الأرض
الثلاثاء 15 يوليو 2025 مـ 09:34 مـ 19 محرّم 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

برامج وقائية متطورة تحاصر آفات الرمان الفتاكة

قال الدكتور طارق خلف البلك، رئيس قسم بحوث الزيتون واستشاري زراعة الرمان بـمعهد بحوث البساتين بمركز البحوث الزراعية، يمثل الرمان المصري، وخاصة المزروع بمحافظة أسيوط، واحدًا من أعمدة الزراعة التصديرية التي باتت تحظى باهتمام واسع من الدولة والمزارعين، في ظل ما يتمتع به من جودة عالية، وقابلية كبيرة لتلبية المواصفات العالمية للأسواق العربية والأجنبية، بما فيها السوق الروسية. وتقدر صادرات مصر من الرمان بأكثر من 200 ألف طن سنويًا، ما يعكس المكانة المتميزة لهذا المحصول على الخارطة الزراعية العالمية.

آفات تهدد المحصول... ومكافحة علمية دقيقة

يحذر الدكتور طارق البلك من أن شجرة الرمان تتعرض خلال فترة نموها لعدد من الآفات الحشرية، أبرزها:

المن

التربس

الأكاروس

دودة الثمار

بالإضافة إلى سوسة القلف وحفار الساق.

كما أشار إلى وجود أمراض فطرية خطيرة مثل:

عفن الجذور

عفن القلب ( الالترناريا)

وأكد أن هذه الآفات إن تُركت دون مكافحة، قد تؤدي إلى خسائر تتجاوز 25% من الإنتاج، وهي نسبة ليست بالقليلة في قطاع يعتمد على التصدير.

وأوضح الدكتور البلك أن لكل آفة توقيتًا ووسيلة مكافحة موصى بها من قبل وزارة الزراعة. فعلى سبيل المثال:

تتم مكافحة حشرتي المن والتربس خلال شهري مارس وأبريل.

يُكافح الأكاروس خلال أشهر أبريل ومايو ويونيو، خاصة بعد موسم حصاد القمح الذي يزيد من احتمالات الإصابة.

دودة الثمار تتطلب برنامجًا وقائيًا يبدأ في يونيو يشمل أربع رشات بفاصل 15 يومًا للحفاظ على الثمار.

أما الأمراض الفطرية، فينصح بزراعة الرمان على مصاطب لتقليل فرص الإصابة، إلى جانب الرش بمركبات النحاس عقب التقليم لتطهير الأشجار. كما يُوصى برشة وقائية ضد عفن القلب في شهري أبريل ومايو.

أسيوط.. عاصمة الرمان في مصر

تُعد محافظة أسيوط وتحديدًا مراكز البداري وساحل سليم وصدفا والفتح، من أكبر وأهم المناطق المنتجة للرمان في مصر، إذ تبلغ المساحة المزروعة من الرمان في مصر 80 ألف فدان، منها 10 آلاف فدان في أسيوط وحدها، مؤكداً أن كمية التصدير العام الماضي بلغت 2024 125 ألف طن.

ويؤكد الدكتور البلك أن مركز البداري يتمتع ببيئة مثالية من حيث درجة الحرارة والرطوبة والتربة ومياه النيل، ما يجعله مناسبًا لإنتاج رمان عالي الجودة. ويُعد صنف المنفلوطي من أشهر وأجود الأصناف المزروعة هناك، لما يتميز به من إنتاجية عالية وجودة متميزة.

موسم الحصاد وتنوع الأصناف

ينقسم الرمان المصري إلى نوعين:

أصناف مبكرة مثل صنف H116 والأسيوطي، وتنضج بين أواخر يوليو وأغسطس.

أصناف متأخرة مثل الوندرفل والحجازي، وتنضج في سبتمبر حتى نهاية نوفمبر.

هذا التنوع يمنح مصر نافذة تصديرية طويلة تناسب متطلبات الأسواق الخارجية، مع ثمار تتسم بنسبة سكر لا تقل عن 14%، ووزن يتراوح بين 300 إلى 450 جرام، وخلو تام من الإصابات الحشرية أو متبقيات المبيدات أو لفحة الشمس.

الدعم الفني والإرشاد الزراعي

يلعب معهد بحوث البساتين دورًا محوريًا في دعم مزارعي الرمان، من خلال:

زيارات ميدانية خلال موسم النمو.

دورات إرشادية لتوعية المزارعين بأفضل ممارسات الزراعة.

استشارات مباشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يمكن لأي مزارع تصوير المشكلة وإرسالها للفريق المختص.

أخطاء المزارعين المبتدئين.. دروس مهمة

أبرز الأخطاء التي يقع فيها المزارع المبتدئ هي:

اختيار صنف غير مناسب للمنطقة، مثل زراعة صنف متأخر في مناطق شديدة الحرارة، ما يؤثر سلبًا على تلوين الثمار وجودتها.

زراعة بأبعاد غير صحيحة، مما يعرض الثمار للإصابة بلفحة الشمس. وينصح الخبراء بزراعة الرمان على أبعاد 4×4 متر في الأراضي الطينية و3×4 متر في الأراضي الصحراوية لتحقيق التظليل الذاتي المثالي.

مواجهة التغيرات المناخية بالري الحديث

رغم تأثير التغيرات المناخية على جميع المحاصيل، إلا أن الرمان يُعتبر أقل تأثرًا نسبيًا. وقد لجأ المزارعون في أسيوط إلى نظام الري الحديث المقنن، حيث تم تحويل مساحات واسعة من الري بالغمر إلى:

الري بالتنقيط

أو الري بالغمر المقنن عبر المصاطب

هذه الأنظمة الحديثة ساهمت في توفير نصف كمية المياه المستخدمة، والحد من عفان الجذور وتشقق الثمار، مع استخدام شبكات ري محكمة التشغيل باستخدام الحواسب لضبط التوقيت والكميات المناسبة.

رؤية الدولة ودعم غير مسبوق

تحظى زراعة الرمان في مصر، وخاصة في أسيوط، باهتمام كبير من القيادة السياسية، حيث وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي وزارة الزراعة بتقديم الدعم الفني الكامل للمزارعين. كما يجري حاليًا:

إنشاء مصنع لتصنيع منتجات الرمان

إقامة محطات فرز وتعبئة داخل مناطق الإنتاج

وهي خطوة استراتيجية تضمن تعزيز القيمة المضافة وتقليل الفاقد وتحقيق أقصى استفادة من هذا المحصول الذهبي.

وأضاف أن معهد بحوث البساتين قام باستنباط صنف جديد من الرمان بساتين 101 ذو جودة عالية وصفات ثمرية جيدة من حيث التلوين الداخلي والخارجي ونسبة السكريات الكلية ومبكر في النضج.

الرمان المصري.. على أعتاب العالمية

وتابع رئيس قسم بحوث الزيتون واستشاري زراعة الرمان بـمعهد بحوث البساتين، أن ما يميز الرمان المصري، إلى جانب الجودة، هو قدرته على تلبية متطلبات الأسواق العالمية، من حيث الشكل والحجم ونسبة السكر وخلوه من الآفات. وهذا يجعل الرمان المصري، خاصة من أسيوط، مرشحًا قويًا لأن يصبح أيقونة عالمية في الأسواق الزراعية. وفي ظل الدعم البحثي والتقني من الجهات المختصة، وحرص الدولة على التوسع في زراعته وتصديره، يظل الرمان المصري أحد أهم كنوز التربة المصرية، التي لم تُكتشف كامل طاقاتها بعد.