الجمعة 26 أبريل 2024 مـ 05:58 مـ 17 شوال 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

الثعابين

طريقة من طرق النصب المحبوك ظهرت فى القاهرة منذ عدة سنوات ، اتسمت بالخسة والوقاحة ، لكنها لم تخل من طرافة وظرف ؛ فأنت جالس فى بيتك الفاخر النظيف فى أرقى أحياء القاهرة ، يدق جرس الباب عليك ، تنهض لأن تفتحه ، فإذا بشحطين ( مفردها شحط  ) يقفان أمامك ، يسدان عليك الهواء ، يخبرانك بأن بيتك الجميل هذا به ثعابين ، تسللت إليه وأنت لاتدرى ، تنزعج أنت ، وترقع زوجتك بالصوت الحيانى ، ويقفز أولادك من فوق الأرض رعبا ، لكن الشحطين - يالطيبة قلبيهما - يهدئان من روعك ، ويطيبان خاطرك ، ويعدانك بأنهما بفضل الله سوف يخرجان الثعابين فورا ، ولاتملك أنت إلا أن تسمح لهما بالانتشار فى البيت ، ويدك على قلبك ، وبعد وقت قد يطول ، يقضيانه فى التجول فى الردهات ، والتنقل بين الحجرات ، يخرج أحدهما من حجر نومك وقد أمسك بثعبان من رأسه ، وهو يقول لك : " أنت رجل طيب ، وربنا أنقذك ، هذا الثعبان كان لابدا تحت وسادتك ، لقد كتب الله لك عمرا جديدا ! " تتنهد شاكرا اياه وممتنا  ، يخرج الآخر وقد قبض على ثعبان أكبر من الأول ، يزعم أنه كان مستريحا فى دولاب المدام ، التى تسارع بتقديم الشكر لهما ، مع أفخر أطباق الحلوى والشاى أبو فتلة  ، ثم يقولان لك وقد هما بالانصراف : " نحن نتقاضى فى العملية الواحدة ثلاثمائة دولار ، لانتعامل بالجنيه المصرى ! " بحسبان أن العملة المتداولة فى الطريقة الرفاعية المنسوبة لسيدى أحمد الرفاعى قاهر الثعابين ؛ هى الدولار ، وبعد جهد وفصال ، يلهفان منك مائتى دولار ، وينصرفان ، ومعهما الثعابين ! .

أعتقد جازما ، أن هذه بالضبط هى نفس فكرة داعش ، تنظيم هلامى بلا هوية ولا معالم ، ولا معلومات مؤكدة عن تسليحه ومصادر تمويله ورجاله ، أطلقه الأمريكان والغرب والصهاينة فى منطقتنا العربية ، رافعا شعارا براقا مناسبا لمعتقدات بعضنا ، مدغدغا لهوس نفر من بيننا مازال يحلم بخلافة زائلة ، وحكم العالم ، ثم يقوم هذا التنظيم الثعبانى بتدمير وتخريب حضارتنا القديمة ، والاجهاز على موروثنا الثقافى كله ، كما يشغلنا ليس عن بناء أوطاننا وحسب ؛ وإنما حتى العيش فيها ، فنظل لسنوات مشغولين بالتخلص منه بمساعدة الذين زرعوه عندنا ، وحتى يتاح لهم تجهيز تنظيم آخر ، فى شكل آخر ، فهم حواه ، والثعابين فى جرابهم تتوالد وتتكاثر ، ولانهاية لها ! .