الأرض
موقع الأرض

الذكاء الاصطناعي يقتحم الزراعة لمواجهة التغير المناخي

اسلام موسى -

أكد الدكتور محمد على فهيم رئيس مركز معلومات تغير المناخ، أن الدولة المصرية تخوض معركة حقيقية للحفاظ على أمنها الغذائي واستقرارها الزراعي، لمواجهة متسارعة لتداعيات التغير المناخي، مستندة إلى أدوات العلم والتخطيط المسبق، وسط تصاعد الظواهر الجوية القاسية مثل موجات الحر غير المسبوقة والأمطار غير الموسمية وحرائق الغابات العابرة للقارات.

وأوضح، رئيس مركز معلومات تغير المناخ، أن وزارة الزراعة تقف في طليعة الجهود الوطنية لمواجهة هذا الواقع المناخي المستجد، برؤية شاملة ترتكز على البحث العلمي، والتخطيط الاستباقي، والتدخلات العملية. وتحرص الوزارة على حماية صغار المزارعين، باعتبارهم العمود الفقري للإنتاج الزراعي في مصر، من خلال تمكينهم من أدوات التكيف السريع والفوري.

وزير الزراعة واستصلاح الأراضي علاء فاروق شدد على أن التعامل مع التغير المناخي لم يعد ترفًا أو قضية مستقبلية، بل بات ضرورة يومية تتطلب استجابة عاجلة تبدأ بالتنبؤ العلمي وتنتهي بالتنفيذ الميداني. وتشمل الخطة الوطنية لمواجهة التغيرات المناخية عدة محاور حيوية، أبرزها: تعزيز نظم الإنذار المبكر، إعادة هيكلة الخريطة الزراعية، نشر ممارسات الزراعة الذكية مناخيًا، تحديث أنظمة الري، والتوسع في استخدام الطاقة المتجددة. كما تولي الخطة أهمية قصوى لتطوير منظومة الإرشاد الزراعي، لتكون موجهة خصيصًا للتعامل مع الطوارئ المناخية.

ويقوم مركز معلومات تغير المناخ بدور محوري في رسم خريطة المخاطر المناخية على مستوى المحافظات، ويوفر يوميًا تحليلات دقيقة وتحذيرات استباقية يتم تعميمها على المديريات الزراعية والمزارعين في صورة توصيات تنفيذية. وأوضح فهيم أن المركز يستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي وصور الأقمار الصناعية لدعم اتخاذ القرار الزراعي من الحقل إلى صانع القرار، ما يجعل من التكنولوجيا أداة استراتيجية في معركة المناخ.

ولم تقتصر الاستجابة على الجوانب التقنية فقط، بل امتدت إلى بُعد مجتمعي وثقافي، حيث دعا فهيم إلى إطلاق حملة وطنية شاملة للتوعية بالتغيرات المناخية، تحت مظلة وزارة الزراعة، وبمشاركة فاعلة من المؤسسات الإعلامية والتعليمية والدينية، بهدف "توطين ثقافة المناخ" وتغيير السلوك البيئي لدى الأفراد والمزارعين على حد سواء.

وفي إطار خطتها التكيفية، تعمل الوزارة على إعادة هيكلة منظومة إنتاج التقاوي، مع التركيز على الأصناف المبكرة النضج والمتحملة للجفاف، خاصة في المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة والزيتون. كما يجري تطوير آلية تأمين زراعي جديدة لصغار الفلاحين المتضررين من موجات الحرارة والصقيع، بالتعاون مع وزارة المالية وهيئة الرقابة المالية.

ويدعم مركز البحوث الزراعية هذه الجهود بخبراته العلمية، حيث أكد الدكتور عادل عبد العظيم، رئيس المركز، أن البحوث التطبيقية المنفذة في أكثر من 20 معهدًا بحثيًا تغطي جميع أوجه التأثير المناخي، من تطوير أصناف جديدة مقاومة للحرارة، إلى تصميم نظم ري ذكية، وصولاً إلى مقاومة الآفات التي تغيرت أنماطها نتيجة لاضطراب المناخ.

ويتم نقل هذه المعرفة مباشرة إلى الحقول من خلال حملات إرشادية وتجارب ميدانية في المناطق الأكثر تأثرًا مثل شمال الدلتا وسيناء وغرب المنيا، ضمن منظومة متكاملة تهدف إلى الربط المباشر بين نتائج البحوث وواقع المزارعين.

كما يجري حاليًا تحديث قواعد بيانات المخاطر البيئية والمناخية، بالتوازي مع دعم مشاريع دولية للتكيف المناخي، وتوسيع الشراكات مع المنظمات العالمية المتخصصة، بما يعزز من قدرة الدولة على الصمود في وجه التحديات المناخية القادمة.

ويجمع الخبراء في مركز معلومات تغير المناخ ومركز البحوث الزراعية على أن المواجهة مع التغيرات المناخية ليست خيارًا، بل معركة وجود حقيقية، تتطلب تعبئة شاملة للعلم، والتكنولوجيا، والتخطيط المؤسسي، لضمان استمرار الزراعة المصرية كركيزة أساسية للأمن القومي والغذائي في ظل عالم يتغير مناخيًا بوتيرة غير مسبوقة.