الخميس 16 مايو 2024 مـ 10:07 صـ 8 ذو القعدة 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

المتبقيات الزراعية ”الأزمة والحل”

الموقف العلفى فى مصر
من المشاكل الرئيسية التى تؤثر بشكل مباشر على الثروة الحيوانية فى مصر هى مشكلة الأعلاف خاصة الأعلاف المركز حيث يصل انتاج مصر منها حوالي 7 مليون طن سنويا بينما تصل إحتياجاتها الي حوالي 12 مليون طن سنويا وبناء عليه تصل الفجوة في الإحتياجات من الأعلاف المركزة الي 5 مليون طن سنويا.

هذه الفجوة يتم تغطيتها بالإستيراد حيث تستورد مصر حوالي 5.5 مليون طن من الذرة الصفراء حيث أن مساحة الذرة الصفراء المزروعة تصل الي حوالي 325 الف فدان بمعدل إنتاجية للفدان حوالي 18 أردب (أردب الذرة الحبوب المفرطة : 140 كيلو) أى حوالى 2.5 طن للفدان، هذا بالإضافة الي 1.5 مليون فدان يتم زراعتها بالذرة الشامية بمعدل إنتاجية للفدان تصل حوالي 24 أردب للفدان (3.3 طن للفدان). هذه الكميات كلها يتنافس عليها الإنسان والحيوان مما يجعلها تغطي فقط حوالى 20% من إحتياجات صناعة الأعلاف. بالاضافة الي هذا تصل كمية الإستيراد من كسب فول الصويا كمصدر للبروتين في علائق الحيوان لحوالي 2.5 مليون طن.

من هذه المعطيات البسيطة نجد أن هذه المشكلة تلقي عبئا ثقيلا علي الإنتاجية من الالبان واللحوم، بل لا أذهب بعيد عندما أقول أنها تؤثر على إقتناء المزارع للماشية وهذا أمر فى منتهى الخطورة على الثروة الحيوانية فى مصر التى تتبعثر 80% منها بين ايادى أصحاب الحيازات الصغيرة وأيضا يلقى بظلال قاتمة على تنمية الثروة الداجنة فى القطاع الريفى.
الاسعار المرتفعة للاعلاف المركزة سواء للدواجن أو الحيوان ثؤثر بشكل كبير على مربى الماشية والدواجن فى القطاع الريفى الذى يعانى من إرتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج أصلا، علاوة على تفشى الأوبئة، ناهيك عن تاثر هذا القطاع بالتغيرات المناخية وما يدور فى كواليس المياه ومشاكلها وتاثيرها على القطاع الزراعى بشكل عام والتى سوف يتاثر بها قطاع الثروة الحيوانية والداجنة والأسماك. فى ظل المعطيات السابقة كان لزاما علينا طرح الحلول الممكنة فى ظل الإمكانات المتاحة للدولة.

وتوجيه نظر متخذى القرار فى الدولة إلى سواء السبيل. وفى الحقيقة أن كل هذا معلوم للقاصى والدانى فى الدولة المصرية وبالرغم من ذلك نجد من ينادى بدون وعى بشراء عجلات أبقار عشار أو تحت عشار لتوزيعها على الفلاحين الذين يملكون قوت يومهم بالكاد ويطرحون هذا الفكر على السيد رئيس الجمهورية على أنه الحل الأمثل والأوحد ويملئون به وسائل الإعلام يوميا فى صورة وعود مهلكة ومضحكة فى نفس الوقت لان لا أحد منهم ينظر إلى الواقع الحقيقى الذى نحياه ولا يعطى للمتخصصين الحقيقيين الفرصة لطرح الأفكار أو العمل، فلترحمونا يرحمكم الله.

علاقة الموقف العلف بالتحسين الوراثى للماشية المصرية

من أجل ذلك انادى بإستغلال هذه الفرصة والقبض عليها لتحويلها من واقع مر إلى نجاح باهر. و يحدث ذلك عن طريق الإهتمام بسلالات الحيوانات والدواجن المصرية (المحلية) المنتشرة فى القطاع الريفى والتى تتحمل الظروف والبيئة المصرية ومشاكل التغذية والأمراض التى أصبحت متوطنة.

والإهتمام بهذه السلالات لن يتيح فقط تحسينها وراثيا من خلال وضع الخطط والبرامج القومية ومتابعة تنفيذها من قبل المتخصصين بل سوف يسهم فى إحداث تنمية ريفية حقيقية بربط الارض بالنبات وبالحيوان من خلال دورة زراعية هى فى الأساس أحد الدورات البيئية للطبيعة والتى يتكامل فيها أضلاع مثلث هذه الدورة من الحيوان والأرض والنبات.

فى القطاع الريفى كما ذكرنا سالفا، يتبعثر 80% من ثروتنا الحيوانية فى هذا القطاع المنسى. ولو أن المزارع قام بتحقيق الدورة المشار إليها لارتفعت خصوبة الارض وتحسنت إنتاجية النباتات و يجد الحيوان ما يتغذى عليه. ومن هنا تبداء الحكاية....

المتبقيات الزراعية: "من ثروة مهدرة إلى قيمة فاعلة"

هذه الثروة التى لاتهم أى فرد فى مصر ويتعامل الجميع معها على أنها مخلفات يجب حرقها لدرجة أننى فى إحدى زياراتى لصعيد مصر فى الندوات الإرشادية والقوافل البيطرية، وعندم كنت أوضح للمزارعين أهمية إستخدام سفير القصب كعلف حيوانى والذى كان يتم حرقه فى الارض، وقف أحد المزارعين يقول لى أنه ينفذ تعليمات وزارة الزراعة بان يقومو بحرق سفير القصب فى الارض ليتحول الى سماد. فإذا كان هذا هو فكر وزارة الزراعة فما ذنب الفلاح الذى ينفذ توصياتها الخطاء.

حتى إذا كنت تود أن تستفيد من هذا المتبقى الزراعى عالى القيمة الغذائية فكان من الممكن تحويله لسماد بطريقة أفضل.
وللتدليل على أهمية المتبقيات الزراعية سوف اقدم هنا ثلاث صور هامة يمكن الاستفادة منها عند تطبيقها فى الريف المصرى كى نوفر علف جيد القيمة للمزارع المصرى يساعد على تحسين مواردنا الوراثية وزيادة دخل الفلاح وتحسين خصوبة التربة وامور شتى بخصوص هذا الامر.

الصورة الإولى (عيدان الذرة الخضراء):

فى النشاط البحثى لعلماء النبات (المتخصصين فى تربية النبات ) أسفر عن إنتاج سلالات من الذرة تنضج الكيزان وعيدانها خضرا لإستخدامها كعلف للحيوانات المزراعية. مصر تزرع مساحة من الذرة الشامية والذرة الرفيعة تصل إلى 2 : 2.5 مليون فدان سنويا.

الفدان ينتج عيدان خضراء مقدارها 10 : 12 طن عيدان خضراء فى الفدان أى أن إجمالى العيدان الخضراء الناتجة تصل الى 20 مليون طن. عند عمل سيلاج من هذه العيدان فإننا نحصل على 20 مليون طن سيلاج.

الأمر الأكثر خطورة هو أن حوالى 40% من هذه المساحة المنزرعة من الذرة يتم تحويلها الى سيلاج بالكيزان.

كل طن من هذا السيلاج يهدر 250 كجم من الحبوب حيث أن طن السيلاج يحتاج فقط الى 50 كجم من حبوب الذرة (لإحداث التغيرات المرغوبة فى حفظ العيدان الخضراء فى صورة سيلاج) وبالتالى اجمالى عيدان الفدان 10 طن تحتاج 500 كجم من حبوب الذرة فقط للاستفادة منها كمصدر للطاقة فى عمل السيلاج، وبذلك نجد أن عمل السيلاج سوف يهدر 2 طن من الحبوب لكل فدان ، أى أننا نهدر سنويا من الحبوب 1.6 مليون طن من االحبوب فى صناعة السيلاج دون داعى.

على الجانب الاخر يمكننا توفير كميات أكثر من هذه الحبوب عند استبدال حبوب الذرة بمصادر طاقة اخرى بديلة وكثيرة منها (المولاس – نوى البلح – البلح الفرز – كسر المكرونة – كسر الارز – فرزة

البطاطا – فرزة البطاطس ... الخ) ولى ثلاث بحوث فى هذا الشأن تحت النشر الدولى الان عن هذا الموضوع.

الصورة الثانية (عيدان الأرز الخضراء):

تمكن الباحثين أيضا فى مجال تربية نبات الارز من إستنباط أصناف من الارز تنضج سنابلها وعيدانها خضراء وحصادها بهذا الشكل يجعلنا نحصل من الفدان على حوالى 6: 8 طن من عيدان الأرز الخضراء والتى يمكننا تحويلها الى سيلاج. وتزرع مصر حوالى مليون فدان من الارز، أى أننا يمكن أن ننتج سنويا من عيدان الارز 6 مليون طن من السيلاج بنفس الاسلوب الذى يتم مع عيدان الذرة بدون كيزان.

الصورة الثالثة (عيدان القمح الخضراء):

من الصورة الإولى والثانية كان علينا منذ فترات طويلة لتوجيه البحوث فى مركز البحوث الزراعية الى إنتاج أصناف من نبات القمح تنضج وعيدانها خضراء مثلما حدث مع كلا من نبات الذرة والارز. فمن المعروف أن مصر تزرع سنويا حوالى 3.5 مليون فدان من القمح، وهنا أنا أدعو الزملاء المتخصصين فى بحوث تربية نبات القمح أن يحذو حذو الزملاء المتخصصين فى تربية نبات الذرة ونبات الارز. فى هذه الحالة سوف ينتج الفدان حوالى 6 مليون طن من العيدان الخضراء والتى منها يمكن إنتاج سيلاج حوالى 21 مليون طن.
مما سبق ياسادة نرى أنه من ثلاث محاصيل فقط يمكننا أن نحصل على كمية من السيلاج (47 مليون طن مع ملاحظة أن المادة الجافة لهذه السيلاجات 30: 35 % من المادة الجافة) تعادل ما ينتجة مليون فدان من البرسيم (الذى ينتج 60 مليون طن بها 12% مادة جافة). هل يتطيع أن يتوقف أحد ليسئل عند تحويل هذه الكميات لمنتجات حيوانية من اللبن واللحوم فكم تساوى؟ وكم نهدر من هذه الثروة؟ هل نستطيع الأن أن نرى بوضوح أهمية هذه الثروة المهدرة؟ هل يتحر مسئولى الزراعة المصرية لوضع آليات للإستفادة من هذه الثروة؟ أم هل سنظل نسئل ولا من مجيب؟

الصورة الحالية لإنتاج المتبقيات الحقلية فى مصر

كل ماتحتاجة هذه الكميات من متبقيات المحاصيل وهى خضراء (للإستفادة منها فى صورة سيلاج) الى وسائل بسيطة وآليات قابلة للتطبيق يمكن شرحها بإستفاضة للسادة المسئولين إذا رغبو فى ذلك الأمر وكان لديهم إهتمام جاد فى هذا الموضوع.

لان هذه الكميات الضخمة من المتبقيات الزراعية تتواجد فى الاساس عن المزارعين (مربى الماشية فى القطاع الريفى) ولن تتكلف الدولة فيها شيىء حيث يحتاج المزارع فقط الى التدريب على تقنية تصنيع السيلاج باستخدام مصادر الطاقة غير التقليدية.

وهذه الاعلاف تتناسب مع الحيوانات المحلية المصرية التى يجب أن تعود لها الروح مرة اخرى من خلال خطط التربية والتحسين الوراثى. الأمر يتعدى ذلك ايضا الى افاق اخرى فعند قيامى بحساب المتبقيات الحقلية الجافة ثانويا على مستوى محافظات الجمهورية كانت بيانتها كما هو موضح:
☒ إجمالى محافظات الوجه البحرى بها مساحة محصولية 8601132 فدان، تنتج كمية 21.55 مليون طن متبقيات زراعية.
☒ إجمالى محافظات مصر الوسطى بها مساحة محصولية 2717961 فدان، تنتج كمية 6.13 مليون طن متبقيات زراعية.
☒ إجمالى محافظات مصرالعليا بها مساحة محصولية 2132128 فدان، تنتج كمية 4.74 مليون طن متبقيات زراعية.
☒ إجمالى محافظات خارج الوادى بها مساحة محصولية 2175873 فدان، تنتج كمية 4.47 مليون طن متبقيات زراعية.
☒ الاجمالى العام للجمهورية بها مساحة محصولية 15627094 فدان، تنتج كمية 36.89 مليون طن متبقيات زراعية.

وبالتالى نرى أن مصر تنتج سنويا حوالى 37 مليون طن (جافة ثانويا) من المتبقيات الحقلية (فى حال إذا لم نستخدم الأخضر منها) يمكن الإستفادة منها مما سوف يحقق عوائد إقتصادية على مستوى المزارع و الذى معه ينعكس على المستوى القومى وكذا يحقق نظافة البيئة وسلامتها.

ففى حين انه يمكن الاستفادة من هذه المتبقيات واستغلالها الاستغلال الامثل بعد معالجتها لتحسين الاستفادة منها برفع قيمتها الغذائية ليصل المتحصل منها على 13 – 14 مليون طن مركبات غذائية مهضومة (م.غ.م) وهو مايعادل توفير 21 – 22 مليون طن من مصبعات العلف المركز، هذه الكميات تغطى احتياجات انتاج 23.2 مليون طن لبن او يغطى ما يعادل انتاج 3.6 مليون طن لحوم حمراء صافية، وبالتالى فإن هذه النواتج تمثل قيمة مالية طبقا لأسعار 2019 بالجنية المصرى مقدارها 200 مليون جنية فى حال إستخدامها فى إنتاج الألبان او 350 مليون جنيه فى حال توجيهها لانتاج اللحوم.

فى ذات الوقت نجد أنه خلال عمليات التحويل هذه ينتج عنها فرص عمل تدر دخلا كبيرا للعاملين فى هذا المجال.

وبالتالى فإن الناظر لمثل هذه الأرقام سوف يعرف مباشرة كم الثروة المهدرة نتيجة عدم تدوير المتبقيات الزراعية بالشكل السليم. لذا تهدف رؤيتنا فى هذا المجال الى وضع نسق جديد لإنتاج أعلاف غير تقليدية محسنة عند المزارع عن طريق إثراء المتبقيات الزراعية لديه فى صورة يسهل تداولها من خلال تطبيق يمكن تنفيذه فى كل قرية من القرى المصرية.

الأمر لايتوقف عند هذا الحد يا سادة بل يتعداه الى تواجد متبقيات التصنيع الزراعي والأسواق وهذه منها نباتية المصدر و حيوانية المصدر وكذا متبقيات عرضية و مختلطة واخرى من الاعشاب و النباتات المائية وكذا مواد اخرى متنوعة. وللحديث بقية.