100 مليون جنيه رأسمالها بمشاركة بنوك مصرية
بورصة السلع المصرية ”طوق نجاه” للمواطن والقضاء على آفه الجشع والاستغلال
الخبراء : إنطلاقة واعدة لحماية المنتج والمستهلك من "جشع الوسطاء"
سنوات طويلة عاشتها الأسواق المصرية في أجواء من العشوائية، فنجد من يحتكرون سلعًا معينة، يتحكمون في الأسعار بالشكل الذي يحقق لهم أرباحًا، بصرف النظر عن مصلحة المواطن..
و لكن جاء قرار الحكومة، ممثلة في وزارة التموين، بإنشاء بورصة للسلع المصرية، حتى يضع حدًا لتلك التجاوزات ويحدد في المستقبل أسعارًا عادلة لجميع السلع بهدف تحقيق الشفافية، خصوصًا وأن الوزير علي المصلحي أعلن تأسيس شركة لإدارة البورصة السلعية برأس مال 100 مليون جنيه، علي أن تكون بورصة حاضرة على غرار بورصات العالم.
هذا وقد رصدت "الأرض" آراء المتخصصين والخبراء في هذا المجال.. والتي جاءت على النحو التالي ..
رئيس البورصة السلعية يكشف لـ "الارض" كواليس تأسيس الشركة المصرية :
من جانبه، أوضح الدكتور ابراهيم العشماوي مساعد وزير التموين والتجارة الداخلية، ورئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية، أن شركة البورصة المصرية عبارة عن مجموعة من المساهمين سواء من الحكومة أو القطاع الخاص، موضحاً ان الهدف هو إنشاء سوق منظم لتداول السلع، لافتاً إلى انه تم وضع اللمسات الأخيرة لإدارة شركة البورصة السلعية وذلك بالنسبة للشقين القانوني والإداري للشركة، مضيفاً "تم اختياري كرئيس مجلس إدارة البورصة السلعية" .
وأضاف "العشماوي" - في تصريحات خاصة "للأرض" - أن بورصة السلع ستبدأ بأربع سلع إستراتيجية وهم الأرز والقمح والسكر والزيت خلال الجلسات الأولي للتداول، مشيرا إلي أن شركة إدارة البورصة السلعية هي التي من شأنها الإشراف على تنظيم عملية تداول مختلف السلع الغذائية والاستهلاكية بين المنتجين والتجار.
ولفت "العشماوي" أن قيمة رأسمال شركة إدارة البورصة السلعية تقدر بحوالي 100 مليون جنيه، وذلك بمشاركة عدة كيانات مصرفية منها البنك الأهلى، البنك الزراعى، بنك مصر، البنك التجارى الدولى، وبنك الاستثمار هيرميس، إضافة إلى وزارة التموين والشركة القابضة للصناعات الغذائية التابعة لها والهيئة العامة للسلع التموينية واتحاد الغرف التجارية واتحاد الصناعات المصرية.
وأشار إلي أن التكلفة الاستثمارية لإنشاء هذه المستودعات العملاقة قد تصل إلى حوالي 3 مليارات جنيه لكل مستودع استراتيجي بإجمالي تكلفة تقدر بـحوالي 21 مليار جنيه لعدد 7 مستودعات، وكذلك تم الإنتهاء من المواصفات الفنية للمستودعات والمخازن الاستراتيجية، وجار طرحها على كبار المطورين.
وأوضح أنه يجري اختيار مواقع المستودعات الاستراتيجية للبورصة السلعية، وفقاً لمحددات فنية من أولوياتها القرب من شبكة الطرق والمحاور الرئيسية وأيضا المواني الجافة والبحرية وذلك لضمان سهولة الوصول إلى مخازن التعبئة وتشييدها على نطاق جغرافي يضمن أسرع وأفضل وأكفأ وصول للسلع وتغطيتها لجميع انحاء الجمهورية.
أستاذ الإقتصاد الزراعي يوضح لـ "الأرض" مخاطر البورصة السلعية في مصر :
قال الدكتور ياسر علي أستاذ الإقتصاد الزراعي، أن تأسيس البورصة السلعية المصرية ستؤثر على المنتجين ذوي الحيازات الزراعية الصغيرة وهذا ما سوف نشهده خلال الفترات القادمة بعد تأسيس البورصة السلعية، ولكن في الوقت ذاته قد تحمى كبار المزارعين وتسويق إنتاجهم بأسعار مرتفعة وهذا ما قد نشهده فى ظل ظروف العرض والطلب والازمة الاقتصادية العالمية وذلك نظرا لتداعيات أزمة "فيروس كورونا" المستجد.
ولفت إلي أن البورصة السلعية تنجح فى الدول التى بها مساحات كبيرة من الاراضى ذات السعة مما قد تؤدى إلى حدوث فشل كبير حال تطبيقها فى مصر وتأثيرها على صغار المنتحين.
وأشار إلي أن البورصات العالمية تعمل بدرجة عالية من الجودة وحماية المزارعين والمنتجين من جشع التجار ولذلك نجحت فى الدول الاوربية ولكن قد تفشل فى تطبيقها فى مصر نظرا لتفتت الحيازات الزراعية وأصبح صغار المنتجين لا حول لهم ولا قوة فى ظل تداعيات الازمة الاقتصادية مما قد يؤثر على قاطرة التنمية والانتاج الزراعى فى مصر.
وشدد الخبير الاقتصادي، علي انه إذا طبقت البورصة السلعية فى مصر يجب أن يكون هناك أليات داعمة لتطبيقها وتفعيلها حتى يتم نجاحها وعدم فشلها ولابد من تكاتف الجهات المعنية من وزارت رى وزراعة ومراكز بحثية لحماية صغار المنتجين من تداعيات الأزمة الاقتصادية، وهذه البورصة السلعية تطبق على كبار المنتجين ذات الحيازات الكبيرة ولا تطبق على صغار المنتجين ذات الحيازات الصغيرة حتى لايؤدى ذلك الى حدوث ازمة لصغار المنتجين لقلة إنتاجهم.
وتابع قائلاً : أن موقف المشتريات الحكومية لا يتحدد الا بقوى العرض والطلب على السلع، ووفقا لتداعيات الازمة الاقتصادية فى ظروف فيروس كورونا المستجد لابد أن نقوم بدراسة السوق والظروف التى يتم فيها عرض السلعة، معتقدا أنه في حال دخول شركاء من الخارج لابد يكون هناك قوانين للعرض والطلب لهذه السلع وزيادة مضطردة في عدد المنتجين والمستهلكين للسلع.
وأضاف : انه بالنسبة لتحديد الأسعار يتم ذلك حسب جودة المنتج وجودة السلعة وطريقة التسويق لهذه السلع وهل هذا الانتاج تم زراعته عن طريق الزراعة النظيفة بدون مبيدات ، أو العكس، ويعتبرهذا المقياس هو المتحكم فى أسعار هذه السلع، موضحاً ان الانتاج الزراعى النظيف الخالى من اى مبيدات تكون أسعاره اعلى من الانتاج الزراعى بالمبيدات وذلك هو ما أثبتته الدول الأوربية، وتفعيل الزراعة النظيفة الخالية من المبيدات.
وأكد أستاذ الاقتصاد الزراعي، أن هذا القرار سيستفيد منه الكبار وقد يؤثر سلبيا على صغار المنتجين ، وحال تطبيقه سوف يتأثر بقوى العرض والطلب وظروف كل سوق، وهل هناك منافسين ووسطاء فهذا قرار قد يؤثر بدرجة كبيرة على صغار المنتجين، وأيضا هناك سلبيات كثيرة قد تقع على المستهلك والمزارع بالنسبة للمستهلكين تؤثر عليه بزيادة أسعار السلع وكذلك المزارع يبيع بسعر مرتفع.
وأوضح ان العرض والطلب على السلعة هو المتحكم فى الانتاج ولذلك يجب أن يكون هناك سعر يسمى بسعر الحماية الأسمى الذى يجب على الجهات المعنية اخذه فى الاعتبار حتى لايؤدى إلى حدوث أزمة اقتصادية فى ظل تطبيق ذلك.
كما أشار إلى دور وزارة التجارة والصناعة فى البورصة المصرية، وحماية صغار المنتجين وحماية السوق من أثر الاغراق حتى يكون هناك تنافسية بين السلع وبعضها ويجب حماية السوق المصرى وزيادة الصادرات وقلة الواردات والمحافظة على تذبذب الاسعار من الارتفاع والانخفاض.
خبير الإرشاد الزراعي : ستقضى على جشع التجار :
أكد صديق فتيح مزارع وعضو الإرشاد الزراعي بدمياط، أن البورصة السلعية ستحقق الشفافية وستكشف الأسعار الصحيحة وستقضى على جشع التجار واستغلالهم للمستهلك، مضيفاً : هناك الكثير من التجار يستغلون عدم معرفة المزارع بالأسعار، متابعا أنه يجب أيضا تسويق المنتجات الزائدة عن احتياج فهناك كثير من الدول لا تنتج ما يتم إنتاجه في مصر.
وتابع قائلاً: " إذا تم تعميمها علي جميع المحافظات ستزيد من العائد المادي علي المزارعين والتجار وستصب أيضا في مصلحة المستهلك ، متمنياً ان تساهم البورصة السلعية في انتعاشة بالسوق المحلية بأسعار مخفضة و التصدير للدول الأخري.
وأضاف أن القيادة السياسية حاليا قوية وتتابع كل شئ ويجب عقاب التجار المستغلين، وبالتالي إنهاء حالة الجشع واستغلال المستهلك، مضيفا أن البورصة إذا لم تستطيع التسويق الخارجي للسلع المعروضة بكثرة فلا يكون لها أي تأثير علي المزارعين ،ولكن سيستفيد منها المستهلك لكثرة السلع المعروضة .
بداية المقترح بقرار وزاري :
وكان الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، قد أشار إلي أنه لا غنى عن وجود مخازن معتمدة لبدء مشروع البورصة السلعية ، موضحاً أنها تنظم عمليات العرض والطلب ويستطيع من خلالها صاحب السلعة أو المزارع الإعلان عن منتجاته، مشيرا إلى أن البورصة السلعية تعدّ جزء من البنية التحتية لمنظومة التجارة الداخلية، كما أنها سوف تشجع صغار التجار بدخولهم ضمن منظومة التجارة المنظمة، مما سينعكس على أسعار السلع لصالح المستهلك والمنتج خاصة مع تقليل حلقات تداول السلع بين الوسطاء ، حيث كانت اللجنة الوزارية الاقتصادية قد وافقت في يناير الماضي على إنشاء البورصة المصرية للسلع، ومن المتوقع أن تتداول البورصة مبدئيا 6 سلع، هي القمح والأرز والذرة والبطاطس والبصل والبرتقال.
وتوزعت حصص شركة البورصة المصرية للسلع التي بلغ رأس مالها 91 مليون جنيه، بين البورصة المصرية للسلع وجهاز تنمية التجارة الداخلية والشركة القابضة للصوامع والتخزين وهيئة السلع والتموين وعدد من البنوك التجارية والبنوك الاستثمارية وشركة مصر القابضة للتأمين وشركة مصر للمقاصة.
وتخطط وزارة التموين من الإستفادة من التطور التكنولوجي الذي ساد العالم، وإتاحة جميع السلع الموجودة لدي كبار وصغار التجار والمزارعين، علي منصة الكترونية متاحه لجميع المستهلكين سواء داخليًا أو خارجيًا، بحيث تكون مرتبطة بجميع المناطق اللوجستية التي إفتتحتها الوزارة، وكذلك مراكز التجميع داخل المحافظات، وتطلقها شركة لإدارة أسواق الجملة في المحافظات المستهدفة.
البورصة السلعية لن تقضي علي التلاعب في الأسعار لمصلحة التجار والوسطاء فقط، ولكنها ستعمل علي منظومة التجارة الداخلية، مما يساهم في ضبط الأسواق وتنظيم عملية التداول، خصوصًا وأن التعاملات داخل البورصة ستخضع لنظام العرض والطلب، بحيث يتم تحديد أسعار السلع بشكل يومي كما يحدث في الذهب والدولار، وأن تكون تلك الأسعار موحده وملزمة لجميع التجار، الأمر الذي يصب في مصلحة المستهلك.
علي جانب السلع والمنتجات الزراعية، ستعمل البورصة السلعية علي رفع مستوى جودة المنتجات الزراعية حيث سيتم إعتمادها بجودة عالية ما يدعم آليات السوق الحرة بين العرض والطلب، كما ستساهم في تنظيم وتنمية التعاقدات الآجلة، لتحقيق استقرار الأسعار علي مدار العام، وتوفر المعلومات للجهات المختصة في الحصول علي حجم الإنتاج وتطور الأسعار وتوافر السلع، ما يساعد علي وضع خطط ومنظومة تفيد في النهوض بالقطاع الزراعي والصناعي، فضلا عن كونها تتناول حلقات التداول بين المنتج والمستهلك.