كتيبة تعمير للزراعة .. لا مفر من النجاح

-
بقلم: محمود البرغوثي
لو كان الدكتور عبد المنعم البنا الوزير الحالي للزراعة واستصلاح الأراضي، اختار بنفسه فريقه المعاون، لما فاز بمثل أعضاء الكتيبة الثلاثية التي أهديت إليه .. حيث تكفي سيرها الذاتية منفردة أو مجتمعة تحت إشرافه، لإقالة عثرة قطاع الزراعة المصرية، بعد أن تلقى ضربات عديدة، دمغته بالفساد والتحلل.
الدكتور عبد المنعم البنا نجح في رئاسة مركز البحوث الزراعية خمسة أعوام، مرت بها الزراعة المصرية بعدة أهوال، كانت كفيلة بإناخة الجمال، وإذابة الجبال، وحظي بما لم يحظ به وزير من قبله، حيث يشاركه - كوزير - ثلاثة نواب يحملون عن كاهله الملفات الفنية المتعلقة باستصلاح الأراضي، وإنتاج الغذاء النباتي، وتنمية الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية، ويحظى كل منهم باستقلالية الفكر، كما يملك الصلاحيات التي تطوع له القرار، بالتنسيق مع رؤساء القطاعات التي تندرج تحت مسئوليته، وإخطار الوزير بالنتائج.
لم يحظ وزير زراعة سابق، حتى يوسف والي نفسه، بفرصة تعيين رئيس مركز البحوث الزراعية، حيث ترقى البنا إلى مقعد الوزير وهو رئيس للمركز، لتتاح له فرصة ترشيح شخص يتفق مع هواه سياسيا وفنيا وإداريا، وبذلك يمتلك – من الله - عصا المايسترو لكتابة "نوتة بحثية" تحقق "هارموني" التناغم مع البرامج الفنية في الوزارة.
ولمن لا يعرف أعضاء كتيبة التعمير الجديدة في وزارة الزراعة، فإن الدكتورة منى محرز خبيرة مصرية ودولية في مجال تنمية الثروة الحيوانية، حث بدأت حياتها الوظيفية بعد تخرجها من كلية الطب البيطري ـ جامعة القاهرة، في معهد بحوث صحة الحيوان، التابع لمركز البحوث الزراعة، وبلغت فيه درجة الأستاذية، بعد حصولها على الدكتوراة من جامعة ميتشجان الأمريكية.
ومن المواقع التي كانت بمثابة أوعية الخبرة لمحرز، رئاسة وحدة الأورام السرطانية ونقص المناعة في معهد بحوث صحة الحيوان، ثم رئاسة المعمل المركزي للرقابة البيطرية على الإنتاج الداجني، ثم مديرة تنفيذية لمعهد بحوث صحة الحيوان، ووكيل مركز البحوث الزراعية لشئون الإنتاج، قبل تكليفها برئاسة المكتب الزراعي المصري في الولايات المتحدة الأمريكية، لتعود إلى مصر في نوفمبر 2015.
أما الدكتور محمد عبد التواب نائب وزير الزراعة لشئون استصلاح الأراضي، فقد تم اختباره في الحقل العملي فنيا وإداريا، بما يثبت جدارته بدرجة "وزير" أيضا للزراعة، حيث تدرج وظيفيا في معهد بحوث الأراضي والمياه حتى نال درجة رئيس بحوث "أستاذ"، قبل انتدابه من مركز البحوث لشغل المدير التنفيذي للهيئة العامة لجهاز تحسين الأراضي.
نجح عبد التواب في إعادة الجهاز إلى وظيفته الفنية، بتأهيل أجهزته وكوادره البشرية الفنية، واستطاع تحديث معداته التي تستخدم في تطهير الترع والمصارف، وتنفيذ إزالات التعديات على الأراضي الزراعية في عموم مصر، وأسندت إليه أيضا مهمة إدارة هيئة مشروعات التعمير والتنمية الزراعية لفترة انتقالية.
حانت الفرصة القصيرة لعبد التواب في هيئة التعمير، لأن يتعرف في محطتها القصيرة على مشاكل مزارعي الصحراء، وذلك أيضا قبل تكليفه بالإشراف على وحدة تطوير الري الحقلي، ليمتلك خبرات فنية متنوعة في معظم قطاعات الوزارة.
وبقراءة ملف الدكتور صفوت الحداد، نجد أنه الخبير الفني الذي نشأ وترعرع في كنف وزارة الزراعة أيضا، منذ تم تعيينه كإخصائي زراعي ثالث في معهد بحوث أمراض النباتات عام 1981، ليتدرج بحثيا وفنيا إلى درجة رئيس بحوث "أستاذ" في المعهد ذاته، قبل أن يتم ندبه فنيا وإداريا إلى طاحونة العمل الفني والإداري في وزارة الزراعة.
تم تكليف الحداد مديرا تنفيذيا لمشروع حصر العفن البني في البطاطس، ثم رئيسا للإدارة المركزية للحجر الزراعي، ثم رئيسا لقطاع الخدمات والمتابعة في الوزارة، قبل تكليفه رئيسا للمكتب الزراعي المصري في واشنطن.
النواب الثلاثة لوزير الزراعة يستطيعون بفعل خبراتهم العملية، فك فرامل التنمية الزراعية بسرعة هائلة، ليس بالعزف المنفرد، ولكن بتشريح قطاعاتهم بهدف الوصول إلى روابط تكاملية جديدة تساعدهم على الآتي:
- إعادة مشروع البتلو المصري لسد عجز في اللحوم الحمراء قوامه نحو 255 ألف طن سنويا، وسد فجوة زيت الطعام الذي نستورد منه نحو 97% من استهلاكنا المحلي، إضافة إلى سد فجوة السكر البالغة نحو 400 ألف طن سنويا، والذرة الصفراء التي نستورد منها سنويا نحو 7 ملايين طن، وهذا المحور يتطلب المشاركة الثلاثية بدعم الوزير، من خلال ضربة واحدة تتجسد في إعادة الاعتبار للقطن المصري، والمحاصيل الزيتية والسكرية.
زراعة 2 مليون فدان قطن بالتدريج، مثلما كنا قبل التسعينيات، تفيد في إعادة خصوبة التربة، وإنتاج النسيج الأغلى عالميا، ثم الحصول على بذرته التي نستخرج منها زيت الطعام، وتوجيه "التفلة" إلى صناعة الكسبة "العلف الحيواني" الأغلى قيمة غذائية.
- إعادة زراعة القطن والذرة الصفراء وجميع المحاصيل الزيتية والسكرية، تتطلب مشروعا قوميا لصيانة التربة المصرية، بداية من إعادة تأهيل مشروع الصرف المغطى، حتى يكون مشروع الري الحقلي ذا قيمة، ثم إعادة تأهيل قطاع الميكنة الزراعية للاستفادة من خدمات 130 محطة في ربوع مصر، وتوجيهها لخدمة موظفي القطاع، وبالتالي خدمة الفلاحين، سواء في عمليات ما قبل الزراعة، أو الحصاد وما بعده.
ـ زراعة مليون فدان بالذرة الصفراء، مهمة ثلاثية بين النواب الثلاثة، إذ يناط بمنى بمحرز إبرام عقد مع شركات الإنتاج الداجني، على شراء المحصول بالسعر العادل لهم وللفلاح، كما يناط بالحداد الإشراف على الزراعة والإنتاج لضمان إنتاجية رأسية مربحة، وقبل ذلك يكون عبد التواب قد أعد العدة لتهيئة هذه المساحات بخصوبة تحقق المستهدف منها.
نهاية: لا مفر لعبد المنعم البنا من نجاح إعادة الثقة إلى وزارة الزراعة، ليينجيها بإذن الله من مخطط تقسيمها، شرط تنحية التوجيهات اليومية المفاجئة التي وصفها وزراء سابقون، بأنها تتقاطع مع خططهم، فتعطلهم عن تنفيذ رؤاهم الخاصة.