الأرض
الإثنين 6 يناير 2025 مـ 10:30 مـ 7 رجب 1446 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

٥٥ مليون طن مخلفات نباتية سنوياً في مصر 

أستاذ الميكروبيولوجي يوضح أهمية تدوير المخلفات الزراعية والإستفادة منها

يختلف تقدير كمية المخلفات الزراعية الناتجة سنوياً عن النشاط الزراعي، وهذا الاختلاف والتضارب ناتج عن عدم وجود بيانات إحصائية سليمة خاصة بهذا الشأن.

وقال الدكتور راشد عبدالفتاح زغلول أستاذ الميكروبيولوجي

ووكيل كلية الزراعة لشئون التعليم والطلاب السابق بحامعة بنها أن وجود قاعدة بيانات يساعد في رسم السياسات الخاصة بعملية التخلص الأمن للمخلفات والإستفادة منها، حيث توضح قاعدة البيانات نوعية المخلف وكميته على مدى المواسم الزراعية.

وأوضح الدكتور راشد خلال تصريح لموقع "الأرض" أن كمية المخلفات الزراعية فى جمهورية مصر العربية تقدر بحوالى 55 مليون طن سنوياً منها حوالى 33 مليون طن مخلفات نباتية يستفاد منها بحوالي 10 مليون طن فى تصنيع الأعلاف و 9 مليون طن فى إنتاج السماد العضوي الصناعى ويتبقى 14 مليون طن بدون إستفادة، ومخلفات حيوانية تبلغ 22 مليون طن سنوياً ويستفاد منها بحوالي 10 مليون طن فى إنتاج السماد العضوي الصناعى ويتبقي نحو 12 مليون طن سنوياً بدون إستفادة، أي أنه يوجد حوالى 26 مليون طن سنوياً من المخلفات النباتية والحيوانية بدون إستفادة ويؤدى تراكمها وعدم الإستفادة منها إلي حدوث تلوث بيئي وأضرار صحية.

وأكد أستاذ الميكروبيولوجي إلي أنه بالإضافة إلى المخلفات الزراعية فإنه يوجد كمية من المخلفات الأخرى لايستهان بها وهذه المخلفات متمثلة فى مخلفات التصنيع الغذائى مثل مخلفات مصانع السكر ومخلفات حفظ الأغذية ومخلفات مصانع الألبان وغيرها.

وتابع: أن المخلفات الزراعية يستخدم جزء منها كعلف للحيوانات مثل عرش الخضروات، ولكن يتبقى بعد ذلك كميات كبيرة من المخلفات التي يصعب استخدامها كأعلاف مثل حطب القطن وقش الأرز والذرة وغيرها من بقايا المحاصيل وتقليم الأشجار، وهذه المخلفات يتم التخلص منها بطريقة خاطئة عن طريق الحرق الذى يتسبب عنه أضرار شديدة بيئية وصحية.

ونوه الدكتور راشد إلى أن هذه المخلفات العضوية يجب تحويلها إلى أسمدة عضوية صناعية، حيث يمكن لهذه الأسمدة العضوية أن تثري أراضينا في مناطق الاستصلاح الجديدة وحتى أراضى الوادي بما تضيفه من مغذيات وما تحمله من ميكروبات مفيدة تزيد من الإنتاجية وتحسن من نوعية المنتجات الزراعية، كما يؤدي إستخدام الأسمدة العضوية إلى ترشيد إستخدام الأسمدة الكيميائية والتي يعتمد عليها الفلاح لزيادة الإنتاجية دون النظر إلى نوعية المنتج، وهذا بدوره يزيد من تكاليف الإنتاج فيقل تبعاً لذلك العائد الاقتصادي من زراعة الأرض.

وأشار أستاذ الميكروبيولوجي إلي أنه في حالة ترك المخلفات دون التخلص منها فسوف يؤدي تراكمها إلى نقل الأمراض من محصول لأخر كما هو الحال في دودة ورق القطن التي تهاجم المحاصيل الشتوية مثل البرسيم والبنجر وكثير من الخضر مسببة خسائر فادحة، هذا بالإضافة إلى اللجوء إلى المبيدات الكيميائية باهظة الثمن للتخلص من الأفات الزراعية الضارة علاوة على تأثيرها السيئ على البيئة وصحة الإنسان والحيوان.

ولفت أستاذ الميكروبيولوجي إلي أن هذه المشاكل الناتجة عن المخلفات والتخلص منها بأي من الطرق مثل الحرق أو إلقائها على حواف المصارف والترع يمكن تلافيها عن طريق تحويلها إلى مواد ذات أهمية إقتصادية مثل السماد العضوي الصناعي والسيلاج والأعلاف غير التقليدية والبيوجاز وإنتاج فطريات عيش الغراب.

وقال الدكتور راشد أنه في ظل التقدم التكنولوجي لإستخدام جميع الموارد الطبيعية للحصول على الطاقة والغذاء للإنسان فإنه لم يعد هناك ما يطلق عليه مخلفات زراعية نظرآ لضرورة دخولها في دورة الإنتاج الزراعي وتصنيعها والإستفادة منها، لذلك تسمى نواتج ثانوية By-products مثل الأحطاب وقش الأرز وأيضا النواتج الثانوية للإنتاج الحيواني مثل الروث وزرق الدواجن، وقد أدى التقدم الحضاري للإنسان واهتمامه بالمحافظة على البيئة من التلوث وترشيد إستخدام الأسمدة الكيميائية والبحث عن مصادر بديلة للطاقة البترولية الناضبة إلى العودة للزراعة العضوية واستغلال المصادر الطبيعية لإنتاج الطاقة والغذاء والعلف لإنتاج منتجات زراعية ذات قدرة تنافسية عالمية، ولقد فكر المزارعين منذ قديم الزمان في حفظ نباتات العلف الأخضر أثناء وفرتها لحين الحاجة إلي استخدامها، وفي بداية القرن التاسع عشر أخذ مزارعى ألمانيا والمجر في حفظ هذه النباتات بطريقة الكمر في حفر تحت سطح الأرض وهو ما يعرف بعملية إنتاج السيلاج.

وأضاف أستاذ الميكروبيولوجي

أن مخلفات المدن أحد المشكلات البيئية الهامة حيث يترتب عليها أثار صحية واجتماعية، ولهذا يجب علي كل المشتغلين في المجالات البحثية المختلفة أن يجتهدوا في إيجاد الحلول المناسبة للإستفادة من هذا الكم الهائل من المخلفات الصلبة (القمامة) بإجراء معالجة بيولوجية لتحويلها إلي سماد عضوى أو غير ذلك.

مشيرآ إلي أن مشكلة حماية البيئة المائية فى الوقت الراهن الهدف الأساسى بالنسبة لكل دول العالم لأن أهم قضية تتعلق بعصب الحياة بالنسبة للإنسان والحيوان والنبات هى قضية توافر الموارد المائية الصالحة للعمليات الحيوية، ومن المعروف أن مياه الصرف الصحي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتلوث المياه والتربة، ولهذا فإنه من الضروري والحتمي معالجة مخلفات مياه الصرف الصحي والمخلفات السائلة عموما معالجة متكاملة وإعادة استخدامها Reusing حتى لا تصل تلك المخلفات بما تحمله من ميكروبات ضارة وما يوجد بها من عناصر ثقيلة سامة إلى مصادر المياه سواء المستخدمة في الأغراض المنزلية أو الترفيهية أو في الزراعة.

ونوه إلي أنه يوجد أيضاً العديد من مخلفات التصنيع الغذائى التي تنتج سنويا بألاف الأطنان حيث يمكن إستخدام هذا الكم الهائل من المخلفات في إنتاج مواد ذات قيمة اقتصادية مثل الكحول الإيثيلي، الخل، الأحماض العضوية والأحماض الأمينية، إنتاج البروتين الميكروبي والخميرة وغير ذلك.

ومن المعروف أن أنشطة الإنتاج الزراعي المختلفة ينتج عنها العديد من المخلفات النباتية والحيوانية حيث تشمل المخلفات النباتية قش الأرز، وحطب القطن وحطب الذرة وأتبان القمح والفول والكتان وعروش محاصيل الخضر والبنجر وناتج تقليم الأشجار وسيقان الموز وبقايا مخلفات الحبوب، أما المخلفات الحيوانية فتشمل روث الماشية وزرق الدواجن.

وتعتبر المخلفات الزراعية سواء النباتية أو الحيوانية منتجات ثانوية يجب تعظيم الإستفادة منها وتحويلها إلى أسمدة عضوية طبيعية أو صناعية وأعلاف غير تقليدية أو تحويلها إلى غذاء للإنسان مثل إنتاج فطريات عيش الغراب والبروتين وحيد الخلية أو طاقة نظيفة، مما يساهم في تحقيق الزراعة النظيفة (العضوية) وحماية البيئة من التلوث ومن ثم تحسين الوضع الاقتصادي والبيئي ورفع المستوى الصحي والاجتماعي بالقري، ولقد كثر الحديث خلال أشهر أكتوبر ونوفمبر في السنوات الماضية منذ عام2000 م عن مشكلة سحابة الدخان الذي أصابت الكثير من الناس في القاهرة بالكثير من الأمراض، حيث اعتقد البعض أن المخلفات الزراعية هى السبب الأول والمباشر في حدوث هذه الظاهرة، والواقع أنه يوجد أسباباً عديدة لظهور سحابة الدخان وأهمها ما يلى:-

1- وجود العديد من المصانع التى ينتج منها العديد من الغازات والأبخرة.

2- حرق القمامة والمخلفات العضوية حيث تؤدى عملية الحرق إلى تصاعد غازات مثل الميثان والإيثان وأول وثاني أكسيد الكربون والتي تؤدي إلى أضرار صحية خطيرة للإنسان.

3- عوادم السيارات مثل أول وثاني أكسيد الكربون والرصاص والتي تضر بصحة المواطنين وتلوث البيئة.

4- وجود الجراجات الكبرى لأتوبيسات النقل العام بالقاهرة حيث يتم تجربة محركات هذه الأتوبيسات يومياً وينبعث منها أول وثاني أكسيد الكربون والرصاص طوال 24 ساعة يومياً.

5- وجود العديد من الصناعات التقليدية الذى يعتمد معظمها على المازوت كوقود مثل المسابك وقمائن الطوب والمكمورات.

لكل ما سبق يتضح أن حرق المخلفات الزراعية مثل قش الأرز وحطب القطن وغيرها من المخلفات أحد العوامل الثانوية وربما يكون العامل الأخير لظهور سحابة الدخان، ولو كان حرق المخلفات الزراعية هو السبب الأساسي لانتشرت ظاهرة سحابة الدخان في جميع المدن التي تحيط بها الزراعات خصوصاً مدن الدلتا، لذلك فالأسباب الأساسية لسحابة الدخان هى تلك العوامل السابقة الذكر خصوصاً حرق القمامة وعادم السيارات والأدخنة المتصاعدة من عشرات المصانع بصفة رئيسية والتي أدت إلى تزايد نسبة الملوثات بالجو، وعموماً فلقد ساعد حرق المخلفات الزراعية على حدوث مشاكل مختلفة خاصة بالتربة الزراعية ومن أهم هذه المشاكل :-

1- مشكلة حرق قش الأرز

من المعروف أن المساحات المنزرعة بمحصول الأرز قد زادت حتى وصلت إلى نحو 1,6 مليون فدان أرز والذي تسبب عبئاً كبيراً على الموارد المائية بمصر، ونظرا لانتشار مرض اللفحة بالأرز والذي يقلل من إنتاج الأرز بنسبة تصل إلى 30٪، لذلك فقد صدرت التعليمات في الماضي للمزارعين بضرورة حرق قش الأرز للتخلص من الفطر المسبب لمرض اللفحة وحالياً تم إلغاء ذلك نظراً لأثار عملية الحرق الضارة بالبيئة.

2- مشكلة حرق حطب القطن

من المعروف أن مساحة القطن المنزرعة تصل إلى مليون فدان وتحمل معظم أحطاب القطن لوز عالق مصاب بديدان اللوز الشوكية والقرنفلية والتي تقضي فترة سكون به لتعاود إصابة المحصول التالي، مما يسبب في نقص إنتاج المحصول من المساحة المنزرعة بأكثر من 20٪، ولذا فقد كان يتم في الماضي حرق مخلفات القطن من حطب ولوز في الحقول، وتنتج مساحات القطن نحو5,5 مليون طن حطب، في حين أن مساحات الأرز تنتج نحو 5,6 مليون طن من قش الأرز، وينتج عن قيام المزارعين بحرق قش الأرز وحطب القطن خلال شهر أكتوبر من كل عام العديد من الأضرار التي يمكن تقسيمها إلى:-

أ - أضرار حرق المخلفات الزراعية فوق سطح التربة:-

1- القضاء على الأعداء الطبيعية من كل من المتطفلات والمفترسات الخاصة بالحشرات الآفات الضارة بالمحاصيل الزراعية بالتربة.

2- حدوث أمراض صحية خاصة أمراض الصدر للمزارعين وسكان المحافظات المجاورة من الدخان المتصاعد من عملية الحرق لتلك المخلفات الزراعية.

3- حدوث حوادث تصادم بين السيارات عند حرق المخلفات الزراعية على الطرق.

4- تدهور محاصيل الخضر والفاكهة القريبة من عملية الحرق.

5- تلوث الهواء الجوي بالغازات مثل غاز ثاني أكسيد الكربون والكبريت.

6- يؤدي حرق المخلفات الزراعية إلى إهدار ثروة من الممكن الاستفادة منها.

ب- أضرار حرق المخلفات الزراعية بالتربة الزراعية.

ينتج عن حرق المخلفات الزراعية بالتربة الزراعية العديد من الأضرار من بينها:-

1- موت معظم الكائنات الحية الدقيقة المفيدة للتربة الزراعية والتي تزيد من خصوبتها وتحويل التربة الزراعية إلى أراضى قليلة الخصوبة.

2- حرق المادة العضوية بالطبقة السطحية من التربة الزراعية والتى تمثل مخزون الأرض من العناصر الغذائية.

3- خفض خصوبة الأرض الزراعية.

4- دخول غاز ثاني أكسيد الكربون من الجو إلى التربة الزراعية، ويكون ذلك على حساب الأكسجين اللازم لتنفس جذور النباتات والكائنات الحية الدقيقة بالتربة وبالتالى تقل خصوبة التربة الزراعية.

دور الأسمدة العضوية في خطة التنمية الزراعية:-

ويجب ألا نغفل أهمية الأسمدة العضوية في تهيئة أو صيانة خصوبة التربة الزراعية منذ بداية وجود الإنسان حتى العصور الحديثة، غير أن اكتشاف الأسمدة المعدنية في النصف الأول من القرن الماضى أدى إلى إهمال إنتاج وتصنيع الأسمدة العضوية بعض الشيء وخاصة في الدول النامية، والتربة الزراعية المصرية كما يعلم جميع المشتغلين بالعلوم الزراعية فقيرة في محتواها العضوي حيث لا تزيد نسبة المادة العضوية فيها عن 2٪ وتقل عن ذلك بكثير في معظم الحالات، بينما في الأراضي الأخرى خاصة فى أوروبا وأمريكا تبلغ أضعاف هده النسبة، والعوامل التي تؤدى إلى نقص المادة العضوية فى الأراضى المصرية كثيرة أهمها قصور الأسمدة العضوية التى تستخدم في الكم والنوع.

كذلك فإن مشروعات استصلاح الأراضى البور سواء الأراضى الرملية أو الأراضى الجيرية أو أى أراضى أخرى ستضيف إلى الرقعة الزراعية الحالية مساحات كبيرة مما يجعل المشكلة تزداد تعقيداً إذ يجب أن تكون الأسمدة العضوية هي أساس تسميد الرقعة الجديدة من الأراضي الزراعية وذلك بحكم خواصها الطبيعية والكيميائية والبيولوجية.