخضع حاليًا لعمليات حيوية دقيقة مثل التخمير البيولوجي قبل تقديمها للطائر، وتتضمن هذه العمليات إضافة إنزيمات أو بكتيريا نافعة تساعد في تحليل مكونات العلف داخل الجهاز الهضمي للطائر، مما يسهم في تحسين الامتصاص وتقليل الفاقد، وبالتالي تقليل الكميات المستخدمة من العلف دون التأثير على معدلات الإنتاج.
استثمار بلا دراسة غذائية... مخاطرة قد تطيح بالمشروع
وأكد الدكتور ريحان أن صناعة الدواجن ليست مجالًا لتجربة الحظ أو العمل العشوائي، بل هي صناعة دقيقة تتطلب حسابًا علميًا دقيقًا لكل المدخلات والمخرجات، وعلى رأسها الأعلاف.
وأضاف أن أي استثمار لا يضع في اعتباره احتياجات الطائر الغذائية وتوازنها سيفشل لا محالة، مهما توفرت له الإمكانيات الأخرى.
صناعة الدواجن... ركيزة استراتيجية للأمن الغذائي
ولا يخفى على أحد أن صناعة الدواجن أصبحت من المشروعات الاستراتيجية الحيوية التي تدعم الأمن الغذائي الوطني، وتوفر بديلًا فعالًا للحوم الحمراء في ظل الارتفاع العالمي لأسعارها. ومن هذا المنطلق، فإن الحفاظ على هذه الصناعة وتطويرها يتطلب وعيًا متجددًا من جميع المعنيين بها، من المستثمرين والمربين، وصولًا إلى الفنيين والعاملين بالمزارع.
المستقبل يبدأ من تغذية سليمة ومدروسة علميًا
إن التغذية لم تعد مجرد بند في الميزانية، بل أصبحت أداة بقاء وتفوق، وجزءًا من منظومة أوسع تسعى الدولة من خلالها إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من البروتين الحيواني. ومع تطور الأساليب العلمية واعتماد نظم حديثة في إعداد وتقديم الأعلاف، بات من الممكن تحسين كفاءة الإنتاج، وتقليل التكاليف، وزيادة العائد.
التغذية الدقيقة للدواجن... مفتاح الأمن الغذائي ومواجهة الغلاء
وأشار في ظل التحديات الاقتصادية وارتفاع تكاليف الأعلاف، تبرز تغذية الدواجن كأحد الأعمدة الأساسية في الحفاظ على استقرار صناعة الدواجن وضمان استمراريتها. ويؤكد الخبراء أن التغذية السليمة لم تعد مجرد عنصر داعم، بل أصبحت حجر الأساس الذي تُبنى عليه هذه الصناعة الحيوية، خاصة أن الغذاء وحده يمثل أكثر من 70% من التكاليف المتغيرة
واختتم: في زمن التحديات الاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الخام، تفرض تغذية الدواجن العلمية والمدروسة نفسها كضمانة لاستمرار الإنتاج وكفاءة السوق. وبدلاً من الركض وراء الأعلاف المكلفة، بات الحل الحقيقي يكمن في الإدارة الذكية لمكونات الغذاء، والاستفادة من كل جرام يدخل إلى جسم الطائر.