الأحد 19 مايو 2024 مـ 01:34 مـ 11 ذو القعدة 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

وجبات «كلاب» داخل المطاعم الصينية في الجيزة

أرشيفية
أرشيفية

لحوم وأسماك ودواجن فاسدة تغزو الأسواق المصرية

القانون يمنع تشميع المحلات المخالفة ويكتفي بغرامة50 جنيهاً فقط

 

شعبان بلال وسمية سليم

كل شيء أصبح صينيا، أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة والأجهزة المنزلية، حتى "إبرة" الخياطة أصبحت صناعة صينية، من الدرجة الأقل من ناحية الجودة، خاصة تلك التي تصدر إلى مصر، لكن الجديد في الأمر المطاعم الصيني، التي اخترقت الشوارع المصرية بكثافة، لتتصدر أولويات المصريين، على حساب الأكلات والمطاعم المصرية.

هذه المطاعم التي يطلق المصريون عليها "الصينية"، خطت أيضا نفس خطى المنتجات الصينية "الفرز" المنتشرة في السوق، بداية من الأقل جودة في بعض الأحيان إلى الفساد في أحيان أخرى، وهو ما كشفته وثائق رسمية، عبارة عن محاضر وبلاغات، حررتها وزارات التموين والزراعة والسياحة، وحصلت "الأرض" على نسخة منها.

في محافظة الجيزة، وبالتحديد مناطق الهرم وفيصل والطالبية، تنتشر بصورة كبيرة مطاعم معروفة باسم "المطاعم الصينية"، والتي تختلف بين مطاعم كبيرة لها عدة سلاسل في أماكن متفرقة، وأخرى شعبية على طراز "عربيات الفول المصرية"، والتي يزيد عددها عن 500 مطعم صيني، معظمها يقع في المناطق السياحية، ومنها الغردقة وشرم الشيخ، كما تتركز في محافظة الجيزة، وتقدم الوجبات الصينية والآسيوية، مثل النودلز والأطعمة بنكهة الحلو والمر، وبشكل خاص وجبة السوشي الأكثر شعبية في الصين، وتوفر وجباتها بأسعار رخيصة بمتوسط 15 جنيهاً للمقبلات أو السلطة، و80 جنيها للأطباق الرئيسية، وتعتمد تلك المطاعم على العمالة الصينية في المقام الأول، وفي أحيان أخرى مصريين.

هذا النوع من المطاعم نجح في مصر بصورة لافتة، على الرغم من عدم الاختلاف الكبير في الوجبات التي يقدمها، وأبرزها الذي أسس فروعًا له في عدة مناطق، ومنها بيكين وله أكثر من 10 فروع في أماكن متعددة، وفيوجن له 3 فروع في المعادي والجيزة والشيخ زايد، وأشيان كورنرز الذي اشتهر في ساحات المحلات التجارية كمول العرب وسيتي ستارز، وكذلك مطاعم زو أشيا وكانتون ولهما أكثر من فرع في مناطق مختلفة.

حصلت "الأرض" على وثائق رسمية، عبارة عن محاضر حررتها وزارة الزراعة، ممثلة في الطب البيطري، ووزارة التموين ممثلة في مباحث التموين، ضد عدد من هذه المطاعم تتهمها ببيع لحوم وأسماك ودواجن غير صالحة للاستهلاك الآدمي.

المحضر الأول حمل رقم 16257 جنح الهرم، وكشف عن ضبط 180 كيلو جراما من اللحوم والأسماك والدواجن غير الصالحة للاستهلاك الآدمي  داخل مطعم صيني بمنطقة الهرم، وآخر حمل رقم 16258 جنح الهرم أيضا، بضبط 180 كيلو جرام لحوم وأسماك ودواجن فاسدة بمطعم صيني في نفس المنطقة، بالإضافة إلى إعدام 10 كيلو جرامات من اللحوم الفاسدة عقب ضبطها داخل مطعم صيني بناحية الهرم.

والمحضر الثالث حمل رقم 16259 جنح الهرم، وكشف عن ضبط 38 كيلو جرام لحوم وأسماك ودواجن فاسدة لدى مطعم صيني بناحية الهرم، ومحضر آخر حمل رقم 290 جنح الطالبية كشف عن ضبط 50 كيلو جرام من مقطعات لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي، لدى مطعم صيني بناحية الطالبية، وأخيرا ضبط 310 كيلو جرام من اللحوم والأسماك الفاسدة لدى مطعم صيني بناحية الهرم، وفقا للمحضر رقم 16260 جنح الهرم.

الغريب أن القانون الخاص بالطب البيطري ومباحث التموين، يحول دون تشميع تلك المحلات أو المطاعم رغم  ضبط منتجات وأغذية فاسدة داخلها، ويقتصر الأمر على تحرير محاضر في قسم الشرطة، يليها تحقيقات النيابة التي تتجاهل في معظم الأحيان التحقيق بسبب تداخل المحاضر في بعضها، وتكتفي بفرض غرامة 50 جنيها على المخالفين، وفقا للدكتورة شيرين زكي، مسئول التفتيش بالطب البيطري.

وأوضحت مفتش الطب البيطري بالجيزة، أنه بعد ضبط منتجات فاسدة داخل مطعم، تراه يعمل بشكل طبيعي، لأنه ببساطة بعد فترة قصيرة من إغلاقه يدفع غرامة ليمارس عمله مرة أخرى دون قيود، وهو ما يحدث عادة بعد تشميع تلك المحال تعود لممارسة عملها بعد دفع الغرامة.

ولفتت "زكي" إلى أن أصحاب المطاعم الكبرى يذهبون إلى النيابة بعد ضبط أطنان من اللحوم الفاسدة في مخازنهم، ويتحججون بأنها كانت معدة للإعدام فتضطر النيابة لإغلاق المحاضر على الفور، موضحة أن هناك مطاعم صينية تذبح الكلاب وتقدم لحومها في وجبات، ولكنها مخصصة فقط للصينين والكوريين، تلك المطاعم موجودة في المعادي ومدينة نصر، أما المطاعم الصينية المنتشرة فتقدم وجبات تقترب للمصرية بصورة كبيرة.

وشددت شيرين زكي على ضرورة إصدار البرلمان تشريعات جديدة من شأنها تغليظ العقوبات على المخالفين للقانون الذين يتعاملون مع منتجات بلا بيانات أو تواريخ صلاحية أو رقابة وإشراف من الطب البيطري، قائلة، "إحنا معندناش قوانين.. إحنا عايشين في مهزلة".

واقترحت مسؤولة التفتيش بالطب البيطري سن قانون بالسجن المشدد والغرامة المالية الضخمة وتنفيذ العقوبتين معا ضد المخالفين، كما يحدث بالنسبة لمفتش البلدية في دول الخليج، والذي يحق له إغلاق وتشميع المطاعم المخالفة، وإعلان أسمائها على الملأ، على أن توريد العقوبة المالية لصالح التأمين الصحي، والمستشفيات الحكومية، وأن مجلس النواب موجود لسن هذه التشريعات

وفقا لمصادر في الطب البيطري، فإن أزمة المطاعم الصيني تتزايد يوما بعد يوم، خاصة أن هناك معوقات في قرار تشميع المطاعم التي يتم ضبط لحوم فاسدة بها، لافتا إلى أن هناك حملة مكبرة من الطب البيطري ومباحث التموين بدأت منذ أكثر من أسبوع للتحقيق حول وجود مطاعم صينية وفلبينية تقدم مأكولات وأغذية تحتوي على لحوم الكلاب والحشرات بالجيزة.

وقال المصدر، في تصريح خاص لـ"الأرض"، إن أطباء وعمال مديرية الطب البيطري بالجيزة والإدارة العامة للسياحة في المحافظة شنوا عشرات الحملات، خلال الأيام الأخيرة، على المطاعم الصينية، لافتا إلى أن ضبطيات هذه الجهات وصل وزنها إلى أكثر من 600 كجم لحوم مجهولة المصدر وبها تغيرات في صفاتها الطبيعية، وتم تحرير محاضر لتلك المطاعم في أقسام الشرطة التابعة لها.

وأكد المصدر أنه جاري أيضا مراجعة كشوف المطاعم السياحية بالمديرية للتأكد من تواجدها بالجيزة من عدمه، والتحري عن تلك المطاعم التي تعتمد في مأكولاتها على تقديم لحوم الحيوانات للمترددين عليها في حالة وجودها بالجيزة لاتخاذ الإجراءات اللازمة، خاصة بعدما نشر نشطاء موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" صورا لشخصين يذبحان الكلاب داخل أحد المطاعم الصينية في الجيزة.

من جهته أكد الدكتور أشرف إسماعيل، مدير مديرية الطب البيطري بالجيزة، انتشار المطاعم الصينية في المحافظة بشكل كبير، مشيرا إلى أنه تم ضبط لحوم فاسدة وكميات من الزيوت ومواد غذاء منتهية الصلاحية وغير مطابقة للمواصفات داخل بعذ هذه المطاعم في شارع الهرم والعمرانية، وتم إحالتها للنيابة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

وأضاف مدير مديرية الطب البيطري بالجيزة، لـ"الأرض"، رداً على ما تداولته بعض صفحات موقع التواصل الاجتماعي  "فيس بوك" حول ذبح كلاب وسلخها في بعض هذه المطاعم وبيعها للمواطنين، أن الحملة تمكنت أيضاً من ضبط كمية من اللحوم الفاسدة وغير الصالحة للاستهلاك الآدمي، بالإضافة إلى ضبط لحوم مجهولة المصدر داخل عدة مطاعم في الهرم والطالبية والعمرانية، ومناطق أخرى، وتم تحريز المضبوطات للكشف عليها ومعرفة مصدرها، لبيان ما إذا كانت لحوم كلاب من عدمه.