الأحد 19 مايو 2024 مـ 02:09 مـ 11 ذو القعدة 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

إصابة 11 مليون مواطن بـ”فيروس سي والفشل الكلوي والسرطان»

أرشيفية
أرشيفية

 

«مصارف الموت» تحصد أرواح المصريين

«الرهاوي» يقتل 80 مواطنا سنويا و"كوتشنر" يدمر المحاصيل ويهدد حياة  10 ملايين شخص فى 3 محافظات

«الزراعة» تلقى المسئولية على «الرى».. و«مغازى»: تحتاج مليارات

 

9 ملايين مصري مصابون بالأمراض الخطيرة "الفشل الكلوي فيروس سي، والسرطان وغيرها من الأمراض التي تقتل المصريين بالموت البطىء، وسط زيادة نسبية تتراوح بين 200 و300 ألف إصابة سنويا، و2.5 مليون آخرين مصابون بفيرس "سي "، بجانب قيام 60 ألفًا يحتاجون إلى غسيل للكلى سنويًا ووفاة 30% من المرضى سنويا، وفقا لتقارير رسمية صادرة عن وزارة الصحة.

 

"الرهاوي" يتصدر قائمة "مصارف الموت" في محافظة الجيزة، والذي يصب مباشرة في نهر النيل "فرع رشيد"، بكميات كبيرة من المياه الملوثة القادمة من مناطق فيصل والهرم وكرداسة والمريوطية وباقي مدن الجيزة، ليصل في النهاية إلى قرية الرهاوي، ومنها مباشرة إلى نهر النيل.

أهالي القرية يؤكدون أن هذا المصرف يصب في النيل منذ 50 عاما أو أكثر، ويشرب منه 40 ألف نسمة، كما تعتمد عليه الزراعة مباشرة، وتضرر من هذه المياه بعد وصولها إلى نهر النيل، حوالي 7 محافظات أخرى تقع على فرع رشيد، أبرزها المنوفية والغربية والإسكندرية والبحيرة.

وقال مصطفي الرهاوي، أحد مواطني القرية، كل عام يموت 80 إلى 90 شخصاً من أهالي القرية لإصابتهم بأمراض الفشل الكلوي والفيروس الكبدي "سي"، ما بين شباب تتراوح أعمارهم من 20 لـ 25 سنة، وأطفال أصحاب أعمار 5 و 6 سنوات، وكذلك مسنين".

وأضاف مصطفي، "رفعنا دعوى قضائية ضد محطة المياه بالقرية، لاعتمادها على مياه الصرف، وحاليا نعتمد على حفر آبار في الأرض، بجهود ذاتية، وحفرنا حوالي 20 بئرا بتكلفة ذاتية تصل إلى 20 مليون جنيه، والناس تملأ "جراكن" المياه لاستخدامها في الشرب، بسبب تسرب مياه الصرف إلى المياه الجوفية".

وأكد أحد المزارعين بالقرية أنه منذ أكثر من 50 عاما يعتمد المزارعون على مياه الصرف مباشرة في الزراعة، قائلا، "نطالب الدولة بتحويل هذه المياه الملوثة إلى الصحراء، قبل وصولها للقرية، والاستفادة منها في استصلاح الأراضي بمناطق 6 أكتوبر وغيرها مساحة تصل لـ 12 ألف فدان، بعد معالجتها".

وفي منطقة تقاطع مياه المصرف بمياه النيل، قال أحد الصيادين، "السمك من كتر مياه الصرف كله مات، والتلوث دمر الثروة السمكية، والحكومة نايمة، ومن عشرات السنين ننادي بحل الأزمة ولكن دون جدوى، والمشكلة أنها تقضي على الثروة السمكية بـ 7 محافظات أخرى بالوجه البحري وتدمر صحة المصريين".

مصرف أبو رقبة في قرية أبو رقبة بمركز أشمون بالمنوفية، لم يختلف كثيرا عن "الرهاوي"، حيث يمتد لأربع قرى، هي "قرية أبو رقبة وكفر أبو رقبة وكفر قورص وقرية قورص"، ويخدم أكثر من مليون نسمة، يعانون نفس الأزمة مع التلوث الأضرار، وربما النتائج أكثر خطورة.

 

وبمجرد أن تطأ قدماك أرض القرية تستقبلك الروائح الكريهة، ومنظر مريب لهذا المصرف الذي تكسوه القمامة والحيوانات النافقة، إضافة إلى سيارات نزح المجاري التي تُلقي المخلفات مباشرة في المصرف.

وقال عبد الحميد الخولي، من أهالي القرية ومصاب بفيرس سي وفشل كلوى، منذ ما يقرب 8 سنوات، إنه يعاني كثيرا من المرض ويجد صعوبة في الحصول علي الدواء الذي لا يعود عليه بأي فائدة، موضحاً أن نصف سكان القرية مصابون بنفس الأمراض بسبب تعرضهم للتلوث الناتج عن هذا المصرف.

 

وأضاف عبد الرؤوف شحاتة، فلاح مصاب بفيروس "سي" منذ ما يقرب من 3 سنوات، "المصرف سبب إصابتي بالفيروس، وكذلك العشرات من أهل القرية والقرى المجاورة، فضلا عن انتشار الحشرات والفئران والثعابين التي تؤذى أطفالنا وسكان القرية والقري المحيطة".

مصرف "كوتشنر" في محافظة الدقهلية، والذي يمتد لثلاث محافظات هي الغربية والدقهلية وكفر الشيخ، ويحتوى علي مياه الصرف الزراعي والصحي، لهذه المحافظات، إضافة إلى الصرف الصناعي الناتج عن مصانع الغزل والنسيج بمدينة المحلة الكبرى، والذي يحتوى علي نسبة كبيرة من المعادن الثقيلة كالرصاص والمنجنيز وغيرها من المواد الكيمائية.

وأكد عدد من مواطني المحافظة، إن ما يقرب من 7 ملايين نسمة في المحافظات الثلاث  يعانون من الأمراض المستعصية، كأمراض الفشل الكلوي، والتهاب الكبد الوبائي، بسبب تناول المحاصيل التي تروى من مياه مصرف "كتشنر"الملوثة والذي يطلق عليه الأهالي "مصرف الموت".

 

أكدت بسمة بسيوني، فلاحة مصابة بفيروس "سي"، منذ 11 عاما، بسبب تناولها محاصيل ملوثة، أنهم يروون الأراضي الزراعية من مياه الصرف الصحي والصناعي الآتية من مصرف كتشنر، وأن جميع الفلاحين في محافظة كفر الشيخ والدقهلية يروون من نفس المصرف لعدم وجود بديل.

لمدة ما يقرب من 90 عاما، كان مصرف بحر البقر بمحافظة الشرقية، أخطر مصادر التلوث لما يحمله من مخلفات صناعية وزراعية وصرف صحي غير معالج، ويبلغ طوله حوالي 190 كيلو مترا، ويمتد من جنوب القاهرة مارا بمحافظات القليوبية والشرقية والإسماعيلية والدقهلية ويصب في بحيرة المنزلة، ويستقبل مخلفات الصرف الصحي غير المعالج من التجمعات السكانية علي جانبيه أو من شبكات للصرف الصحي مباشرة من المدن المطلة عليه.

وفقا لدراسة حديثة، فإن الأسماك ببحيرة المنزلة، التي يصب بها بحر البقر، تصيب من يتناولها بحساسية في الجهاز التنفسي والأمراض المتوطنة والفشل الكلوي والأمراض الجلدية المختلفة، كما أن الصورة العامة للدم تتغير كثيرا جزاء تناول هذه النوعية من الأسماك التي تتغذي علي مياه مصرف بحر البقر، حيث أثبتت الدراسات إصابة هذه الأسماك بأنيميا حادة مما يشكل خطورة علي من يتناولها.

 

وتستقبل البحيرة ما يقرب من 3 ملايين متر مكعب من مياه الصرف الصحي لسكان القاهرة الكبرى عبر مصرف بحر البقر وما يقرب من 10 ملايين متر مكعب أخرى من مياه الصرف الزراعي، وما تحمله من أسمدة وكيماويات.

من جهته أكد الدكتور حسام مغازي، وزير الموارد المائية والري، اعترافه بأزمة المصارف في مصر، مشيرا إلى أن تحسين المنظومة يحتاج إلى مليارات الجنيهات، وأنه تم تحديد أهم النقاط الرئيسية بالمصارف لإعادة تأهيليها من جديد.

وأوضح الدكتور عبد المنعم البنا، رئيس مركز البحوث الزراعية، أن وزارة الزراعة لا يقع عليها مسئولية بشأن المصارف، مؤكدا أنها ليست معنية بري الأراضي، وهي مسئولة فقط عن القنوات الصغيرة الموجودة بالأراضي الزراعية لري المحاصيل"، قائلا، "نحن غير معنيين بري هذه الأراضي، والمسئول عن ذلك وزارة الري".

وأشار "البنا" إلى أن وزارة الزراعة أصدرت القانون رقم 603 لسنة 2003 الخاص بتقييد استخدام مياه الصرف الصحي في القطاع الزراعي، وتنص مادته الأولي على منع استخدام مياه الصرف المعالج أو غير المعالج في ري الزراعات التقليدية ويقتصراستخدامها فقط علي ري الأشجار الخشبية ونباتات الزينة فقط.