نعطى آلاف الأسماك ولا نعلم الصيد

يبدو أن ملف العمالة اليومية يزداد تعقيدا بدون حلول جذرية ومهما حدث وتحدثنا تبقى " الحاجة" هي سيدة الموقف.
المثل الصيني الشهير: يقول “لا تعطني سمكة، بل علمني كيف أصطاد” ونحن نعطي آلاف وربما مئات الالاف ولكن لا ننفق على تعلم الصيد وتعاد الكرة ألف مرة ونعود بنفس السيناريوهات، بكاء ونحيب ثم يعود الوضع كما هو عليه، نعطى أموال ونصرف مئات الألف من الجنيهات لأسر الضحايا فهل توقف النزيف ؟ الإجابة لا
إذا فصرف التعويضات أمر واجب لكنه ليس الحل الذي يمنع حدوث الكارثة ومهما تأخرت أوقات تمهيد الطرق التي أشار لها البعض بأصابع الاتهام يبقى أن نهتم بالإنسان ويكون السؤال الأصح أين نحن من نشيط الحرف اليدوية والصناعات المنزلية وهل ندعم المشروعات الصغيرة ومتوسطة الصغر بشكل حقيقي لو كانت هناك إجابات شافية لفكر أسر هؤلاء الضحايا ألف مرة قبل أن يُلقى بهم إلى التهلكة.
فبعد سنة تقريبا من حادثة العام الماضي والتي راح ضحيتها عشر عروسات من أصل عشرين فتاة ذهبن للعمل في سيارة ميكروباص مكتظة بالركاب هوت بهم في طريق الذهاب لإحدى المزارع، أمس زادت الفاجعة ورحلت 18 عروسة في سيارة شبيهه أثناء ذهابهن للعمل بمدينة السادات.
المؤلم في هذه المرة هو ذهابهن للعمل يوم الجمعة ( اجازة رسمية) لكن ضيق اليد كان الدافع لخرجهن للشقى والكدح فهؤلاء الجميلات -لا يعرفون إجازات- ففي كل يوم ما يصنف إجازة تتصبب جبائنهم العرق ويصعق آذانهم النهر ويأكلون فًتات الفتات وبقايا الوجبات بحثا عن لقمة العيش الحلال وما بين نوبات العمل لم يخفف عنهم سوى بعض السمر والضحكات لتهون مرارة الأيام فهم يعرفون الحفلات ولا السهرات ولا المصايف والبلاجات.فالدراسة هي الراحة والاجازة تعنى العذاب.
وتبقى أزمة العمالة غير المنتظمة بحاجة لمزيد من الدعم والاهتمام فعدم حماية بيئة العمل ولا توفير وسيلة آدمية لنقل العمال وعدم احترام السلامة المهنية فضلا عن أمور أخرى لا داعي للحديث عنها لعل أبرزها تدنى الأجور كلها علامات بارزة في ملف العمالة اليومية بدون حلول واقعية.
وفقا لقانون العمل فقد نصت المادة 58 على أنه "يحظر تشغيل الأطفال قبل بلوغهم خمس عشرة سنة" وللأسف غالبية العمالة اليومية أطفال دون 15 سنة وأزيدك من الشعر بيتا فليس لهؤلاء ما يثبت أي أحقية في العمل ولا التعويض ومع ذلك يذهبون لضيق اليد وأصحاب العمل يبخسون حقوقهم دون دليل ولا رقيب.
ويبقى التأكيد على أن تكرار نفس التجربة بنفس المعاملات والأدوات، لا يعطى نتائج مختلفة فإن لم نفكر في أول المقال فلا داعي لأن نكمل.