الأرض
الخميس 21 نوفمبر 2024 مـ 10:53 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

كهنة المعبد

ساحكى لكم لماذا تدهور حال الزراعة، وما آلت إليه الحالة، وسبب التدهور وخلفياته التاريخية.

ومن المعروف، أن التاريخ يُكتَب بعد انتهاء الحقبة، لكن الحقبة الزراعية لدينا لا تنتهى داخل وزارة الزراعة، إنما تتحكم فى منظومتها مجموعة يطلق على أعضائها لقب "كهنة المعبد".

هؤلاء يتحكمون في مفاصل الوزارة حتى بعد خروجهم للمعاش، وهم يسيطرون على لجان المبيدات، واعتماد وفحص التقاوي، ومجلس المحاصيل السكرية، ومجلس المحاصيل الزيتية، وهم من يطلق عليهم تاريخيا "كهنة المعبد"، وهم الكهنة الذين يملكون الحل والعقد، هم تلك الجوقة التى تحيط بالحاكم أو الأمير أو السلطان، هم من يسيطرون على البلاط الملكي ويصنعون من هذا القرب أو هذا النفوذ "مراكز القوى".

قد يسميهم البعض البطانة، وقد يسميهم البعض السدنة، كل حسب ثقافته التى غذّت مفرداته، وهكذا تتعدد المصطلحات والمسميات، وتظل مهامهم وأدوارهم هي نفسها.

أما المضمون فهو ذاته، وأما الأدوار لهؤلاء فتتفاقم وتتزايد أو تتراجع وتتقلص، حسب قبضة المسئول الأول، مرونته وتسامحه، أو ضعفه وعدم إدراكه، وهنا يصبح نجاح المسئول أو إخفاقه ليس رهنًا بإمكانياته وصلاحياته، ولا خططه ومشروعاته، وإنما يظل نجاحه مرهونا بحجم نفوذ وإمكانيات المحيطين المسيطرين ومدى قدراتهم وكفاءاتهم.

يَضِل المسئول أو يطغى ببطانته، ويصيب أو يخطىء بما يقدمه أعضاء البطانة له، أو بما يحجبونه عنه، وكلما تمتع المسئول بعلم واسع وكفاءة، مع الاستعانة بأهل الخبرة، يتراجع ويتضاءل نفوذ وطغيان الكهنة، فيفلت المسئول من سيطرة "الكهنة"، شرط أن يظل مدركاً لدورهم وحجمهم، ودوره وصلاحياته.

يجب ألا يمنحهم المسؤول سلطات مطلقة، كما ينبغي له أن يراجع قراراتهم ويحاسبهم على الملأ إن أخطأوا، ليكسر فكرة الكهنوت الأعظم، والادعاء بالسيطرة على صناعة القرار.

أكثر الإساءات للمسئولين تكون من الكهنة المحيطين، فالصورة السيئة التى قد يظهر بها أو عليها المسئول، يتشاركون هم فى صناعتها، ويكون المسئول هو وحده ضحيتها، فالمطبخ الذى يُعد القرارات ويفكر نيابة عن المسئول أو معه، إما أن يقود المسئول للهلاك أو النجاة.

يسقط المسئول إن لم يستمع إلى المواطنين البسطاء، آلامهم وشكواهم، وإن لم يستجب لمطالبهم أو يسعى لتحقيق أحلامهم وطموحاتهم.

هذا السرد يأتي في إطار الحفاظ على المسئول والمعبد من الانهيار ، في ضوء التصيد والتربص، ولذلك ليس لنا جميعًا طوق نجاة سوى العمل والنصح والإرشاد لإنقاذ المعبد وحاكمه من كهنته المرتزقة.