«الأوز المصري» على حافة الانقراض.. ومطالب بحملة قومية للحفاظ عليه
الأوز المصري طائر يمثل أيقونة فريدة منذ آلاف السنين، حيث تعتبر مصر أول بلد استنثت الأوز في العالم وظهر ذلك على جدران معبد الكرنك، فمكث يرقص في ماء الترع وأصواته تتعالي داخل الحظائر ليعطي رمزاً مميزاً للريف المصري الأصيل.
وظلت ثروة الأوز المصري بين يدي المربيات المصريات في العشش والأكواخ والحظائر، فكانوا يتنافسن في تربيته بكل ما لدهم من خشاش البيوت وتبقى الفلاحة الأشطر بين زميلاتها هي من تمتلك تعداد أكبر من الأوز، حتى استطاعت مصر أن تحتل المركز الثاني عالمياً بعد الصين في إنتاج الأوز متصدرة بذلك قائمة الإنتاج في الشرق الأوسط.
«الأرض»، استطلعت بعض أراء الخبراء والمربين للوقوف على حالة الأوز المصري.
وقال الدكتور سيد محفوظ، رئيس بحوث الدواجن ومسؤول ملف الأوز بمعهد بحوث الإنتاج الحيواني، إن الأوز المصري لم يحدث فيه خلط وهو مصري بنسبة 100% لأنه مستئنث من أكثر آلاف السنين ولم يتم ادخال "أوز" من خارج البلاد، لذلك فهو مصدر وراثي مهم ببصمة وراثية مصرية ومتأقلم مع البيئة والغذاء بدون مراعي ولا مزارع، فضلا عن القيمة الغذائية العالية كمصدر بروتين وكذلك الفوائد المرتفعة لكبد الاوز باعتباره منشط جنسي تصنع منه أشهر أنواع الفياجرا الفرنسية، ويستخدم في الصعيد كحارس للحظائر تحت اسم «الكلب الحلال» لما يصدره من أصوات عالية عند دخول أي غريب للحظيرة ما يستدعي ضرورة الاهتمام به و الحفاظ عليه.
وأضاف «محفوظ»، أن المحافظة على المصادر الوراثية شىء هام جدا لانه متعود على درجة حرارة معينة وطبيعة الغذاء المقدم له والسلوك البشرى في التعامل معه.
وأشارت تقارير، إلى أن العشر سنوات الأخيرة في مصر شهدت انخفاض ملحوظ في تعداد الاوز المصري تحديدا من عام ٢٠٠٩ _٢٠١٩ ما استدعى معهد بحوث الإنتاج للحيواني للبحث والتقصى حول أسباب هذه المشكلة والسعي نحو محاولة حلها.
حيث أكد رئيس بحوث الدواجن، أن أعداد الأوز المصرى تراجعت بشكل كبير فمنذ 10 سنوات كان متواجدا فى الأسواق لكن لاحظنا في الآونةالآخيرة -كمشاهدة عامة- قلة المعروض منه بدون أرقام موثقة ، فبدأ المعهد في عمل مسح في الأسواق و زيارات للمربين في ثلاثة محافظات حيث تم اختيار محافظة من كل إقليم جغرافى فمن الدلتا تم اختيار محافظة كفر الشيخ ومن إقليم مصر الوسطى تم اختيار محافظة الفيوم ومن صعيد مصر تم اختيار "الأقصر" .
ثروة الأوزة بين يدي ربات البيوت
وأضاف «محفوظ»، في تصريحات خاصة لموقع الأرض «الأرض»، أنه تم زيارة 59 مربي، ومن كل قرية تم زيارة من 3 الى 5 مربين للحصول على إجابات لتساؤلات خاصة بإنتاج "الأوز" والبيئة التي يعيش فيها واكتشفنا أنه لا يوجد مزارع متخصصة لتربية وانتاج الأوز فى الثلاث محافظات، مشيراً إلى أن الأوز يتم تربيته بمعرفة ربات البيوت في قطعان صغيرة من 2-3 حتى 15 أوزة عل هامش تربية الطيور المنزلية الأخرى، لافتا إلى أن أغلبهم يقتنيه بالاعتماد على الموروث الثقافى للفلاحين فلا يتم أخذه من الناحية التجارية بقدر كبير حيث أن المرأة الريفية هي المسؤولة عن تربيته ورعايته اليومية وبيعه في الأسواق .
وكشف محفوظ، أن نتيجة المسح التي تمت بناءاً على إجابات المربين بينت أن ليس لديهم الرغبة في زيادة التوسع وتربية الأوز مرى أخرى بسبب نسبة الفقس والخصوبة المنخفضة فضلا عن ارتفاع أعداد الوفيات فى في الأعمار الصغيرة.
أسباب عزوف المربيين عن الأوز
وفقًا لخبراء تربية الدواجن، فإن ارتفاع معدل الوفيات له عدة أسباب منها الرعاية غير الجيدة مع قلة الامكانيات وعدم الدراية الكافية في استخدام بعض الأدوية للحفاظ على حياة الطائر فى بداية عمره بالإضافة لعدم تقديم الغذاء المطلوب الذى يحتاجه الطائر من طاقة وبروتين،فضلا عن غياب التحسين الوراثى فيه، لندرة الأبحاث العلمية عن الاوز المصري، ومع قلة الوعي وضيق اليد جعل المربيات يقدمن له المتبقيات الغذائية للبيوت ما أدى لتدهور الانتاج كذلك عدم وجود برنامج غذائي وعلاجي واضح ومتزن أدى إلى إقلاع المربيين عن إقتناءه وتربيته.
أفاد الخبراء ،أن هناك تحديات أخرى تواجه نمو قطعان الأوز تتمثل في عدم وجود مزارع كبيرة لانتاجه كما أن شراء الاوز يتم من مصادر مختلفة وأعمار متباينة يساعد على انتقال الأمراض بين القطعان بعضها البعض وارتفاع نسبة النفوق، ما يفتح الباب على مصرعيه أمام زيادة التوسع في إنتاج البط على حساب الاوز.
ذكر رئيس بحوث الدواجن، أن المعهد جمع الأوز المصرى من المحافظات التي تم اجراء المسح فيها على اعتبار أنه سيكون ممثل من الجمهورية كلها وذلك لحفظ المصادر الوراثية، مشيراً إلى أن كل محافظة كان لها ميزات نسبية عن الأخرى.
وأشارإلى أن القطيع حاليا في محطة السرو ويمثل أقاليم الجمهورية الجغرافية في حدود 200 طائر من الأوز "إناث وذكور" ويتم العمل على زيادة العدد وعمل انتخاب وراثى لزيادة الإنتاجيه.
يُشار إلى أن معهد بحوث الإنتاج الحيواني أطلق مجموعة من النشرات الفنية و نظم عدد من الدورات التدريبية لتربية وتغذية الأوز فضلا عن جهود مضنية بذلها الباحثون في إثبات أحقية الملكية المصرية للأوز من خلال وصف شكلي وجيني للأوز المصري.
احتياجات الأوز الغذائية
أوضحت النشرة الفنية الخاصة بوزارة الزراعة، أن الاحتياجات الغذائية للأوز قريبة بشكل كبير من احتياجات البط مع إمكانية الإقلال والتوفير في نسبة البروتين لتسجل من ١٩في البادىءثم ١٧ في النامي وأخيرا ١٦% في الناهي والطاقة٣٠٠٠ للبادىء ثم ٢٩٠٠ للنامي ثم ٢٨٠٠ كالوري في الناهي من خلال الغذاء المقدم للأوز خلال اشهر التربية الثلاثة ليتساوي بذلك مع البط ويقل عن الدجاج في الاحتياجات الغذائية ومن ثم تكاليف تراكيب الأعلاف.
حقيقة حساسية الأوز للإصابة بالأمراض
أقر بيطريون، أن مشكلة الأوز تأتي في اختلاف مصادر التجميع واختلاف الأعمار ما يتسبب في نقل الأمراض فضلا عن قلة الرعاية في التربية المنزلية ، لكن في الحقيقة أن الاوز طائر متحمل ومقاوم أكثر من البط مع المحافظة على التدفئة في تربيته.
وقال الدكتور صفوت كمال، الأستاذ بمعهد بحوث اللقحات والامصال، أشهر الأمراض التي تصيب الاوز هم نزلات البرد والطاعون وديدان المعدة وجفاف الفرشة والدرزي، وأنه يمكن الوقاية بسهولة منهم باتباع إجراءات الوقاية و التحصين والعلاج في الأوقات المناسبة .
أوضح رئيس بحوث الدواجن، أن مشاكل تربية الاوز المتضمنة رعايته من ربات البيوت وعدم وجود تحسين وراثي فضلا عن اعتماده على الغذاء المتبقي من المنازل، يمكن أن تكون نبراسا للالتفات نحو رعاية المرأة الريفية من خلال عمل الدعم والتشجيع الحكومي لمربي الاوز بتدشين حملات قومية لدعم تربية الاوز وتقديم تسهيلات لاقتناءه وتسهيل فرص انتاج أوز مصري أصيل يساعد في التخلص من بقايا الأطعمة المنزلية.
ومن جهة أخرى تشجيع المستثمرين نحو انشاء مزارع متخصصة في إنتاج الأوز بتسهيلات وإجراءات ميسرة ما يشجع بدوره الباحثين على الاهتمام بهذا الطائر.