الأرض
موقع الأرض

أمراض خطيرة تضرب الدواجن في الأنظمة المفتوحة

اسلام موسى -

تظل صناعة الدواجن أحد الأعمدة الرئيسية في توفير البروتين الحيواني لملايين الأسر. هذه الصناعة الاستراتيجية، التي ازدهرت لعقود، تواجه اليوم تحديات هيكلية وتقنية، لاسيما في نظم التربية المفتوحة التي ما زالت تُستخدم على نطاق واسع في العديد من المحافظات.

من الماضي إلى الحاضر: نظم مفتوحة وأزمات متكررة

في بداياتها، اعتمدت تربية الدواجن على "العنابر المفتوحة"، وهي نماذج بسيطة في بنيتها، منخفضة التكاليف نسبيًا، لكنها عالية المخاطر. ورغم أنها لعبت دورًا محوريًا في دعم الأمن الغذائي لعقود، فإن هذا النمط من التربية أصبح اليوم مكلفًا من نواحٍ عدة.

واحدة من أبرز المشكلات التي تعاني منها هذه النظم هي ضعف كثافة التربية، حيث يضطر المربون إلى تقليل عدد الطيور داخل العنبر – غالبًا لا يزيد العدد عن 2000 إلى 2500 طائر – تجنبًا لارتفاع معدلات النفوق الناتجة عن الحرارة المرتفعة خلال فصل الصيف.

ولتقليل الحرارة داخل العنابر، يلجأ البعض إلى استخدام الرذاذ المائي كحل سريع، غير أن هذا الإجراء يؤدي إلى رفع نسبة الرطوبة، ما يخلق بيئة خصبة لانتشار أمراض خطيرة مثل الكوكسيديا والكولوستريديا، والتي تؤثر بشكل مباشر على معدلات النمو وتحويل العلف وتجانس القطيع.

العنابر المغلقة: حل تقني يواجه التحديات

في المقابل، أثبتت العنابر المغلقة ونظم التربية بالبطاريات تفوقها من حيث الأداء الصحي والإنتاجي. فالبيئة المغلقة تسمح بالتحكم الكامل في درجات الحرارة والرطوبة والتهوية، وتحول دون تماس الطيور مع أرضية العنبر، ما يقلل بشكل ملحوظ من فرص الإصابة بالأمراض.

هذه العوامل مجتمعة تساهم في تقليل معدلات النفوق وتحسين مؤشرات التحويل الغذائي، ما يجعل الطيور المنتجة في هذه الأنظمة أكثر تنافسية من حيث الوزن والحجم والجودة، ويمنحها فرصًا أكبر في التسويق المحلي والتصدير.

التكلفة والخسارة: معادلة صعبة للمربين

الخسائر الاقتصادية التي يتكبدها مربو الدواجن في العنابر المفتوحة لا تقتصر على الأمراض والنفوق فحسب، بل تمتد إلى ضعف جودة المنتج النهائي، الأمر الذي يقلل من فرص تسويقه ويُفقده قدرته التنافسية. وفي ظل تذبذب أسعار العلف وارتفاع تكاليف التشغيل، تصبح تلك الخسائر عبئًا يهدد استمرارية العديد من المشروعات الصغيرة والمتوسطة في هذا القطاع.

نحو المستقبل: تطوير البنية وتحفيز التحول

أمام هذه التحديات، تبدو التحولات المستقبلية ضرورية لضمان استدامة صناعة الدواجن. ويتطلب الأمر خطة وطنية متكاملة لدعم المربين في التحول من نظم التربية المفتوحة إلى أنظمة حديثة مغلقة، تشمل توفير الدعم الفني والتمويل المناسب وتدريب الكوادر على أساليب الإدارة الحديثة في التربية.

كما يجب أن تتبنى الدولة آليات رقابة وإرشاد زراعي فعالة، وتعمل على تعزيز الوعي البيطري والصحي بين صغار المربين، من أجل تقليل معدلات الإصابة والخسائر، وزيادة إنتاجية الطيور بشكل يتماشى مع معايير السلامة الغذائية ومتطلبات السوق.

الاستثمار في المعرفة والتقنيات... ضرورة لا رفاهية

في ظل التغيرات المناخية والضغوط الاقتصادية، لم يعد تطوير صناعة الدواجن خيارًا، بل ضرورة ملحة لضمان الأمن الغذائي المصري، وتعزيز قدرته التنافسية في الأسواق الإقليمية والدولية. ويبقى التوجه نحو التربية المغلقة وتكنولوجيا البطاريات خطوة حاسمة في هذا المسار، تعكس فهماً عميقًا للتحديات، ورؤية واعية نحو المستقبل.