ركود تضخمي.. قصة إنهاك ملايين الفلاحيين برفع أسعار الوقود
يشقى نصف عام كامل، في "عز" الصيف والشتاء، من أجل لقمة عيش "حلال"، هكذا حال مزارعي مصر، تعب وشقاء بلا مقابل، بل يقبلون كل قرار ربما يؤثر على حياتهم، آخرها قرار رفع أسعار الوقود، البنزين والسولار والغاز، وهو ما أثر عليهم بالسلب، بل تأكيدهم أن "الزراعة مش جايبه همها".
مزارعون وخبراء اقتصاديون، أكدوا أن الفلاح هو الأكثر تضررا من قرار رفع أسعار الوقود، كونه يمثل نسبة كبيرة من مستلزمات الإنتاج للمزرعين، مؤكدين أن هذه الزيادة ستتسبب في حالة الركود التضخمي، بالإضافة إلى تأثير كبير على الصادرات المصرية، وعدم قدرة المنتج المصري على المنافسة في السوق العالمية.
الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي في جامعة القاهرة، قال إنه سيكون هناك تأثير كبير على المزارعين جراء ارتفاع أسعار الوقود، لافتا إلى أن الوقود يمثل نسبة لا تقل عن 20 % من مدخلات الإنتاج الزراعي.
وأوضح في تصريحات خاصة لـ "الأرض"، أنه سيكون هناك زيادة من 6% لـ 10 في تكلفة الإنتاج الزراعي، وأن المشكلة ليست في الزيادة المتوقعة بنسبة 10%، لكن الأزمة الكبيرة في الواقع الأكثر مشقة على المزارعين، فنسبة الـ 10 % هي زيادة فقط في مستلزمات الإنتاج، لكن هناك تكاليف أخرى تسويقية كالنقل والتخزين والتبريد، والتي ايضا ستشهد زيادة.
وتوقع "صيام"، زيادة في أسعار المنتجات للمستهلك بنسبة تصل إلى 15%، مؤكدا أن هذا الارتفاع في الأسعار له تأثير عكسي أيضا على المنتج، لأنه سيقلل الطلب على منتجه، وبالتالي المزارع يعاني من ارتفاع من أسعار المدخلات المرتفعة، وقلة الطلب على منتجاته، وهي دورة الركود التضخمي، التي تعد أخطر أنواع التضخم.
ولفت إلى أن الزيادة في الأسعار مع زيادة في الطلب لا يمثل مشكلة بل يعود بالنفع على المنتج، لكن زيادة الأسعار مع عدم وجود أي طلب على السلع، فهو كارثة كبيرة على المزارع.
وأشار إلى أن الزراعة المصرية ستفقد تنافسيها بالكامل في الصادرات، بسبب ارتفاع التكلفة، فكيلو الطماطم سيرتفع مقارنة بأسعاره في الدول المنافسة، هذه الزيادة سفقد مصر جزء من التنافسية أمام المنافسين في السوق العالمية، خاصة وأن أسعار الوقود ارتفعت ما يقرب من 5 مرات في السنوات الاخيرة.
وأوضح أن 80% من المزارعين يملكون أقل من 3 أفدنة، و95% أقل من 5 أفدنة، ودخل زراعة تلك المساحات30 % من دخل هذه الأسرة، وباقي الإنفاق يتم توفيره من خلال العمل بـ "اليومية"، بالإضافة إلى وجود جمود في الأجور، موضحا أن الزراعة في كل العالم مدعومة، ولابد من التعامل معها معاملة خاصة، فهي أقل الأنشطة الاقتصادية.
بينما أكد خالد سعودي، أحد مربي الدواجن، أن زيادة الوقود تسبب في ارتفاع كل مدخلات الإنتاج الخاصة بتربية الدواجن، مثل الفول الصويا والذرة والأعلاف وغيرها، مؤكدا أن زيادة السلعة لا تتناسب مع الزيادة المفترضة، لوجود زيادات إضافية للتجار غيرهم.
وأوضح "سعودي" لـ "الأرض"، أنه من المتوقع أن تزيد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك من نسبة 5%، إلى 20%، بسبب زيادة الأسعار، لافتا إلى أن لذلك تأثير على استيراد الدواجن من الخارج، لاحتمال عزوف المربين عن الإنتاج، مشيرا إلى أن لجنة شكلها الرئيس ومكونة من الدكتورة منى نائب وزير الزراعة، والدكتور نبيل درويش درويش رئيس اتحاد منتجي الدواجن، والتي وعدتهم بعدم الموافقة على أي طلب استيراد دواجن.
وأشار إلى أن احتياجات مصر من الدواجن تصل إلى 36 مليون فرخة في السنة، لكن على الرغم من ذلك استوردت مصر ما يقرب من 150 مليون فرخة، أي أربعة أضعاف الاحتياجات المحلية، وهذا تسبب في عدم بيع الفراخ المستوردة.
وقال الدكتور محمد شهاب، خبير الاستزراع السمكي، إن ارتفاع أسعار الدولار بالتزامن مع قرار الحكومة بارتفاع أسعار الوقود، تسبب في ارتفاع كبير في مدخلات الإنتاج السمكي، خاصة مدخلات الأعلاف والمزارع السمكية من ماكينات مياه وهوايات وأسعار النقل، مؤكدا أن ارتفاع أسعار الوقود سيتسبب في رفع أسعار العمالة أيضا، وبالتالي ارتفاع أسعار الأسماك.
وأكد في تصريحات لـ "الأرض" أن ارتفاع أسعار الأسماك ومنها البلطي أيضا، سيقابله ضعف في القوى الشرائية، الأمر الذي سيتسبب في حالة من الركود، مؤكدا ضرورة البحث عن سلاسلات جيدة للاستزراع بدلا من السلاسلات التي نستخدمها والتي لا تعتبر الأفضل، فهنك بعض الدول كالصين وأندونسيا، تستخدم سلاسلات تأخذ وقت أقل في الإنتاج، مشيرا إلى عدم وجود قدرة على المنافسة.
وأوضح أنه على مستوى العالم تراجع ترتيب مصر في إنتاج البلطي إلى الثالث بدلا من الثاني لحساب أندونسيا والصين هي الأولى.