الخميس 18 أبريل 2024 مـ 08:45 صـ 9 شوال 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

تكريم ”نصار” و”الشيتي” و”الخشن” والسمان.. رصيد حميد في خزائن الوطن

سعادتي بعودة الروح إلى نقابة الزراعيين، ليس مصدرها أنني فقط مهندس زراعي، أو محرر علمي، أو مقدم برنامج علمي على قناة "مصر الزراعية"، بل للشعور العام بعودة حياة التكريم إلى هذا القطاع الذي انطفأت فيه مناسبة كانت تحمل اسم "عيد الفلاح"، وكانت تقام سنويا في التاسع من سبتمبر، تاريخ صدور قانون الإصلاح الزراعي، وتاريخ قيام ثورة عرابي.

وربما توقف الاحتفال بما كان يعرف باسم "عيد الفلاح" لشعور رئيس الدولة بأنه لا قيمة حقيقية لاحتفالية لن ترضي الفارس المقصود بها، وهو الفلاح، الذي طواه نسيان الدولة ومسؤوليها، وأصبح الفقر معادلا لصفته واسمه وبيته وغيطه وحياته، على أمل إحياء هذه المناسبة حين يتمكن الرئيس السيسي من إعادة الاعتبار إلى عمود دولته، "الجندي المعلوم"، وهو "الفلاح" .. الذي تتعسع ساحة حربه لتشمل كل ما يتعلق بالأمن الاجتماعي القومي في مصر.

وحين يأتي الدكتور سيد خليفة نقيب الزراعيين الحالي، ببادرة أمل جديدة لهذا القطاع، فيكرم شيوخ مهنة الزراعة في مصر، والداعمين لقطاع الزراعة، على أصعدة البحث العلمي، ودعم التعليم الزراعي، والاستثمار في تصنيع مستلزمات الإنتاج (أسمدة، مبيدات، وتقاو)، فهو شعور ينبع من قلب مهندس زراعي في الأساس، تخرج من كلية الزراعة، والتحق بالعمل باحثا في مركز بحوث الصحراء، ثم قفز تكليفا وتشريفا في قاطرة العمل الزراعي التنفيذي، قبل أن يتم انتخابه بلا منازع في مقعد نقيب الزراعيين، الذي كان قد تعرض للاضمحلال هو الآخر، بعد وفاة النقيب الأسبق الدكتور عبد السلام جمعة.

المكرمون الذين احتفل بهم الزراعيون في ناديهم العريق في منطقة الدقي بمدينة الجيزة، على رأسهم الأستاذ الدكتور سعد نصار، الذي قد لا يعرف عنه الكثيرون أنه صمام أمان الزراعة المصرية، بتشريعاتها القويمة، وأنه حائط الصد المنيع ضد تغريب ما استطاع الحفاظ عليه من أصنافنا النباتية، كما أنه رسول المحبة إلى كل الدول التي اعتادت الاعتماد على حاصلاتنا من الخضروات والفاكهة، فهو الدبلوماسي المحنك في إدارة الاتفاقيات.

تكريم الدكتور سعد نصار في هذه الاحتفالية، يعيد تأطير صورة العالم المفوه المسلح بالقوانين، والخبير الحصيف المدجج بحب الزراعة والزراعيين، والذي رسخ مفهوم "لا حياة لدولة زراعية بلا زراعة نظيفة"، مع من زاملوه من شيوخ المهنة، ومنهم: الدكتور يوسف والي أطال الله في عمره، والمرحوم الدكتور عبد السلام جمعة، والمرحوم الدكتور أحمد الجويلي، والمرحوم الدكتور عبد الرحيم شحاتة، وغيرهم ممن أثروا عالم الزراعة بخدماتهم الجليلة.  

بين المكرمين أيضا، المهندس حامد الشيتي الذي تخرج من كلية الزراعة ـ جامعة القاهرة قبل نحو 60 عاما، ولم يشعر ذات يوم بأنه انقطع عن مدرجات الكلية ولا معاملها، إيمانا منه بضرورة رد الجميل، فأضاف إلى مدرجاتها، وإلى معاملها، وإلى مكتباتها أرففا عامرة بكل ما حلم به كأدوات مساعدة لطالب العلم في هذا التخصص بالذات، كما ساهم في إثراء مدارس التعليم الفني الزراعي، ومعاهده، كما جند شركة "شورى" التي أسسها قبل أكثر من 40 عاما، لتكون كتيبة إرشادية زراعية، وليست قلعة صناعية وتجارية فقط لخدمة الفلاحة والفلاحين، والزراعة والزراعيين في مصر.

وبالمثل، لم تترك الكلية "الشيتي" دون استثماره، فضمته إلى مجلسها الموقر، واستعانت به في كل ما يتعلق بتطوير العملية التعليمية والبحثية والتطبيقية التي يحرص على إتاحتها وتسخيرها لخدمة طلاب العلم الزراعي.

ولم يقتصر دور الشيتي على المساهمة في تطوير الكلية التي تخرج منها، بل امتد لدعم معامل وزارة الزراعة، خاصة تلك المتعلقة بفحص وتدقيق متبقيات المبيدات والعناصر الثقيلة في الأغذية، وذلك دعما لهذه المعامل ورفعا لإمكاناتها الداعمة بدورها لقطاع المصدرين، وبالتالي النهوض بالاقتصاد المصري، وكان ذلك نابعا من دوره العملي كعضو خبير فعال في لجنة مبيدات آفات النباتات في وزارة الزراعة ذاتها.

أما المهندس محمد الخشن، الذي شمله التكريم أيضا، فهو الكيميائي الذي آمن بأنه لا قيمة لعلم دون تطبيق، فاقتحم صناعة الأسمدة منذ ما يزيد على 20 عاما، وهي الصناعة التي تفتقدها مصر، بعيدا عن صناعة الأسمدة الأحادية التقليدية التي انفردت بها مصانع حكومية، يأكل بعضها البعض حاليا، خاصة في وقت يتجه فيه العالم إلى الاستغناء عن الأسمدة الأحادية، لثبوت الحاجة إلى تعظيم القيمة المضافة من الزراعة، باستخدام الأسمدة المركبة والمتخصصة.

ومما يرشح الخشن إلى قائمة المكرمين، تطويره صناعة الأسمدة وتجارتها، حيث أنشأ واحدة من أكبر قلاع إنتاج الأسمدة المتخصصة في الشرق الأوسط، فاتحا أبواب خزائن مصر للعملة الصعبة من تصدير إنتاجه إلى معظم دول العالم، بما فيها: أمريكا، أوروبا، أستراليا، آسيا، وإفريقيا، وحتى الصين، وروسيا، بالتوازي مع خلق أكثر من خمسة آلاف فرصة عمل مصرية خالصة لشباب مصريين من كافة التخصصات العلمية، أغلبهم زراعيين، وعلميين في مجالات: الكيمياء، والهندسة بجميع تخصصاتها.

المهندس سمير السمان، من بين أبرز المكرمين أيضا، وهو أحد أنشط الزراعيين الذين اغتربوا عن مصر عنوة، حيث أقام في البرازيل ردحا من عمره الشاب، وهناك عمل في الزراعة واستفاد من نهضة البرازيل في مجالات إنتاجية عديدة، ولم يبخل على بلده الأم بخبراته، فنقل إلى كليته التي تخرج منها ما استطاع من خبرات، وخصها بأموال ساهمت في إنشاء مبان ومعامل ومكتبات، أثرت معقل العلم الذي يدين له بالفضل.

والمثال النموذجي في شخص سمير السمان، أنه المهندس الذي استشعر مرحلة موت نقابة الزراعيين، خلال الفترة التي أعقبت الدكتور عبد السلام جمعة، فاستبق الخيرات ذاهبا إليها، واستطاع تشكيل مجتمع من المهندسين الشبان، وشيوخ المهنة، وتقدم أيضا لانتخاباتها الماضية، التي فاز فيها الدكتور سيد خليفة على مقعد النقيب، ليستمر السمان داعما لخليفة وللمهندس الزراعي، لإيمانه الشديد بأن خدمة الوطن، لا تشترط "مقاس" الكرسي أو حجم السلاح الذي يصوبه في وجه البطالة والفشل.

لم يقف دور الشيتي والخشن والسمان تحديدا عند دعم الزراعة كحقول ومعامل ومدارس ومعاهد وكليات فقط، بل امتد دعمهم إلى الوسائل الإعلامية التي تنشر الفكر الزراعي، وتجسر المسافة بين المزارعين والمستثمرين في مجال التصنيع، والباحثين المنتجين للعلوم والخدمات الإرشادية في هذا القطاع.

غاية ما يتمناه الزراعيون، أن يأتي التكريم من رأس الدولة، ولا غلو حين أؤكد على أن الاستعانة في كل المشاريع القومية الزراعية، بخبرات من كرّمهم سيد خليفة في حفل نقابة الزراعيين، ستؤتي أوكلها للدولة، لضخ كثير من الخير والنماء في عصب الاقتصاد المصري، وفي ذلك إيداع حميد أيضا في رصيد رئيس الدولة الذي يصبو إلى سد العجز في غذاء المصريين، بما تنتجه أيديهم.

 

 

 

 

 

موضوعات متعلقة