الخميس 9 مايو 2024 مـ 05:22 مـ 1 ذو القعدة 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

د. محمد معيط نائب وزير المالية في حوار لـ "الأرض":

300 مليار جنيه من أموال المعاشات مصونة بسندات ذات عائد شهري لصالح التأمينات

د. محمد معيط مساعد أول وزير المالية في أثناء حواره لـ "الأرض"
د. محمد معيط مساعد أول وزير المالية في أثناء حواره لـ "الأرض"

ـ توصيات السيسي بالفلاحين محل اهتمام هاني قدري

ـ في انتظار نتائج الحصر النهائية لتقدير ميزانية التأمين الصحي على الفلاحين

ـ 3.7 مليار جنيه لدعم القمح المحلي من وزارة المالية

ـ 3 مليارات جنيه للتأمين الصحي على غير القادرين

ـ 2.8 مليار جنيه لبند العلاج على نفقة الدولة

ـ 5 مليارات جنيه لدعم المزارعين في موازنة 2016

 
يتمتع بثبات الموقف وعدم التلون، مهما تغيرت الأحوال، وبلغت الأهوال من حوله.
لايزال يؤكد أن يوسف بطرس والي كان عقلا لن يتكرر في تاريخ "مالية مصر"، ومن مدرسته خرج الكثيرون ممن عملوا في القطاع المالي، أو التأميني، ومنهم محمود محيي الدين، وزير الاستثمار الأسبق، وأحد مديري البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط حاليا، ووزير المالية الحالي هاني قدري، الذي وصفه أيضا بالحنكة وطول النفس والصبر على ظروف صعبة يمر بها الاقتصاد المصري حاليا.
يرى في هاني قدري محارب من الطراز الرفيع، لأنه يقود الخزانة العامة للدولة، في أصعب ظروف تعيشها مصر، ويؤكد أنه تحمل ما لم يتحمله وزير سابق في مهمته كناظر للخزانة العامة للدولة، من وجهة نظره.
الدكتور محمد معيط مساعد أول وزير المالية لشئون الخزانة، ورئيس وحدة العدالة الاقتصادية، أجاب على العديد من الأسئلة في هذا الحوار، الذي تناول أيضا دور وزارة المالية في دعم الجوانب الزراعية وتبني قضايا الفلاحين، وغير القادرين.
إلى التفاصيل:
 
* أراك تذكر يوسف بطرس غالي دائما بالخير، على الرغم مما أشيع حوله بأنه تسبب في تبديد أموال المعاشات وهرب؟
ـ يوسف بطرس غالي لم يسرق، ولم يبدد أموال المعاشات، ومشكلته من وجهة نظري، أنه كان يعمل في عصر أحمد عز، الذي أعطاه مبارك صلاحيات استثنائية غير رسمية، إضافة إلى موضعه السياسي الرفيع في الحزب الحاكم آنذاك.
ويجب أن أذكر هنا يوسف بطرس غالي هو الذي صان أموال المعاشات، حين حولها إلى سندات لصالح التأمينات مباشرة بعائد شهري قدره 8 %.
* وما علاقة أحمد عز بأسلوب عمل يوسف بطرس غالي؟
ـ أحمد عز كان الحاكم الفعلي للحكومة كلها في عصر مبارك، ولا يفوت هذا الأمر على علم إنسان مصري، وبالتالي فإنه كوزير مالية كان مقيدا برؤى غير اقتصادية فنية، وأحمد عز كان رؤاه تجارية سياسية.
* وكيف تأكدت أنت من أن مبارك أعطى أحمد عز صلاحيات استثنائية؟
ـ التقيت مبارك مرتين في وجود أحمد عز، الأولى حينما عاد من رحلته العلاجية إلى ألمانيا، والثانية في مؤتمر الحزب في نوفمبر 2010، وفي كليهما لم يقبل أحدا من الموجودين سوى أحمد عز، والمشير محمد حسين طنطاوي.
* وما تقييمك بصراحة لأداء وزير المالية الحالي، هاني قدري؟
ـ هاني قدري محارب من الطراز الصبور، والحالة التي يمر بها الاقتصاد المصري منذ عام 2011، تتطلب مديرا للخزانة العامة للدولة (وزير مالية) على درجة عالية من الحنكة والصبر، والوزير الحالي رجل تدرب جيدا على إدارة الأزمات، ويكفيه اعتزازا بنفسه أنه قاد الملف المالي والاقتصادي المصري في وقت شديد الخطورة، تعرضت فيه الدولة للعديد من الضغوط المالية، في ظل تنامي عدد السكان، والعلاوات الدورية لموظفي الجهاز الإداري للدولة، والمعاشات المتنوعة والمتعددة.
* الوضع الاقتصادي الحالي يرفع حالة الضغط لدى رجل الشارع والمسئول معا، فهل هناك ضغوط دولية لتخفيض سعر الجنيه أمام الدولار؟
ـ الاحتياج للبنك والصندوق الدوليين، يجعلك تقبل بأي ضغوط، والخزانة العامة للدولة في مصر حاليا تعاني عجزا، فالدخل القومي يقل كثيرا عن الاحتياجات الأساسية لسير عجلة البلاد والعباد، وليس أمام مصر سوى الاقتراض .. وأعتى الدول لا تستغنى عن القروض من البنك الدولي، ولا تستغنى أبدا عن صندوق النقد الدولي، وحين يطلب صندوق الندق الدولي مناقشة أي دولة في برامجها المالية، فليس معناه أنه يمارس ضغوطا على هذه الدولة، وإنما يساعدها على تدبير أمورها، وحل أزماتها، بصفتها عضوا في الصندوق، وبصفته "الجهاز المركزي لمحاسبات الدول الأعضاء".
* ما الفرق بين الصندوق والبنك في المعاملات المالية الدولية؟
ـ البنك يعطي قروضا، ويربطها بجوانب تنموية، أي أنه يختص بتمويل مشاريع تنعكس إيجابا على الدولة، حتى تستطيع سداد قروضها بفوائدها، لأنه بنك ومطلوب منه تنمية موارده أيضا.
أما الصندوق، فهو داعم للميزانية العامة الدولة، ولأنه كذلك، فهو يعطي لذاته الحق، وفقا لقانون إنشائه من جميع الدول الأعضاء (ومصر منها)، أن يدقق الوضع المالي للدول التي تطلب تدخله لمساعدتها، فهو بمثابة مراقب حسابات الدول، أو المدقق المالي لجميع الدول الأعضاء، وهو الذي يصدر شهادات التقييم الائتماني، للحصول على ثقة البنك الدولي، وبالتالي ثقة المستثمر الأجنبي في أي دولة.
* معنى ذلك أن موافقة الصندوق والبنك على إقراض مصر 8 مليارات دولار كانت بمثابة شهادة ثقة؟
ـ الاقتصاد المصري لديه ميزة التنوع، فهناك الزراعة، والسياحة، وقناة السويس، وهي روافد مهمة لدفع عجلة التنمية، خاصة في ظل الاستقرار السياسي الذي باتت مصر تنعم به حاليا. وما تم الإعلان عنه خلال الأسبوعين الثالث من يناير الماضي، ليس قرضا بالمعنى المتعارف عليه، لكن مجموعة البنك الدولي وافقت على زيادة محفظة الأعمال مع مصر إلى 8 مليارات دولار، وهذا في حد ذاته شهادة ثقة في الاقتصاد المصري، والسياسات المالية المتبعة من الحكومة المصرية، خاصة وزارة المالية (الخزانة العامة للدولة).
* ما ذا تعني وحدة العدالة الاقتصادية في وزارة المالية؟
ـ كان مجلس الوزراء قد وافق على إنشاء وحدة تتعلق بالإنفاق على سياسات العدالة الاجتماعية. وميزانية 2015 ـ 2016 تتضمن نحو 250 مليار جنيه للإنفاق على برامج العدالة الاجتماعية، ومنها: علاج غير القادرين ، العلاج على نفقة الدولة ، التأمين الصحي على طلاب المدارس والأطفال ما دون سن المدرسة، والمرأة المعيلة.
ولك أن تعرف أن الدعم الموجه للعلاج على نفقة الدولة، يبلغ هذا العام نحو 2.8 مليار جنيه، مقابل ثلاثة مليارات للتأمين الصحي على غير القادرين، وأكثر من 37 مليار جنيه لدعم السلع التموينية.
* وماذا عن الدعم الموجه للمزراعين، خاصة الفلاحين؟
ـ طبعا هناك فرق بين المزارع والفلاح، لأنه خلال الفترة الأخيرة أصبح هناك رجال أعمال وشركات عملاقة تعمل في مجال الزراعة، ما يطلق عليها صفة مُزارع، أما الفلاح، فهو المواطن الذي يملك حيازة زراعية خاصة، والغالبية العظمي منهم تعيش ما بين الخط المتوسط والفقير. وحظي بند دعم المزارعين في ميزانية 2016 بنحو خمسة مليارات جنيه، موزعة على عدة بنود، أهمها: فروق أسعار القطن (دعم الغزول بـ 825 مليون جنيه)، ودعم محصول القمح (بـ 3.7 مليار جنيه)، إضافة إلى بنود أخرى تتعلق بدعم ماكينات الري بالبنزين والديزل، وفرق سعر الفائدة لقروض الإنتاج النباتي، وصندوق الموازنة الزراعية، ودعم مقاومة آفات القطن.
* أليس من العدالة الاقتصادية رعاية الفلاح صحيا؟
ـ حينما تخصص الميزانية نحو 6 مليارات لعلاج غير القادرين، وبند العلاج على نفقة الدولة، يكون الفلاح قد استفاد من هذين البندين، لأن معظم أبناء الفلاحين يدخلون ضمن شريحة غير القادرين، ومع ذلك تم تخصيص جزء من بند الصحة في ميزانية وحدة العدالة الاقتصادية هذا العام لبند التأمين الصحي على الفلاحين.
* وإلى أين وصل مشروع التأمين الصحي على الفلاحين؟
ـ وزارة المالية في انتظار كشوف الحصر النهائية لأعداد الفلاحين والمزارعين المستفيدين من قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتأمين الصحي على الفلاحين، وهي كشوف تتحمل مسئولية حصرها وجمعها وتدقيقها وزارة الزراعة، من خلال مديرياتها في جميع المحافظات، والجمعيات التعاونية الزراعية في جميع أقاليم مصر.
ولك أن تعلم أن هذا البند مخصص له مبالغ في ميزانية الدعم المخصصة لوحدة العدالة الاقتصادية في وزارة المالية، وتحظى باهتمام دائم من وزير المالية هاني قدري، كونها أحد النقاط المهمة في خطة الرئيس عبد الفتاح السيسي لرفع مستوى معيشة الفلاح المصري.
* وزارة المالية دائما متهمة بتبديد أموال المعاشات، فما رأيك في هذا الاتهام؟
ـ هذا اتهام غير صحيح، وأموال المعاشات مصونة بسندات حكومية، تم استبدالها بالديون عام 2006 من بنك الاستثمار القومي لصالح التأمينات مباشرة. والغريب أن كل من يتحدث في هذا الملف يتحدث بشكل عمومي، دون أن يكون متخصصا في الشأن الفني للقضية ذاتها. ففي عام 2006 بلغت عوائد استثمار أموال التأمينات لدى بنك الاستثمار القومي نحو 240 مليار جنيه، وكانت الخزانة العامة للدولة مدينة لبنك الاستثمار القومي بنحو 196 مليار جنيه، وهنا نجح الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية آنذاك في تحويل الديون إلى سندات لصالح التأمينات مباشرة، وبعائد شهري 8 %.
* لكن لدي معلومة مفاده أن قيمة سندات التأمينات بلغت نحو 300 مليار جنيه حتى نهاية عام 2015، فما سبب هذه الزيادة؟
ـ القانون يلزم الخزانة العامة للدولة بتحمل الزيادات في المعاشات، ويكفي أن تعلم أن رفع المعاش المنخفض فقط في 2015 كلف الخزانة العامة للدولة نحو ثلاث مليارات جنيه، مقابل 4.5 مليار جنيه للمعاش الشامل، ودعم نسبة الـ 1 % لجميع صناديق المعاشات بنحو 2.2 مليار جنيه، ما زاد العبء على الخزانة العامة للدولة بنحو 70 مليار جنيه لصالح صناديق المعاشات بنهاية 2015 فعلا.
* إذن الزيادات تأتي نتيجة تراكم ديون، وليس سحبا من أموال التأمينات لدى بنك الاستثمار القومي كما كان يحدث؟
ـ بنك الاستثمار القومي أنشئ بالقانون 119 لسنة 1980، وكان مجرد فكرة للدكتور عبد الرازق عبد المجيد نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية آنذاك، وأنشئ خصيصا لاستثمار فوائض أموال التأمينات، والبريد، وعوائد شهادت استثمار البنك الأهلي، ومنذ 2006 لم تعد هناك مشكلة بين الخزانة العامة للدولة والبنك.
وهنا يجب التنوية إلى أن بنك الاستثمار القومي يشارك في تنمية الدولة من خلال تمويل المشاريع القومية الكبرى، حيث يتحمل أيضا سلف التلفزيون المصري، وهيئة فاكسيرا التابعة لوزار الصحة المعنية بتوفير المصل واللقاح للأمراض الوبائية، وغيرها من المهمات القومية التي يستثمر فيها أمواله.
ومن هنا يتضح أن أموال المعاشات ليست محل شك ولا تبديد، ولا مخاوف عليها مطلقا، لأن سنداتها المملوكة لوزارة التضامن تدر عائدا شهريا لصالح التأمينات، فيما توجه فوائض أقساطها إلى قناتها الرسمية لدى بنك الاستثمار القومي.