الاستثمار في كرة القدم
هل أضاف الاستثمار في كرة القدم إلى اللعبة أم حصر المنافسة بين أندية معينة ؟
انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة الاستثمار في الأندية الأوروبية و بصفة خاصة الاستثمار العربي، وذلك عن طريق قيام رجل الأعمال أو الملياردير بشراء حصة من أسهم أحد الأندية أو شراء النادي بأكمله من مالكه، وجلب أكبر عدد من النجوم للنادي ثم القيام بتسويقهم و تحقيق أكبر قدر من المكسب المادي ،و بدأ رجل الأعمالي المصري محمد الفايد طريق الاستثمار مع نادي فولهام الانجليزي في موسم 1997 – 1998 حيث قام بشراء ملكية النادي مقابل 30 مليون جنيه استرليني ، لكن النادي لم يستطع تحقيق الألقاب وسط كبار الدوري الانجليزي.
و في موسم 2004 – 2005 قام الملياردير الروسي رومان ابراموفتش بشراء ملكية نادي تشيلسي الانجليزي مقابل 140 مليون جنيه استرليني، و قام بجلب أكثر من لاعب مميز لصفوف الفريق حيث أنفق أكثر من 100 مليون جنيه استرليني و قام بجلب المدرب الواعد آنذاك البرتغالي جوزيه مورينهو الذي حقق لقب دوري أبطال أوروبا مع نادي بورتو البرتغالي ، و تُعد تجربة تشيلسي من أكثر التجارب الاستثمارية نجاحاً ، حيث حقق الفريق اللندني أكثر من لقب للدوري الانجليزي و كأس الاتحاد الانجليزي و دوري أبطال أوروبا عام 2012 و كأس الاتحاد الأوروبي عام 2013.
وفي موسم 2008 – 2009 قامت مجموعة أبو ظبي المتحدة للاستثمار برئاسة منصور بن زايد آل نهيان بشراء نادي مانشستر سيتي الانجليزي مقابل 1,3 مليار جنيه استرليني ، ونجحت هذه التجربة نجاحاَ كبيرا ففي نفس الموسم قامت مجموعة أبو ظبي المتحدة بجلب لاعبين مميزين للفريق مثل البرازيلي روبينهو لاعب ريال مدريد و التوجولي إيمانويل أديبايور هداف الدوري الانجليزي و مهاجم أرسنال و الفائز بجائزة أفضل لاعب في القارة السمراء عام 2008 ، واستطاع الفريق تحقيق لقب كأس الاتحاد الانجليزي عام 2011 بعد غياب عن التتويج لأكثر من 42 عامًا، كما حقق السيتي لقب الدوري الانجليزي بعد غياب 44 عام ، وتوالت ألقاب الفريق و أصبح منافساً قوياً على لقب الدوري الإنجليزي كل موسم
كما قام جهاز قطر الاستثماري برئاسة ناصر الخليفي عام 2011 بشراء 70 % من أسهم نادي باريس سان جيرمان الفرنسي مقابل 50 مليون يورو وقام بشراء العديد من النجوم مثل تياجو موتا و ماكسويل ولافيتزي و غيرهم، وقام باستقدام المدرب المخضرم الإيطالي كارلو أنشيلوتي وتوالت الإنجازات المحلية للفريق حيث تمكن الفريق من الفوز بالدوري الفرنسي 7 مواسم متتالية بعد غياب لمدة 18 عام .
وهناك العديد من التجارب الاستثمارية الناجحة في أكثر من ناد ، ويبقى التساؤل ، هل الاستثمار حصر المنافسة بين الأندية التي تمتلك الأموال فقط ؟ بكل تأكيد نعم ، حيث أصبحت كرة القدم الآن عبارة عن استثمار ، فبالنظر إلى الدوري الفرنسي نجد أن باريس سان جيرمان لا يجد صعوبة في حسمه لامتلاكه الأموال و اللاعبين المميزين و عدم قدرة الأندية المنافسة مثل أوليمبيك مارسيليا و ليون و مونبلييه ، على شراء لاعبين بنفس الإمكانيات .
ونفس الأمر في الدوري الانجليزي سنجد أن مانشستر سيتي و تشيلسي دوماَ في المنافسة ، بينما عاد ليفربول إلى الصورة مجدداَ بعد إبرام صفقات عديدة و قيام مُلاك النادي بجلب عدد كبير من اللاعبين المميزين ، بينما نجد غياب تام عن المنافسة لنادي أرسنال لأن إدارة النادي تتطلع دائماَ إلى كسب المال عن طريق تصعيد اللاعبين المميزين من قطاع ناشئين الفريق وتسويقهم لمختلف الأندية.
و في إيطاليا يسيطر فريق يوفنتوس برئاسة أندريه أنيللي على الألقاب المحلية؛ لأنه يجلب العديد من اللاعبين المميزين لصفوفه وكان آخرهم البرتغالي كريستيانو رونالدو و الفرنسي أدريان رابيو.
بينما ابتعد الميلان عن المنافسة تماماٌ بعد أن كان الفريق الأكثر نجاحاَ ، حيث انهار الفريق بعد موسم 2011 الذي حقق من خلاله لقب الدوري الإيطالي و قام مالك الفريق بيرلسكوني ببيع أبرز لاعبيه ، و بدأ إنتــرناسيونالي العودة مجددا إلى الصورة هذا الموسم بعد استقدام المدرب أنطونيو كونتي و جلب العديد من نجوم الدوري الإنجليزي إلى صفوف الفريق مثل لوكاكو و إيريكسن و أليكسيس سانشيز و أشلي يونج ، ونستنتج من هذا أن المال و الاستثمار الرياضي في كرة القدم أصبح أمراَ ضرورياَ للمنافسة على الألقاب المحلية و القارية ، فأصبحت كرة القدم أكثر من مجرد لعبة ، وتتجه أنظار متابعيها إلى الأندية الأكثر جلباَ للنجوم
أما إذا نظرنا لعيوب الاستثمار فنجد أنه أدى إلى زيادة مبالغة في أسعار اللاعبين وهذه الزيادة حصرت المنافسة بين أندية بأعينها و أصبحت هذه الأندية محط أنظار اللاعبين قبل المشجعين.