الذكاء الاصطناعي يكشف أسرار الأراضي الزراعية ويزيد الإنتاج

أكد الدكتور تامر منصور، أستاذ الإرشاد الزراعي المساعد بالمركز القومي للبحوث، أن الذكاء الاصطناعي لم يعد ترفاً تكنولوجياً، بل أصبح أداة استراتيجية لإحداث نقلة نوعية في إدارة الإنتاج الزراعي، خصوصاً في دول مثل مصر تواجه تحديات متراكمة، أبرزها نقص المياه وتراجع إنتاجية الأراضي.
كيف يسهم الذكاء الاصطناعي في حل الأزمات الزراعية؟
بحسب د. منصور، فإن تقنيات الذكاء الاصطناعي تمكّن من التنبؤ الدقيق بالطقس، وتحليل خصائص التربة، ورصد صحة المحاصيل باستخدام صور الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار. كما توفر أنظمة متطورة لرسم جداول ريّ مخصصة وفقاً لنوع المحصول وظروف المناخ، وهو ما يحدّ من الهدر ويحسّن الإنتاج.
وفي ظل ضعف منظومة الإرشاد الزراعي التقليدية، يقترح منصور إنشاء منصات ذكية تقدم توصيات زراعية مخصصة بناءً على البيانات الحقلية لكل مزارع، إلى جانب تطوير تطبيقات هاتفية تُسهم في نشر الوعي الزراعي بشكل واسع ومبسط.
مردود اقتصادي واجتماعي مباشر
تشير نتائج دراسات حديثة إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي في الزراعة قد يزيد الإنتاجية بنسبة تصل إلى 20%، ويخفض التكاليف التشغيلية عبر تقليل استخدام المياه والأسمدة والمبيدات. وهذا لا يحسّن فقط من جودة المنتج المصري، بل يفتح آفاقاً لتسويقه داخلياً وخارجياً، ويُعزز من دخول المزارعين خاصة في المناطق الريفية.
كما أن دخول هذه التقنيات سيوفر فرص عمل جديدة في مجالات مثل تحليل البيانات، وصيانة المعدات الذكية، وتطوير البرمجيات الزراعية، مما يقلل من الهجرة نحو المدن ويدعم استقرار المجتمعات الريفية.
هل يستفيد صغار المزارعين؟
رغم أن الذكاء الاصطناعي يُمكن أن يُحدث تحولاً كبيراً لصالح الحيازات الصغيرة عبر تقديم حلول دقيقة ومنخفضة التكلفة، إلا أن د. منصور يحذر من فجوة رقمية متوقعة، ما لم يتم توفير برامج دعم وتمويل وتدريب تضمن شمول هذه الفئة. إذ أن غياب المساواة في الوصول للتقنيات قد يُعمّق الفجوة بين المزارعين الكبار والصغار.
تحديات حقيقية على الطريق
ورغم الإمكانات الهائلة، إلا أن منصور يؤكد أن تطبيق الذكاء الاصطناعي في الزراعة المصرية لا يزال في مراحله الأولى. هناك عقبات تتعلق بضعف البنية التحتية الرقمية، وندرة الكوادر المدربة، إلى جانب تحديات التمويل. كما أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي قد يقلّص من الحاجة إلى العمالة التقليدية ما يتطلب إعادة تأهيل القوى العاملة.
خطوات استراتيجية لتعزيز الزراعة الذكية
يرى الدكتور منصور أن مستقبل الزراعة المصرية مرهون بتحرك سريع وشامل لتبني الذكاء الاصطناعي، عبر:
توفير برامج تدريبية للمزارعين للتعامل مع التقنيات الحديثة.
دعم البحث العلمي لتطوير حلول زراعية ذكية تتناسب مع البيئة المحلية.
تعزيز الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص والمراكز البحثية.
إتاحة تمويل ميسر للمزارعين للاستثمار في التكنولوجيا.
تطوير بنية تحتية رقمية في الريف لدعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
كما دعا إلى التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي في مرحلة ما بعد الحصاد لتحسين أساليب التخزين والنقل، ما يقلل من الفاقد ويزيد من العمر الافتراضي للمنتجات.
وقال إن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية حديثة، بل خيار استراتيجي لمصر في معركتها من أجل أمنها الغذائي واستدامة مواردها. المستقبل الزراعي أصبح أكثر وضوحاً: إما أن نستثمر في الذكاء الاصطناعي، أو نواصل الخسارة أمام تحديات بيئية واقتصادية متزايدة.