الأرض
موقع الأرض

الأنسجة النباتية.. سلاح الزراعة الحديثة في مواجهة التغيرات المناخية

اسلام موسى -

أوضحت الدكتورة شيرين المراسي، الباحث الأول بمعهد بحوث المحاصيل السكرية بمركز البحوث الزراعية، أن زراعة الأنسجة النباتية تُعد من أحدث تقنيات الإكثار النباتي وتحسين الصفات الوراثية، مشيرة إلى أنها تعتمد على استخدام خلايا أو أنسجة نباتية (مثل الأوراق أو السيقان أو الجذور) وزراعتها داخل بيئة غذائية صناعية معقمة لإنتاج نباتات جديدة تحمل الصفات الوراثية المرغوبة.

من مختبرات الأبحاث إلى الحقول.. زراعة الأنسجة تغيّر قواعد اللعبة

لم تكن زراعة الأنسجة يومًا مجرد أداة بحثية في المعامل، بل تحولت تدريجيًا إلى أداة فعالة لمساعدة القطاع الزراعي على التأقلم مع الظروف المناخية القاسية، وقدّمت حلولًا عملية أثبتت جدواها ميدانيًا في تحسين جودة الإنتاج الزراعي وكفاءته.

وأوضحت المراسي أن هذه التقنية المتقدمة وفرت حلولًا عملية على عدة مستويات:

1. استنباط أصناف مقاومة للضغوط البيئية

من خلال اختيار خلايا نباتية تمتلك مقاومة طبيعية للجفاف والحرارة والملوحة، بات من الممكن إنتاج سلالات جديدة تتحمل تلك الظروف، مما يضمن استمرار الإنتاج حتى في البيئات الهشة.

2. رفع إنتاجية المحاصيل الزراعية

أتاحت زراعة الأنسجة إمكانية إنتاج أعداد كبيرة من النباتات خلال وقت قياسي، مقارنة بالطرق التقليدية، بالإضافة إلى تسريع عمليات التحسين الوراثي واستنباط الأصناف الجديدة.

3. إنتاج نباتات خالية من الأمراض

نظرًا لاعتمادها على بيئات معقمة، تسهم التقنية في الحد من انتشار الأمراض النباتية والآفات، خاصة في ظل ازدياد معدلاتها بسبب اضطرابات المناخ.

4. الحفاظ على التنوع الوراثي

من خلال حفظ الخلايا النباتية في بنوك الجينات بتقنية التجميد، يتم الحفاظ على الأصناف النادرة والمهددة بالانقراض، وهو أمر بالغ الأهمية في ظل الحاجة المتزايدة لنباتات قادرة على التكيف المستقبلي.

5. ترشيد استخدام الموارد الطبيعية

لا تحتاج زراعة الأنسجة إلى مساحات زراعية كبيرة، كما أنها تتيح زراعة النباتات في غرف يتم التحكم في ظروفها المناخية، ما يؤدي إلى تقليل استهلاك المياه، وخفض استخدام المبيدات والأسمدة، وبالتالي تقليل التلوث البيئي.

6. دور بيئي واعد في امتصاص الكربون

تفتح التقنية أيضًا آفاقًا جديدة لتطوير نباتات ذات قدرة أعلى على امتصاص ثاني أكسيد الكربون، والمساهمة في مكافحة الاحتباس الحراري، بالإضافة إلى دعم جهود إعادة التشجير ومكافحة التصحر.

تطبيقات عملية تؤكد الجاهزية والاستجابة المناخية

لم تتوقف زراعة الأنسجة عند حدود التنظير العلمي، بل أثبتت نجاحها من خلال تطبيقات عملية على الأرض، منها:

تطوير أصناف من القمح والأرز تتحمل الجفاف.

تحسين إنتاجية الأشجار المثمرة والنباتات الطبية في المناطق القاحلة.

إعادة زراعة الغابات والنباتات البرية المتضررة بفعل المناخ، مثل أشجار المانجروف الساحلية.

إنتاج نباتات مقاومة للملوحة مثل الطماطم والبطاطس.

وأشارت أنه في وقت تتسارع فيه آثار التغيرات المناخية مهددةً منظومات الزراعة التقليدية، تبرز تقنية زراعة الأنسجة النباتية كأحد أهم الحلول العلمية التي فرضت حضورها بقوة على خريطة التنمية الزراعية المستدامة. فقد أصبحت هذه التقنية الحديثة خيارًا استراتيجيًا لا غنى عنه لمواجهة أزمات الجفاف، والتصحر، وملوحة التربة، وانخفاض إنتاجية المحاصيل.

زراعة الأنسجة.. أداة المستقبل لأمن غذائي مستدام

في ظل التحديات المتفاقمة الناتجة عن التغير المناخي، أصبحت زراعة الأنسجة النباتية ليست مجرد خيار تقني، بل ضرورة وطنية لضمان الأمن الغذائي المصري وتحقيق الاستدامة البيئية. وتشير الدكتورة شيرين المراسي إلى أن إنشاء معامل حديثة لتقنيات زراعة الأنسجة، سواء على مستوى الجهات الحكومية أو القطاع الخاص، يمثل استثمارًا استراتيجيًا يجب الإسراع في تنفيذه.