الجفاف يهدد المغرب والعالم.. أزمة غذائية تلوح في الأفق
أصاب الجفاف دولة المغرب مما أثر على انتاج المحاصيل الزراعية، وربما يمتد هذا الجفاف ليصيب دولا أخرى في المستقبل القريب مما يهدد سلامة الأمن الغذائي العالمي.
محمد سديري، الذي يعمل في زراعة ثلاثة هكتارات من الأرض في غرب المغرب منذ عام 1963، لم يشهد في حياته أرضه تعاني من الجفاف كما هو الحال الآن. في العام الماضي، انهار محصول القمح ليصل إلى طن واحد فقط لكل هكتار، وهو أقل محصول حصده على الإطلاق، نتيجة لأسوأ فترة جفاف منذ ثلاثة عقود في شمال أفريقيا.
أثر الجفاف أيضًا على بئر بعمق 25 قدماً في أرض سديري، مما جعله غير قادر على تحمل تكلفة الحفر إلى مستوى أعمق. الآن، يحاول زراعة الشعير لأنه يتحمل الجفاف أكثر من القمح.
ويقول سديري: "كنت أكسب حوالي 10 آلاف درهم من بيع القمح في السنة الجيدة، أتحول الآن إلى زراعة الشعير لتجنب إرهاق التربة، كل شيء متاح باستثناء الماء للشرب والزراعة، نحن بحاجة إلى الماء".
سديري هو واحد من 1.2 مليون فلاح يزرعون الحبوب في المغرب ويعانون من تأثيرات تغير المناخ الذي زاد من وتيرة الجفاف خمس مرات خلال القرن الحالي.
ويمتد تأثير الجفاف خارج حدود المغرب، حيث تستعد البلاد لاستيراد كمية قياسية من القمح في وقت تعاني فيه فرنسا وروسيا من تراجع المحصول. كما انخفضت صادرات المغرب من الفواكه والخضراوات إلى أوروبا والولايات المتحدة وأفريقيا. قال سديري، البالغ من العمر 77 عاماً: "لم نحظ بسنة واحدة جيدة منذ عام 2000، وأسوأ فترة مررنا بها هي السنوات الثلاث الأخيرة. نحن ندعو الله طلباً لرحمته".
السلطات المغربية تتوقع أن ينخفض محصول القمح الحالي إلى أقل من 2.5 مليون طن، وهو أدنى مستوى منذ أزمة الغذاء العالمية عام 2007. كما تتوقع الحكومة الأمريكية أن تكون واردات المغرب من القمح ثلاثة أضعاف هذه الكمية، وهو الموسم الخامس من ستة مواسم ينخفض فيه الإنتاج دون الواردات. هذا يشير إلى تحول واضح في قدرة المغرب على تحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية الأساسية، وزيادة الإنفاق في ظل مواجهة الحكومة فاتورة إعادة إعمار بقيمة 120 مليار درهم بعد زلزال سبتمبر المميت، وتحديث ملاعب كرة القدم استعداداً لبطولة أفريقيا 2025 وكأس العالم 2030.
رغم أن الدول المجاورة تستعد لجني محصول أفضل من الحبوب هذا العام، فإن محاصيل مصر تأثرت بشدة الحرارة، بينما عانت الجزائر وتونس من الجفاف العام الماضي. ويقول عبد الرحيم حندوف، الباحث في "المعهد القومي للبحوث الزراعية"، إن قطاع الزراعة يعاني وخاصة بالنسبة للحبوب، مما يعني استيراد كمية أكبر من القمح على المديين القصير والمتوسط لأن إصلاح الوضع يتطلب وقتاً طويلاً.
مايكل باوم، القائم بأعمال نائب المدير العام لـ"المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة"، يوضح أن موجات الجفاف المتتالية قلصت إنتاج المغرب السنوي من القمح اللين والقمح الصلب والشعير إلى 3 ملايين طن، مقابل 10 ملايين طن في موسم الأمطار قبل ثلاث سنوات. هذا الوضع يهدد الفلاحين الذين يزرعون الطماطم والفلفل والفراولة والزيتون التي تملأ رفوف المتاجر خارج المغرب.
في منطقة الكردان، أكبر منطقة زراعية مروية بمساحة 10 آلاف هكتار، لا توجد مياه منذ نوفمبر، مع انخفاض حاد في احتياطي السدود الرئيسية في المملكة. فرضت السلطات قيوداً على صادرات البصل والبطاطس إلى غرب أفريقيا لتخفيض الأسعار في السوق المحلية. وصرح وزير الفلاحة محمد الصديقي في أبريل الماضي أن زراعة الحبوب انخفضت إلى 2.5 مليون هكتار هذا العام، مقابل 4 ملايين هكتار في السنوات الأخيرة.
الجفاف يزيد التضخم في أسعار الغذاء، إذ أفاد أحمد العامري، عضو مجلس إدارة "تعاونية ريهام"، أن سعر القمح الصلب ارتفع بنسبة 85% منذ 2020. المغرب من بين أكبر المستوردين للحبوب من فرنسا، وأنفق 562 مليون يورو على الواردات العام الماضي.
الطقس القاسي يزيد الفجوة بين الريف والحضر، حيث فقد الريف العام الماضي نحو 200 ألف وظيفة، مما رفع معدل البطالة إلى 13%. ثلثا مزارعي الحبوب يعملون على قطع أرض تقل مساحتها عن ثلاثة هكتارات، ومعظمهم يفتقرون إلى المعدات والتمويل والتدريب على تقنيات الزراعة البديلة.
المغرب يعمل على التكيف من خلال برنامج لاستخدام الحراثة المحافظة على التربة في مليون هكتار بحلول عام 2030، وهي تقنية يمكن أن تزيد المحصول بحوالي 30%. وتستخدم الحراثة المحافظة على التربة في مساحة 100 ألف هكتار حتى الآن.
الجفاف يؤثر أيضًا على برنامج المملكة لتعزيز مشاركة المرأة في الاقتصاد.
عائشة عواتشو و10 زميلات لها في العمل لم يشترين أي قمح صلب لصنع "الكسكس" بسبب ارتفاع الأسعار ورداءة الجودة.