الأحد 19 مايو 2024 مـ 03:37 مـ 11 ذو القعدة 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

”صباحية” الإسكندرية .. ”مش مباركة” يا حكومة

- مزاد علنى لتأجير ٨٢٣٠ مترا يكشف إفلاس وزارة الزراعة

ـ سعر المتر 50 ألف جنيه .. وتعرض معظمها للنهب

ـ 76 فدانا منعدمة الصرف بسبب فندق "جرين بلازا"

ـ 15 مليون جنيه عائد التأجير لـ "ماكرو" ذهبت مكافآت

 

هل تعرف الحكومة المصرية أن لديها قطعة أرض "مال سايب" في الإسكندرية، تقدر مساحتها بنحو 648 فدانا، يبلغ سعر المتر فيها نحو 50 ألف جنيه حاليا، وتعرضت للنهب، حتى لم يعد معلوما منها سوى 201 فدان؟

إذا أردت أن تعرف القصة، فعليك العودة إلى عام 1946، حين تبرعت الخاصة الملكية بالمساحة لصالح "الأملاك الأميرية"، بغرض النفع العام، فخصصت منها مساحة 201 فدان لوزارة الزراعة، بغرض إجراء البحوث عليها، وعلى الرغم من ذلك، لم يعد هناك ما يشير إلى تجربة، ولا بحث، ولا أي نوع من الاستثمار العلمي أو التجاري على الأرض، التي أقيمت عليها الفنادق، والأبراج، بأيدي المعتدين وتجار الأراضي السائبة، ولم يتبق منها حاليا سوى 76 فدانا تعرف باسم مزرعة "الصباحية" التي ينتفع بها قطاع الإنتاج التابع لوزارة الزراعة.

إلى قصة أرض "الصباحية":

 

صحا أهالي الإسكندرية فجأة على لافتات معلقة على سور قطعة أرض تاريخية، كانت مخصصة لأقدم هيئة زراعية مصرية، لبيع مستلزمات الإنتاج الزراعي، سواء من إنتاجها، أو من استيرادها، فطرحتها للإيجار بالمزاد العلني، من باب "أرح واسترح"، كونها فشلت في استثمارها في الأغراض التي خُصِصت من أجلها.

 حكمت الهيئة الزراعية المصرية على نفسها بالإعدام فجأة، وذلك بإعلانتها تأجير مساحة ٨٢٣٠ مترا مربعا في مزرعة الصباحية في الإسكندرية، تم تخصيصها لها منذ الثمانينات، بغرض عرض جميع مستلزمات الإنتاج الزراعي للاتجار فيها.

كانت هذه الأرض قد أجرتها الهيئة سابقا لشركة "ماكرو كاش آند كاري" الألمانية، بعد موافقة مجلس الوزراء، بالإضافة إلى فدانين خلف هذه المساحة، وتم تقدير مبلغ الإيجار عن طريق وزارة المالية صاحبة الأرض.

 وعلى الرغم من سداد شركة "ماكرو" إيجار الأرض لمدة ثلاثة أعوام، إضافة إلى التأمين، بما يقدر بنحو 15 مليون جنيه، فإن هذه المبالغ لم تصل إلى وزارة المالية، لكنها دخلت إلى حساب قطاع الإنتاج التابع لمركز البحوث الزراعية، والهيئة الزراعية المصرية، لتتحول إلى حوافز ومكافآت وخلافه.

وبعد أن تركت شركة "ماكرو" الأرض، وغادرت مصر، لا تزال هذه الأرض بورا، فلم تستغل من قبل الهيئة الزراعية المصرية، أو قطاع الإنتاج، لتظهر لافتات طرحها للإيجار بالمزاد العلني، على الرغم من أن الجهة التي تملك حق إدارتها أو تأجيرها أو استثمارها، هي وزارة المالية.

قصة "الصباحية"؟

أول يناير سنة 1946، سلمت الأملاك الأميرية إلى وزارة الزراعة مساحة 201 فدان، لإجراء التجارب والبحوث عليها، كما هو مرفق بالمستندات، واحتفظت "المالية" لنفسها بحصانين و"كارتة"، وتم التسليم بالمحاضر المبينة بالأوراق.

وبمرور الوقت، تمت عدة تخصيصات كالآتي:

ـ تخصيص معظم المساحة المواجهة لفندق "هيلتون جرين بلازا" لمعهد بحوث البساتين، لأن الأرض كانت بها أجود أنواع الجوافة "البناتي"، والتي كانت ضمن الخاصة الملكية، وتبع هذا التسليم مزارع سخا بمساحة 15 ألف فدان.

ـ تم تبديل أرض من المعمورة (40 فدانا)، الخاصة بقطاع الإنتاج التابع لمركز البحوث، تم الاستيلاء عليها حاليا بحكم قضائي لصالح شخص، بناء على أوراق تم تستيفها، وتم تسليم قطاع الإنتاج نصف مزرعة بساتين "الصباحية" 76 فدانا، مقابل مزرعة المعمورة.

ـ تم تأجير قطعة أرض مساحتها 12 فدانا، من معهد بحوث البساتين للجمعية العامة للبطاطس، لإقامة ثلاجة عليها، وحدث هذا أثناء وجود الدكتور طلعت الوكيل مدير معهد البساتين، وحين عرفت الجمعية أن المعهد لا يملك أي مستندات ملكية، اشترتها من المحافظة وسجلتها لحسابها.

ـ محطة بحوث البساتين مازال لديها نصف المزرعة، ولا يوجد بها بساتين ولا شجرة واحدة، ولا توجد أي مساحة لإجراء التجارب عليها.

ـ داخل المحطة توجد مبان كثيرة ومهملة، ولا تؤدي دورها الذي أنشئت من أجله، وهو إجراء البحوث والتجارب، ومن ضمن الأنشطة مزارع دواجن داخل سموحة، تخالف كل تعليمات البيئة، وتفتقد للأمان الحيوي، وتلوث بيئة الإسكندرية، كونها تقع بين المساكن.

ـ تتعدد حاليا جهات الانتفاع بباقي الأرض، ومنها: محطة ميكنة زراعية داخل سموحة، جهاز تحسين الأراضي على الشارع الرئيسي بمواجهة فندق الهيلتون، ثم الهيئة الزراعية التي طرحت ما لا تملك للإيجار بالمزاد العلني.

ـ يتساءل أهالي الإسكندرية، والعارفون بأمور هذه الأرض تاريخيا: أين وزارة المالية من إيرادات تلك المزارع، وأين حق استغلالها، وهي المملوكة للمواطن المصري البسيط، ويتم هدرها دون رقيب؟

تقع هذه الأرض في مقوع فريد في الإسكندرية، وتمتد حدودها من "سموحة" حتى "باكوس"، وهي أراض سائبة لا ضابط لها ولا رابط، وفقا لشهود العيان، الذي يخشون عليها من التعديات لإقامة أبراج.

ولم يسجل أبناء الإسكندرية نقطة مضيئة واحدة في هذه الأرض، سوى مشروع الصوامع العملاقة التي ينشئها جيش مصر العظيم.

ومن المفارقات التي يعددها أبناء الإسكندرية، وجود مزرعة دواجن داخل مزرعة الصباحية، تنتج نحو 20 مليون بيضة مائدة في العام، وتثبت الأوراق المتداولة بينها وبين مشروع التغذية المدرسية أنها تضخ 70 مليون بيضة للمشروع كل ستة أشهر، أي أنها تشتري 50 مليون بيضة كل ستة أشهر من مزارع أخرى، لتوريدها إلى مصانع الوجبة المدرسية، العائدة إلى وزارة الزراعة.

ومن الملاحظات التي رصدها المتابعون، بقاء مزرعة قطاع الإنتاج 76 فدانا، بورا، منذ سيول 4 نوفمبر الماضي، وذلك لانعدام صرفها، حيث إن خطوط الصرف الخاصة بها تمر أسفل إنشاءات قندق "جرين بلازا" المستقطع أساسا منها.

"الأرض"، خاطبت الدكتور عبد الكريم زيادة رئيس قطاع الإنتاج في وزارة الزراعة، حول السبب في عدم زراعة الـ 76 فدانا، فقال إن الأرض صخرية، وتنعدم مصادر الصرف الزراعي لها، مؤكدا أن "الكراكات" لم تنجح في الدخول إليها وقت السيول، وأن القطاع ينوي زراعتها في العروة الصيفية.