السبت 20 أبريل 2024 مـ 12:18 مـ 11 شوال 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

د. معاطي قشطة يؤكد: سد النهضة مفيد لمصر

فى البداية لابد أن نتكلم عن اولا الموقع الجغرافي ، ثانيا عملية التغير المناخي.

أولا : الموقع الجغرافي لسد النهضة

يقع سد النهضة اسفل شمال شرق الهضبة الاثيوبية على بعد ٢٠ كيلومترا من الحدود السودانية وعلى ارتفاع ٥٠٠ متر من سطح البحر، بينما ترتفع الهضبة إلى أكثر من ٣٠٠٠ متر، كما توجد أماكن تصل إلى ٤٠٠٠ متر.
وهنا تتجه مياه الامطار اجباريا إلى أسفل وتتجمع فى بحيرة تانا، ثم تتجه شرقا إلى اسفل منحدرة ناحية السودان عن طريق النيل الازرق فى أيام الفيضان، ولقد بني السد فى منطقة صخرية و تتكون البحيرة بين المرتفعات فى تلك المنطقة كما أن مساحة الاراضى الزراعية التى يمكن زراعتها هناك على الرى محدودة .
معنى ذلك أن مياه البحيرة بعد امتلائها لا يمكن أن ترتد إلى الخلف فى الأعلى ولا يوجد طريق امامها إلا ناحية السودان ومصر من خلال السد، ولا يمكن حجبها بعد الملأ والا سوف تعبر من فوق السد نفسه وتحطمه وكانت تخوفات مصر أن تحدث عملية الملأ فى وجود فيضان منخفض، مما يؤثر على الوارد إلى مصر مؤقتا.
ولقد تم عملية الملأ الثالث وقبلها امتلات بحيرة ناصر عن أخرها وتحولت كميات زائدة إلى مفيض توشكى، وتوضح الصورة التى التقطت بالقمر الصناعى الاوربى يوم ٢ أغسطس ٢٠٢٢، صورة للمفيض وعدد من البحيرات الفرعية ألتى امتلأت، وهنا فى تلك المرحلة لاداعى للتخوف المصرى لوجود رصيد ضخم ببحيرة ناصر، وسوف ياتى من خلال سد النهضة من البحيرة التى امامه اثناء توليد الكهرباء حتى لو اتى الفيضان منخفض العام القادم والذى يليه لن يحدث.

ثانيا عملية التغير المناخى :

اثبتت المشاهد أن عملية التغير المناخي حقيقة، وقد تنبأ بعض الخبراء أن ارتفاع درجة حرارة الارض ستؤدى إلى جفاف شرق وشمال افريقيا، وكان رأيي مختلفا وهو أن ارتفاع حرارة الارض سوف يؤدى إلى زيادة البخر، وبالتالي زيادة سقوط الامطار وزيادة الفيضانات التى تسقط على الهضبة الإثيوبية، وهذا ما لاحظناه فى الثلاث اعوام الماضية على التوالى، وعلى عكس ذلك من المعروف أن أهم واردات الانهار فى المناطق الشمالية منها أوربا، هو انصهار الثلوج ألتى تسقط هناك اثناء الشتاء و بالطبع ارتفاع درجة الحرارة ستؤدى الى تقليل تساقط الثلوج وبالتالى تقليل مياه الانهار هناك، ومن خلال الصور الملتقطة لأحد الانهار الفرنسية (نهر لوران)، تبين الجفاف الذى أصاب النهر كما حدث لنهر الراين اى ان اوربا هى التى تأثرت بالسلب وهنا ثبت صحة توقعى منذ سنوات.

وبالعودة لصورة مفيض توشكى وملحقاته نجد أن تلك البحيرات امتلأت ولاول مرة اثناء الملأ الأول و الثانى والثالث والتى حجزت ٢٢ مليار متر مكعب امام سد النهضة وكان من الممكن أن يرتفع ذلك الرقم دون تأثير لو كانت المرحلة الرابعة قد تمت.

الخلاصة
*********
١- لايمكن لأثيوبيا أن تمنع المياه عن مصر مطلقا واغلب المياه، تعتبر رصيد اضافى لنا هناك حتى فى أيام الجفاف وسوف تتدفق ناحيتنا على مدار العام.
٢ - كانت مساحات ضخمة من الاراضى تغطى بمياه الفيضان فى شرق السودان، وكانت تفقد بكاملها وسوف تتوفر امام السد كما تستطيع السودان زراعتها لشدة خصوبتها معتمدة أساسا على مياه الأمطار.
٣- إذا استمر زيادة معدل سقوط الامطار كما هو متوقع سوف يزيد رصيد مصر كثيرا عن طريق رصيد بحيرة ناصر بالإضافة إلى رصيد بحيرة سد النهضة التى ستأتى مياهها لنا إجباري.
٤- فى حالة انخفاض واردات النهر احيانا وحجز المياه خلف السد سوف تنكمش مساحة مسطح بحيرة ناصر ويقل نسبة البخر هناك خاصة، إنها منطقة مرتفعة الحرارة والاقل فى العالم فى نسبة الرطوبة النسبية وهنا سوف يكون هناك توفير للمياه المفقودة إلى جانب ما كان سيفقد فى شرق السودان، مع العلم أن الفقد بواسطة البخر خلف سد النهضة أقل بكثير منه ببحيرة ناصر لاعتدال الجو بالهضبة الإثيوبية.
٥- لن تتعرض السودان إلى الكوارث التى تنتج عن فيضان النيل الازرق فى حال زيادتها، وسوف يتم توفير تلك الزيادة من المياه خلف سد النهضة كرصيد، أما مسألة أن اثيوبيا سوف تبنى عدد آخر من السدود الصغيرة قبل سد النهضة لتوليد الكهرباء، فهذا شئ ايجابى لتوفير المياه التى تفقد هناك اثناء انتشارها فى الوديان وقت الفيصان، وسوف تسلك طريقها إلى بحيرة سد النهضة على مدار العام ولكن ما سوف تحتجزه تلك السدود كميات قليلة، وللعلم معظم الزراعة فى اثيوبيا تعتمد على مياه الامطار التى تسقط على الهضبة ولا خوف من استخدام كميات كبيرة ومؤثرة من مياه البحيرة فى الزراعة.

واخيرا إذا قفلت اثيوبيا الحنفية علينا كما يقول البعض وهذا لا يمكن ان يحدث بسبب الحاجة لتوليد الكهرباء فإن المياه لنا أجلا أو عاجلا، أنا متفائل وما سوف يأتى لمصر على مدار العام من هناك بدلا من ان ياتى فى خلال أربعة أشهر سوف يزيد الوارد الذى سنستفيد منه بزيادة الرقعة الزراعية.

بالإضافة إلى انه سوف يزيد الخزان الجوفى فى جنوب غرب مصر ثراءا بالمياه المتسربة من المفيض.


واخيرا اشكر سيادة اللواء مهندس Farag Hamouda على بعض المعلومات وهو على خبرة وعلم واسع بشئون اثيوبيا حيث عاش هناك تسع سنوات ونحن متفقون من البداية فى هذا الرأي.
…………………….
* رئيس بحوث متفرغ في مركز البحوث الزراعية.