الأرض
الأربعاء 23 يوليو 2025 مـ 08:10 صـ 27 محرّم 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

باحث مصري: سماد حيوي ينقذ المصريين من سرطان الكُلى ويوقف استيراد القمح

ـ د. محمد فتحي سالم: أوروبا اعتمدت على مصر كأكبر دولة لسد فجوة الغذاء في 2010 بنسبة 40 %


ـ مصر تستهلك 19 مليار متر مكعب مياه لري البرسيم ربع المقنن المائي


ـ ألمانيا منعت "اليوريا" منذ 1978 لثبوت "السرطنة"


ـ مسئولو "الزراعة" خدعوا السيسي باستصلاح 4 ملايين فدان .. والجنزوري شاهد على سرقة المشروع


قال الدكتور محمد فتحي سالم، أستاذ الزراعة الحيوية في معهد بحوث الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية ـ جامعة المنوفية، إنه يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتي من للمحاصيل الاستيراتيجية في مصر، مع توفير نحو 160 مليار جنيه سنويا، "إذا أرادت القيادة السياسية في مصر".



وأضاف سالم في تصريح لجريدة "الأرض"، أنه لم يترك قناة فضائية، أو صحيفة مصرية، إلا ودوّى منها صرخاته للمسئولين، لكن رجع الصدى لا يزال مخيبا لآماله، في تعميم السماد الحيوي كبديل لـ "اليوريا" المحرمة دوليا، ولرفع إنتاجية فدان البرسيم بنسة 300 %، ولتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، بعد توفير مليون فدان من مساحة البرسيم، وتحويلها إلى زراعة القمح.



التفاصيل هنا:





لا يزال نظام الزراعة في العالم أجمع، يسير وفق طريقة تقليدية، ومصر لا تختلف عن هذا المنهج، خاصة في مساحة الأراضي الزراعية في الدلتا، المقدّرة بنحو 5.5 مليون فدان، وفقا للدكتور محمد فتحي سالم.


يؤكد سالم  في دراسة تطبيقية عن تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية في مصر، أن أوروبا اعتدمت على مصر كأكبر دولة لسد فجوة الغذاء فيها  في سنة 2010 بنسبة 40 %  من احتياجتها الزراعية.


وتكمن المشكلة وفقًا للباحث المصري، في أن المساحة المزروعة في مصر تتراوح ما بين 8 و9 ملايين فدان، منها 3 ملايين فدان تزرع بالبرسيم، وتوزع المساحة الباقية على: القمح (2.2 مليون فدان) بعيدا عن الفبركة الحكومية.


ويرى الدكتور محمد فتحي سالم أن مصر لن تستطيع أن "تملك قوتها" قبل أن تتمكن من زراعة 3.5 مليون فدان قمح، لتوفير 21 مليار جنيه سنويا من استيراد الأقماح الرديئة من الخارج، ليتم توزيعها وصرفها على الفلاح المصري، المنتج الحقيقي للقمح، شرط أن تكون زراعة القمح زراعة تعاقدية مثل دول أوروبا كلها.


ويشير سالم إلى أن مصر لا متلاك سوى نحو  8 ملايين رأس ماشية فقط، "وهو رقم ضئيل للغاية، حيث تبلغ نسبة فجوة اللحوم في مصر، ما بين الإنتاج والاستهلاك، 45 %، تستوردها مصر من الخارج في صورة لحوم مبردة أو مجمدة لسد الفجوة.


ثورتان دون "طحين"


وانتقد أستاذ الزراعة الحيوية بمعهد بحوث الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية، حكومة المهندس إبراهيم محلب التي تقدمت باستقالتها أمس الأول، كونها لم تكسر "الصندوق التقليدي للأفكار" لحل مشكلة الفجوة الغذائية في مصر، حيث استمرت مصر في زراعة ما بين 3 و3.5 مليون فدان برسيم، للوفاء باحتياجات 8 ملايين رأس ماشية فقط، فيما ظلت زراعات القمح في حدود 2.2 مليون فدان، لإنتاج رغيف العيش لنحو 90 مليون مصري، ولنظل نستورد قمحا فاسدا بقيمة 21  مليار جنيه.


وأشار سالم إلى عدم وجود خطة استيراتجية مع  تعاقب وزراء الزراعة قبل ثورتي 25 يناير و30 يونيو، لحل مشكلة الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستيراتيجية في مصر وتوفير ما يقرب من 160 مليار جنيه نتيجة استيراد القمح والذرة الصفراء، وفول الصويا، والقطن، والزيوت النباتية، والسكر، والأسماك، واللحوم البيضاء  الداجنة، واللحوم الحمراء، وانتهاء بلبن الأطفال الرضع.


الاكتفاء الذاتي


وعن كيفية تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية، قال سالم إنه يمكن تحقيقها في عام واحد فقط، شرط أن تبدأ مصر بزراعة مساحة لا تقل عن 3.5 مليون فدان قمح زراعة تعاقدية، وبسعر الأردب 500 جنيها بعقود ملزمة من وزارة الزراعة للمزارعين، وذلك بالاتفاق الملزم أيضا مع وزارتي التموين، والمالية، وذلك لتشجيع الفلاح على زراعة القمح.


ويرى سالم أن مبلغ استيراد القمح (21 مليار جنيه سنويا)، يمكن توجيهه لدعم الفلاح، وتطوير منظومة السماد بالتشاور مع مركز البحوث الزراعية، لتوفير الأسمدة على  صورة NPK  (آزوت، فوسفور، وبوتاسيوم) وليس الصورة الحالية من اليوريا المحرمة دوليا، والتي تم  إلغاء استخدامها في ألمانيا مثلاً منذ 1978، لتسببها في سرطان الجهاز الهضمي للمصريين، "ولا بد من الاعتماد على برامج التسميد الحديثة المطبقة في الدول المتقدمة زراعيا".


 تجربة عملية


وأشار أستاذ الزراعة الحيوية إلى تجربة طبقها فريق بحثي في جامعة المنوفية عن الاكتفاء الذاتي من القمح، وعدد من المحاصيل الاستيراتيجية، واستمرت الجهود في هذه التجربة نحو 8 أعوام، وتوصل الفريق البحثي إلى الحل العملي والتطبيقي لمشكلات الزراعة المصرية.


وأكد سالم أن التجربة نجحت في زيادة معدلات إنتاجية الفدان من البرسيم، ثلاثة أضعاف الإنتاج التقليدي، (30 طن في الحشة، بدلا من 10 أطنان حاليا)، ما يفيد في تخفيض المساحة المخصصة لزراعة البرسيم في مصر، لتصبح 2 مليون فدان فقط، وبالتالي توفير 1.5 مليون فدان لزراعة القمح.


 وأشار العالم الصمري إلى أن الفلاحين يعلمون جيدا أن زراعة البرسيم تبدأ مطلع شهر أكتوبر، ليتم حصاد أول "حشة" في منتصف نوفمبر، بما يهدر استهلاك مياه وأسمدة على حساب زراعة القمح.


وذكر سالم أنه من المعروف أن رأس الماشية تستهلك شهريا نحو 1.2 طن برسيم، لذا كان الحرص في تجربة جامعة المنوفية على رفع نسبة البروتين في البرسيم، للمساهمة في زيادة إدرار اللبن، وزيادة اللحم "المشفى"، إضافة إلى زيادة عد "الحشات" من 4 إلى 8، وذلك باستخدام سماد حيوي تم تخليقه بواسطة بكتيريا طبيعية وظيفتها تثبيت الآزوت الجوي.


ولم يهمل الدكتور محمد فتحي سالم، دور الجهات الرسمية في الإشراف على التجارب، حيث يقول إنه استعان بوزارة الزراعة، التي كلّف الدكتور أيمن فريد أبو حديد، الوزير الأسبق، فريقا من قطاع الإرشاد الزراعي، برئاسة الدكتور أشرف الغنام، رئيس قطاع الإرشاد السابق، الذي كتب تقريرا مفصلا عن نجاح التجربة، وأوصى في تقريره ضرورة تطبيق هذه التكنولوجيا الحديثة في تصنيع الأسمدة الحيوية، التي تغني تماما عن التسميد الكيماوي طوال عمر البرسيم، إضافة إلى توفير 40 % من السماد في المحصول التالي، سواء الذرة أو الأرز.


وأكد سالم أن شركة أمريكية عرضت على جامعة المنوفية شراء الاختراع العليم، لكنه كرئيس للفريق الوطني، رفض هذا العرض، وفضل أن يتم توزيعه عبر منفذ تجاري من خلال الشركة المصرية التجارية، المملوكة لبنك التنمية والائتمان الزراعي، أو بالتعاون مع جامعة المنوفية، إلا أن وزارة الزراعة لم تلتفت إلى هذا الإنجاز المصري الخالص.


 "العقدة فى المنشار"


لكن، لماذا يؤكد معظم وزراء الزراعة صحوبة تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح في مصر؟


سؤال يجيب عنه الدكتور محمد فتحي سالم في دراسته، مؤكدا أن السبب الرئيسي في هذا الاعتقاد يرجع إلى أن جميع وزراء الزراعة يضعون "العقدة فى المنشار"، واصفًا إياهم بأن "إيديهم مش في الطين".


وأكد سالم أنه في حالة تبني الوزارة مشروع الاكتفاء الذاتي من القمح، سيتحقق الحلم خلال عام واحد، شرط تحديد مساحة البرسيم عند 2 مليون فدان، ورفع مساحة القمح إلى 3.5 مليون فدان، شرط اعتماد برنامج السماد الحيوي البكتيري الخاص بجامعة المنوفية، والذي تم تجريبه في مناطق مختلفة من مصر، منذ أكثر من ثلاثة أعوام.


 وحول تكلفة السماد الحيوي، كشف الدكتور محمد فتحي سالم أن فدان البرسيم يتم تسميده حاليا في الزراعة التقليدية، بنحو 800 جنيه (سوبر فوسفات، ويوريا)، مقابل 250 جنيها فقط للسماد البكتيري الحيوي، بواقع 5 لترات/ فدان.


واضاف سالم أن فدان القمح يتطلب سمادا تقليديا بما قيمته 1200 جنيه، مقابل 120 جنيها فقط للسماد الحيوي الجديد، (2 ليتر/ فدان)، بما يوفر نحو 4 مليارات جنيه لخزينة الدولة، من فارق تكلفة السماد فقط، ناهيك عن القيمة المضافة التي يحققها في إنتاجية الحليب، واللحم، والقمح، بما يزيد على نحو 40 مليار جنيه.


وأفاد فتحي سالم أن هذا المشروع يحقق ربحية صافية للفلاح في موسم القمح فقط، نحو 12 ألف جنيه، بعد خصم كل تكاليف الإنتاج، حيث يحقق الفدان إنتاجية قدرها 25 أردبا كمتوسط عملي.


القوات المسلحة تتبنى المشروع


 وطالب سالم القوات المسلحة بتبني ملف الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية، لمضاعفة إنتاج الجيش من رغيف الخبز، ولمواجهة خطة الكونجرس الأميركي بإفقار مصر، مؤكدًا استعداد الفريق البحثي في جامعة المنوفية، لإهداء التجربة كاملة إلى الجهات السيادية في الدولة.


ويؤكد فتحي سالم امتلاكه وثائق تورط الكونجرس الأمريكي مع رموز من نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك على إفقار الدولة المصرية، من خلال ضرب الزراعة، وذلك بتوجيه وزارة الزراعة لتنفيذ برنامج ممنهج عن طريق قياداتها، لإشاعة الكراهية بين الفلاح


وزراعة القطن بأساليب عديدة، أهمها: التقاوي المصابة بالأمراض الفطرية الفتاكة، وغيرها الذي لا يصلح للزراعة، وكذلك إدخال مبيدات "مضروبة" وغير فعالة.


 تطبيق على أرض الواقع


وقال سالم  إن هناك تجارب عملية طبقت وشهدها العديد من الفلاحنين، يتقدمهم عبد المجيد الخولي، رئيس اتحاد الفلاحين الراحل.