باكستان تواجه تحديات الاستدامة في إنتاج الأرز.. من أزمة المياه إلى انبعاثات الكربون
على الرغم من الزيادة الكبيرة في مساحة زراعة الأرز في باكستان التي بلغت 29% خلال العشر سنوات الماضية، إلا أن هذا التوسع في الإنتاج يواجه تحديات بيئية خطيرة تهدد استدامته.
وفقا لتقرير جديد صادر عن بنك التنمية الآسيوي (ADB)، يواجه قطاع الأرز في باكستان مشاكل رئيسية تتعلق باستخدام المياه بشكل مفرط وانبعاثات غازات الدفيئة، التي تؤثر سلبا على البيئة والمناخ.
ويكشف التقرير، الذي يحمل عنوان "الانتقال إلى إنتاج أرز مرن منخفض الكربون في باكستان"، عن أن الطرق التقليدية في زراعة الأرز، وخاصة غمر الحقول بالمياه بشكل مستمر، تخلق بيئة منخفضة الأكسجين في التربة، مما يؤدي إلى إطلاق كميات كبيرة من غاز الميثان، وهو أحد الغازات الدفيئة الرئيسية التي تساهم في تسريع ظاهرة الاحتباس الحراري. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الطريقة تستهلك كميات ضخمة من المياه بسبب التبخر المستمر، مما يجعل الأرز أكبر مستهلك للمياه العذبة في البلاد.
وبحسب التقرير، يدعو بنك التنمية الآسيوي إلى تبني أسلوب "الترطيب والتجفيف البديل" كحل لتحسين استدامة إنتاج الأرز. هذا الأسلوب، الذي يتضمن تجفيف الحقول بشكل دوري بين فترات الري، يمكن أن يقلل بشكل كبير من استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 30%، كما يقلل من انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة تتراوح بين 30% و70%. ورغم أن هذه الطريقة أظهرت نتائج واعدة في دول أخرى، إلا أن إمكانية تطبيقها على نطاق واسع في باكستان لا تزال قيد الدراسة.
حاليا، يجري جمع وتحليل بيانات من تجربة ميدانية في منطقتي شيخوبورا وأوكارا في إقليم البنجاب، بهدف تقييم أثر هذه الطريقة على إنتاج الأرز وعلى تقليل الانبعاثات وتحسين استخدام المياه. وتُعد هذه الدراسة الأولى من نوعها في باكستان التي تركز على قياس انبعاثات غازات الدفيئة من أنظمة الأرز، ما سيُساهم في تحسين قاعدة البيانات المتعلقة بالمناخ وتطوير أسس علمية لتحديد السياسات المناسبة في المستقبل.
ومع تزايد صادرات الأرز التي ارتفعت بنسبة 95% على مدار العقد الماضي، أصبح الأرز ثاني أكبر صادرات باكستان بعد القطن، حيث يُساهم بحوالي 3.7 مليار دولار في الاحتياطيات الوطنية من النقد الأجنبي. ورغم هذا النجاح، لا يمكن تجاهل تأثير قطاع الأرز الكبير على الموارد المائية والتحديات البيئية التي تترتب على استدامته.
وتظهر الأرقام أن الأرز يشكل أكبر مستهلك لمياه الري في باكستان، بينما يساهم في الوقت ذاته بنسبة ضئيلة من الناتج المحلي الإجمالي (1%). ورغم بعض الإصلاحات الأخيرة في البنجاب التي استهدفت تحسين آليات تسعير المياه، إلا أن هذه التغييرات لم تُسهم بشكل فعال في تحفيز اعتماد تقنيات توفير المياه. إذ أن ضعف الحيازات الصغيرة وعدم وجود أنظمة لتخزين المياه في المزرعة يزيد من صعوبة تحسين كفاءة استخدام المياه.
وبالنظر إلى هذه التحديات، من المهم أن يتم توجيه الجهود نحو تحسين تقنيات الري وتعزيز الاستدامة البيئية في قطاع الأرز. من خلال التوسع في تطبيق أسلوب "الترطيب والتجفيف البديل" وغيره من الأساليب المستدامة، يمكن لباكستان تقليل تأثير الزراعة على البيئة، مع الحفاظ على مستوى الإنتاج المطلوب لدعم الاقتصاد الوطني.