الأرض
الخميس 21 نوفمبر 2024 مـ 08:20 مـ 20 جمادى أول 1446 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

فراغ حمامات ”مسي برلين” يكشف عزوف زوار ”فروت لوجستيك” - برلين 2020 في يومه الأول .. واليوم الثاني يعيد الاعتبار

- مليون سائح في 5 ليالٍ ألمانية تنعش بلد الجد واللعب والفنون
- هلع "كورونا" لم يصل إلى برلين .. والدول الصحية لا تعطس
- مهرجان للخضر والفواكه يفرض ألوان الخير على حافلات وشوارع العاصمة الصارمة

في اليوم الأول الأربعاء - الرابع من فبراير الجاري، لزيارة المعرض العالمي "فروت لوجستيك" - برلين، في دورته الحادية والعشرين، عمّت الأجواء صدمة حادة، كادت تخيّب آمال المصدرين المصريين العارضين هناك، بعد أن دفعوا 500 يورو للمتر المربع، وحجزوا تذاكر طيران وغرف فندقية ترفع تكلفة المتر المربع إلى 1500 يورو.

من الإطلالة الأولى على ردهات أجنحة "فروت لوجيستيك" 2020، ظننا أن عمدة برلين ورئيس بلديتها، لن يتفاخرا هذا العام ببلوغ سقف المليون زائر يوميًا إلى الحدث العالمي الأكبر من نوعه في مجال لوجستيات الخضر والفواكه، والذي يكمل دورته الحادية والعشرين بإغلاق أبوابه في السادسة من مساء غد - الجمعة السابع من فبراير - بتوقيت برلين.

في اليوم الأول، لم نكن في حاجة إلى استقصاء أعداد الزائرين من مركز معلومات معرض "فروت لوجستيك"، كي نجزم بحقيقة الإقبال الضعيف هذا العام، وإنما ردهات الأجنحة الدولية التي خيم عليها الصمت أمس، دفعتنا للمشاركة في مشهد جنائزي، وليس في محفل تُساق إليه أسراب مناديب التسويق من كل دول العالم، لعرض ما لديهم من خدمات لوجستية في عمليات ما بعد حصاد الخضروات والفواكه، أو الاطلاع على منتجات الدول التي برعت في إنتاج غذاء العالم، لتطرح بلدية برلين رداءا بألوان الخير على الحافلات والشوارع، قِبَل وخلال وبعد أيام المعرض.

ليست فنادق برلين وحدها، هي التي شكت الهدوء ليلة الرابع من فبراير، لكن الشوارع والمطاعم، وحتى الأسواق الضخمة "المولات"، كادت تعكس أحزانها على عروض التخفيضات التي دأبت على تقديمها لنحو مليون سائح، يبيتون النية سنويا لحضور "فروت لوجستيك" - برلين، لتحصد ألمانيا بهم أكثر من 5 ملايين ليلة فندقية في الأسبوع الأول من فبراير سنويا.

متولي سالم رئيس الملف الزراعي في جريدة "المصري اليوم"، ساق إلينا الملاحظة الأكثر دقة، حيث لم يكن بوسعك قضاء حاجتك في إحدى دورات مياه أرض المعارض العالمية، التي تزيد مساحتها على 165 ألف متر مربع، دون انتظار 35 دقيقة على الأقل في طوابير معتادة.. أما هذا العام - والحديث لمتولي، فلست في حاجة للانتظار مطلقا .. فالحمامات خاوية، ولا تستمع فيها لدبة نملة.

وخلال جولتين متباعدتين زمنيًا، من قاعات المعرض وأجنحته إلى دورات مياه مختلفة المواقع، تمكنا من التقاط صورة لرجلين مسلمين فقط كانا في حالة وضوء، ليبدو اليوم الثاني مختلفًا، حيث تنسم العارضون رياح الأمل في إنجاز مهماتهم، مع توافد الزوار بالأعداد المأمولة في اليوم الثاني.

الجناح الإسرائيلي أيضا لم يكن بإمكانه إعلان حالة الزهو هذا العام في اليوم الأول من تظاهرة "فروت لوجستيك"، حيث لم تقف طوابير الزائرين على ستاند المزارع الأعجوبة، الذي اشتهر دوليًا بإنتاج أكبر عدد من الفواكه في الشرق الأوسط، بعدة ألوان، لكنه فوجئ اليوم الخميس بأن ما لديه من عينات لن تكفي مريديه.

عبد الحليم سالم رئيس قسم الاقتصاد في جريدة "اليوم السابع"، تعجب من الاستقبال الذي وصفه ب"أقل من العادي"، لأجهزة مطار شونيفيلد براندنبورج الدولي، من حيث الإجراءات الاحترازية الصحية التي تفرضها منافذ العالم ضد فيروس "كورونا" المميت، مؤكدا أن "الدول الصحية لا تتثاءب".

لم تقع أعيننا فور هبوطنا من الطائرة، وحشرنا في مساحة ضيقة أمام 4 كاونترات فقط لموظفي الجوازات، على عدة أشخاص يستخدمون الكمامات الواقية، حيث لا يكفي ثلاثة أشخاص للفت الأنظار، بين ركاب طائرة مصر للطيران التي طارت من القاهرة وعلى متنها ما لا يقل عن 300 راكب، لكن مصدر العجب كان وجود نحو 15 راكبا آسيويا، لم تُتخذ معهم ولا مع غيرهم أي إجراءات للفحص، أو حتى توزيع نشرات استبيان الرأي التي كانت شرطا لدخول "فروت لوجستيك"، قبل فحص تذكرة الدخول ذات الستين يورو.

المحفل الإنتاجي العالمي الذي تنظمه ألمانيا، أكثر المدن الأوروبية عراقة وتاريخًا، لم يكن تظاهرة أحادية المقصد، لكنها تظل واحدة من أهم المناسبات التي نجحت في جذب الفئة الأكثر براجماتية، وهم فئة تجار الخضروات والفواكه ومزارعيها ومصدريها، ومن برفقتهم من موظفي تسويق وعارضين، وربما بعض أفراد أسرهم، وهي المناسبة التي تحقق دخلا لصندوق بلدية برلين، ما لا يقل عن 250 مليون يورو من بند بيع تذاكر دخول المعرض فقط.

وبحساب المكاسب أيضا، فإن جملة ما تحصل عليه البلدية من إيجار المساحات التي تقدر بنحو 165 ألف متر مربع، مبلغا لا يقل عن 80 مليون يورو، بوصفها صاحبة امتياز منطقة "مسي برلين" - أرض المعارض الدولية، ناهيك عن عدد من الليالي الفندقية لا يقل عن 500 ألف ليلة، كمتوسط غرف تكفي فقط مليون زائر إلى برلين لمدة خمس ليال، وهي حسبة تقدر بنحو 300 مليون يورو على أقل تقدير.

حسابات الرواج المالي للمطاعم والمتاجر والمعالم السياحية لبرلين، على هامش المعرض، كلها تصب في صالح القائمين على ترويج الصورة العملية والسياحية لهذا البلد العريق، الذي يصفه العرب بأن "رفاهيته جد ومثمرة"، والذي خرج من الحرب العالمية كأم فقدت عددًا من أبنائها، اختلفت فيه التقديرات العسكرية والمدنية، ما بين 5.5 إلى 6.9 مليون قتيل ومفقود، ومع ذلك استعادت قواها بالعمل، فبرعت في اللعب بفنون الرياضة، والفنون السينمائية والمسرحية، كما حولت مآسيها التاريخية إلى معالم سياحية خلابة وحاصدة للخير.

بعض العارضين المصريين الجدد في "فروت لوجستيك"، أعلنو فشل مسعاهم في جني ثمرة نفقاتهم التي بلغت نحو 18 ألف يورو لكل "ستاند" بمساحة 12 مترا مربعا، واصفين الإقبال عليهم بالضعيف "المخيب للآمال".

حازم البهنساوي مدير التصدير في شركة "لينا فارم"، واحد من هؤلاء، إذ لم يخف آثار صدمته من حجم الإقبال على الجناح المصري، معللا ذلك بموقع الجناح، "وقد يكون ذلك بسبب اختيار الصالة الأقل تكلفة، لضغط نفقات هيئة تنمية الصادرات"، لكنه عزم على تكرار المشاركة برؤية جديدة في الأعوام المقبلة.

أما محمد وهدان مستشار الإدارة العليا في "لينا فارم"، فيرى أن المشاركة في المعرض مهمة جدا لتبيان صورة مصر الحقيقية في إنتاج تمور "المجدول"، التي نجحت فيها ولاية كاليفورنيا الأمريكية، وصدرته إلى إسرائيل، لينتقل إلى الأردن، ثم الخليج العربي.

ويؤكد وهدان أن "لينا فارم" وحدها نجحت في زراعة 100 ألف نخلة مثمرة، ليزيده حازم البهنساوي بأن خطة الشركة تتضمن بلوغ سقف ال 250 ألف نخلة، وليتفقا معًا على أن المجدول المصري يتميز بأعلى جودة، بسبب الظروف المناخية الطبيعية المواتية لإنتاج ثمرة بنسبة رطوبة طبيعية، دون تجفيف صناعي يفقدها العديد من الخواص الفيزيقية والكيميائية لمكونات الثمرة الغذائية.

وبالنظر إلى الجزء الملآن من الكوب، اتفق عارضون على نجاح هيئة تنمية الصادرات، والمجلس التصديري للحاصلات البستانية، في تنظيم الجناح المصري في "فروت لوجستيك"، لكنهم يؤكدون حاجتهم لمزيد من الدعم المالي والإعلامي والدعائي للصادرات المصرية، كونها الوسيلة الاقتصادية الأكثر نجاحًا في إنعاش حركة الإنتاج المحلي، وخلق فرص عمل، إضافة إلى جذب العملة الصعبة للخزينة العامة للدولة.