الأحد 28 أبريل 2024 مـ 08:46 مـ 19 شوال 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

اغتيال بنك داجني مصري بالتجويع

- كلي ثقة ويقين في أن مقالي السابق بعنوان "في مصر .. نشرب شوربة الصقور"، قد وصل إلى طاولة السيد القصير الوزير المعني بملف تنمية الزراعة وإنتاج الغذاء النباتي والحيواني، وتنمية أصولها، والحفاظ على الثروة الزراعية، وفقا للدستور، وهو يعلم علم اليقين أن ما تبقى من إرث بنك الجينات الداجنة المصري، يتعرض للذبح، وأن جدود الدواجن المودعة فيه تعرف طريقها منذ سنوات طويلة إلى أقفاص الفرارجية.

- توقعت أن ينتفض السيد القصير ويفتح ملفا للتحقيق في طلب بيع "أصول وراثية لسلالات دواجن مصرية"، بالرأس للذبح والشوي أو السلق لإعداد شوربة لسان عصفور، بدجاجة لا يتم تقييمها بالمال، وإنما بقيمة بحثية وحضارية تُضاف إلى حسابات الأمم في مجال "البحث العلمي".

- لم تهتز شعرة من السيد القصير حامل حقيبة الزراعة المصرية، في زمن يتضور العالم جوعا بفعل أزمات سياسية ومناخية، ضربت أكثر الدول إنتاجا للغلال، وتضررت معها مصر التي شقت طريقا صعبة لبلوغ درجة الاكتفاء الذاتي من الدواجن وبيض المائدة، قبل ولايته "غير الميمونة".

- أهمية الملف الكارثي الذي أنا بصدده الآن، تتجسد في أن علماء مصر نجحوا عبر تاريخ طويل يقترب من الخمسين عاما، في استنباط 14 سلالة دواجن مصرية، متأقلمة مع البيئة المصرية بكل تغيراتها، ومقاومة للأمراض البكتيرية والفيروسية السائدة في بيئتنا المصرية، وتتمتع بمؤشرات اقتصادية جيدة في مجالي إنتاج اللحم وبيض المائدة، وللأسف تُباع لتجار دواجن الذبح الفوري بالرأس، وليس بالكيلو كبداري التسمين ذات الثلاثين يوما.

- هذه الثروة البنكية الجينية توجد في عنابر تتبع محطات بحثية يملكها معهد بحوث الإنتاج الحيواني، التابع لمركز البحوث الزراعية، والأخير ينظر إليه السيد القصير وزير الزراعة نظرة حسابية لتقييم ثمن المتر المربع في أرضه الكائنة في قلب مدينة الجيزة، وليس مستبعدا أن تكون خطة تحويله إلى مشروع ترفيهي بالمطاعم والملاهي والمقاهي، في أدراج مكتبه، مشفوعة بأن هذه الأراضي الشاسعة ذات الموقع الاستراتيجي لا تغني من حاجة إلى الذهب والفضة.

- قد لا يعلم السيد القصير، أنه مهما طالت ولايته، فلابد من نهاية، وأن السجل التاريخي لا يهمل صغيرة في باب "مجازر البحث العلمي"، وقد لا يكون قد اطلع على سرقة الصيغة الوراثية للدجاج الفيومي المصري، الذي طوره الأمريكان منذ أكثر من 80 عاما، وله قصص توثقها برديات تاريخية يعود عمرها إلى نحو 1550 سنة قبل الميلاد.

- الأزمة لا تتطلب حلولا صعبة، أكثر من تدبير مصدر مالي لتأمين أعلاف لما تبقى من رؤوس هذه الدرر الفريدة، وقد ينسى السيد القصير أنه رئيس مجلس إدارة "حساب تعويضات المضارين من كوارث الدواجن"، وهو حساب يعج بمئات الملايين، ويخول له القانون ولائحة الصرف من هذا الصندوق، أن يؤمن حياة هذا البنك من وديعته المالية التي تتزايد بالساعة وليس باليوم، لكن في الحقيقة، فإن الاقتراب من رصيد هذا الحساب سوف يهبط بقيمة المستحق منه شهريا لصالح الجهة الإدارية التي تهيمن عليه، في ظل ضعف وتراخي مجلس الإدارة الحالي لاتحاد منتجي الدواجن، الأب الشرعي لممولي هذا الحساب.

- هذا المقال بمثابة بلاغ إلى كل من يهمه أمر هذا البلد الأمين، إلى السيد المستشار النائب العام، إلى السيد الوزير رئيس هيئة الرقابة الإدارية، إلى دولة رئيس مجلس الوزراء، وأخيرا إلى السيد رئيس الجمهورية، الباحث عن لقمة عيش لأبناء الشعب المصري بين أنياب السباع والضباع، وهو بلاغ يصب في المعنى الحقيقي لشعار "تحيا مصر".