الجمعة 19 أبريل 2024 مـ 06:02 صـ 10 شوال 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

الأسد استثمر في غباء أردوغان

لم يعد خافياً على العالم كيف استثمر أردوغان وأسياده بالبسطاء من الناس فجهزوا آلاف الانتحاريين والإرهابيين والإرهابيات واستقدموهم إلى سوريا، فقامت مشايخ هذا الفريق بإقناعهم أن الملائكة تحارب إلى جانب المعارضة السورية، وأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم  يقف إلى جانبهم، وأنه لو خُير لاختار أن يحارب إلى جانب الناتو.

لم تسطع عقول البسطاء في سوريا وخارجها أن تتحمل هذا الكلام المعسول، فالجنة أصبحت قاب قوسين أو أدنى، إضافة إلى مئات الحور العين سيكونون إلى جوارهم بعد أن ينفذوا أمر الله بتفجير أنفسهم بهذا المشفى أو  ذاك  السوق، ومع ازدياد الضخ الإعلامي من قبل مئات المحطات التلفزيونية والإذاعية وآلاف الصحف وملايين المواقع الإلكترونية، أصبحت عقول تلك الجحافل من البسطاء لا تسطع أن تسمع أو تتكلم إلا عن إجرام الأسد وجيش الأسد والفرقة الضالة، وحفظوا كل آيات القتل وشرعوا بترديدها عن جهل، وبدأ يظن كل منهم أنه خالد بن الوليد، وأن خصمه هو عمرو بن ود.

ولكن الحرب بدأت تأخذ منحاً غير الذي رُسم لها، ولم يعد الاستثمار في غباء البعض يجدي نفعاً، فواقع الحال يقول إن الأسطول الروسي وجد له مرساً في المياه الدافئة المتوسطية، وأن حزب الله الذي هزم إسرائيل شر هزيمة بخمسة آلاف مقاتل عام ٢٠٠٦ أصبح يملك أعداداً أضعافاً مضاعفة.

وجاء زمن الأسد ليستثمر في غباء الطرف الآخر، وعلى رأسهم أردوغان  وكان له ما أراد، ولعل جُل هذا الاستثمار كان في موضعين اثنين، أولهما المشكلة الكردية التي بدأت تنمو في البلاد وفكرة الاستقلال عن الدولة السورية، وهي مشكلة لا يمكن حلها بفائض القوة التي أصبحت لصالح محور الدولة السورية.

وهنا كان لزاماً على الأسد قطع الفكرة من دابرها فكان غباءاردوغان، هو "المنجاة"، خاصة وأن حلم أردوغان كان من بداية الحرب الاستيلاء على أرض سورية يضع بها إرهابييه فكانت اتفاقية مناطق خفض التوتر التي طار أردوغان واتباعه فرحاً بها، ولكنهم بعد أقل من سنة اكتشفوا لعبة الأسد الحقيقية، فمناطق خفض التوتر أصبحت تخديراً وتثبيتاً لبعض المناطق ريثما يبسط الجيش سيطرته على المنطقة التي هم ٓالجيش لتحريرها، ومنطقة تلو أخرى حتى أصبحت معظم المساحات السورية تحت سلطة الدولة السورية، ولم يقف الأمر عند هذا الحد حيث شعر الأتراك أن أكراد تركيا أصبحوا امتداداً جغرافياً لاكراد سوريا وهذا مالا يستطع أن يتحمله الأتراك، فأدركوا أن الحل هو الأسد ولا مناص من الاعتراف بشرعيته فهو على الأقل يعرف حرمة الجار على عكس أكراد سوريا الذين سيسعون إلى الالتمام مع إخوتهم أكراد تركيا وسيشكلون دولتهم التي ستقسم ظهر الدولة التركية بأكملها.

لذلك أقول لا تخافوا بعد اليوم من أردوغان، فمحور المقاومة علم كيف يستغل الغباء الذي لديه

* محلل سياسي سوري