جمعية الاقتصاد الزراعي تصدر ورقة سياسات حول آثار أزمة ”كورونا” على الصادرات الزراعية والتداعيات المحتملة لها

أصدرت الجمعية المصرية للاقتصاد الزراعي ورقة سياسات بعنوان "تحليل آثار أزمة كورونا على الصادرات الزراعية المصرية والسياسات والإجراءات المقترحة للتعامل مع تداعياتها"، بناءً على طلب الدكتور سعد نصار رئيس الجمعية، وشارك في إعدادها نخبة من أساتذة الاقتصاد الزراعي، منهم الدكتور محمد صلاح الدين الجندي أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة المنصورة، والدكتور حمدي الصوالحي أستاذ الاقتصاد الزراعي بالمركز القومي للبحوث، والدكتور خيري العشماوى أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد الزراعي بالمركز القومي للبحوث، والدكتور مغاورى شلبي رئيس المجموعة الاقتصادية بالمكتب الفني لوزير التجارة والصناعة، والدكتور محمد سيد أحمد الباحث بوحدة المعلومات بالمكتب الفني لوزير التجارة والصناعة.

وتناقش ورقة السياسات التي حصل "الأرض" على نسخة منها، آثار أزمة كورونا على الصادرات الزراعية المصرية والسياسات والإجراءات المقترحة للتعامل مع تداعياتها لوضعها تحت نظر صانعي السياسة ومتخذي القرار للاستفادة منها.

وأشارت إلى أنه من الصعب الوقوف بدقة على الحجم الفعلي لآثار الجائحة، ومنها تأثيرها على التجارة الخارجية في مصر والعالم، وذلك لأن الأزمة لها طابع ديناميكي في الآثار وفي سياسات تعامل الدول معها، ولذلك فإن التداعيات الفعلية لهذه الجائحة على تدفقات التجارة الخارجية في مصر والعالم ستتوقف على العديد من العوامل، أهمها الفترة التي سيستغرقها العالم من أجل النجاح في السيطرة على هذا الوباء، وعلى التغيرات التي ستحدثها الأزمة على صعيد مصادر الإمداد في التجارة الدولية، وكذلك تأثيرها على السياسات التجارية التي تتبناها دول العالم، ومنها سياسات تقييد التجارة خاصة على جانب الصادرات من أجل تأمين احتياجاتها الداخلية، وبالطبع ستلعب التطورات في الأسعار العالمية للنفط دورًا هامًا في حصيلة الآثار النهائية للجائحة على تدفقات التجارة العالمية في السلع، ومنها تجارة السلع الزراعية.

وتشير الأرقام المبدئية إلى أن هناك أضرار كبيرة لحقت بالتجارة الدولية، حيث أشارت منظمة الأونكتاد إلى أن الجائحة أدت إلى تراجع التجارة العالمية بنسبة 3% خلال الربع الأول من عام 2020، وأن خسائر قطاع التصدير في العالم بلغت حوالي 50 مليار دولار حتى أول مارس فقط، وأنه من المتوقع أن يتسارع معدل التباطؤ الاقتصادي وتتراجع التجارة العالمية بنسبة تصل لحوالي 27% في الربع الثاني من العام، كما تشير التقارير الدولية إلى أن التراجع في تدفقات التجارة الدولية كان مصحوبًا بتراجع في أسعار أغلب السمع، وكان المحرك الرئيسي لهذا التراجع هو الهبوط الكبير في أسعار النفط، والتي تراجعت بحوالي 33.2% في مارس 2020، وفي هذا السياق تراجعت أسعار السلع الزراعية بأقل من 4%.

وتأتي أهمية الصادرات الزراعية في ظل أزمة كورونا انطلاقًا من كونها أحد أهم المتغيرات تأثيرًا على احتياطي النقد الأجنبي المصري والميزان التجاري، إذ قدرت قيمة الصادرات الزراعية المصرية بنحو 5 مليار دولار عام 2019، منها 2.3 صادرات زراعية طازجة، و2.7 مليار دولار صادرات زراعية مصنعة، وخاصة في ظل تراجع عائدات السياحة وإيرادات قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين في الخارج خلال النصف الأول من عام 2020.

وأكد الدكتور خيري حامد العشماوي، أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد الزراعي بالمركز القومي للبحوث، وأحد المشتركين في إعداد الورقة، أنه من المهم تحليل تأثير جائحة كورونا على الصادرات الزراعية من حيث تأثر الكميات والأسعار والحصيلة وأهم الأسواق، وكذلك التعرف على أهم السياسات التي يمكن تبنيها في الأجل القصير والمتوسط والطويل لتعزيز هذه الصادرات، والتعرف على كيفية الاستفادة من هذه الظروف الاستثنائية في تثبيت تواجد هذه الصادرات في بعض الأسواق الجديدة التي نفذت إليها في غياب المنافسين أو لصعوبة ظروفهم النسبية، لتصبح أسواق دائمة لهذه الصادرات بعد الأزمة، وأيضًا لابد من استخلاص الدروس المستفادة من هذه الأزمة على التجارة الخارجية للسلع الزراعية، لتغيير نمط اندماج

الاقتصاد المصري في الاقتصاد العالمي من مدخل الصادرات والواردات الزراعية لتحسين مركز مصر في هذا المجال.

وأضاف "العشماوي" في تصريح خاص لـ"الأرض"، أنه بدراسة الوضع الراهن لقيمة الصادرات الزراعية المصرية الطازجة خلال الفترة من يناير إلى مارس 2020، ومقارنتها بنفس الفترة في السنوات السابقة، تبين زيادة زيادة قيمة تلك الصادرات خلال الفترة من يناير إلى مارس 2020 (فترة أزمة كورونا) عن نظيرتها بنفس الفترة في الأعوام السابقة، وإن كانت تلك الزيادة طفيفة نسبيًا، وترجع تلك الزيادة إلى زيادة الطلب على السلع الزراعية التي تصدرها مصر في الأسواق العالمية، وفي نفس الوقت تأثر صادرات الدول المنافسة للصادرات الزراعية المصرية في تلك الأسواق، كما تبين زيادة مساهمة الصادرات الزراعية المصرية في الصادرات المصرية الكلية في الفترة من يناير إلى مارس 2020 (فترة بداية الأزمة) مقارنة بنفس الفترة في العامين السابقين، وذلك بسبب زيادة الطلب على السلع الزراعية المصرية في الأسواق العالمية، ومن أهمها الخضر والفاكهة الطازجة.

ولفت "العشماوي" إلى أن ورقة السياسات تطرقت إلى أثر جائحة كورونا على التوزيع الجغرافي للصادرات الزراعية المصرية، واتضح أنه على الرغم من الثبات النسبي للتوزيع الجغرافي للدول المستوردة للسلع الزراعية المصرية قبل بداية الجائحة، إلا أنه بعد مرور فترة زمنية قصيرة من الجائحة تبين وجود زيادة طفيفية في عدد الأسواق الجديدة والواعدة بالنسبة للصادرات الزراعية المصرية، من أهمها موريشيوس والهند وبعض الدول الأفريقية.

كما ركزت على الأثر الكمي لجائحة كورونا على الصادرات الزراعية المصرية، ولفتت إلى أن هناك عدة عوامل مؤثرة على الصادرات الزراعية المصرية تشير إلى زيادة معدل النمو في الطلب على السلع الزراعية في أهم الأسواق العالمية، بالإضافة إلى انخفاض ملحوظ فى عدد الشحنات الزراعية المصرية المرفوضة في أسواق الاتحاد الأوروبي، الأمر الذى يشير إلى تحسين سمعة المنتجات المصرية والعمل على فتح أسواق عالمية جديدة.

وأرجع "العشماوي" أسباب زيادة الصادرات الزراعية المصرية فى بداية أزمة كورونا، حسب ما ذكرته ورقة السياسات، إلى تأثر الدول المنافسة لمصر بجائحة كورونا بدرجة كبيرة نسبيًا بالمقارنة بمصر، وخاصة دولة أسبانيا بالنسبة للبرتقال، ودولة فرنسا بالنسبة للبطاطس، كما أن الصادرات الزراعية المصرية تأتى مبكرة نسبيًا بالمقارنة بالدول الأوروبية المنافسة، مع فتح أسواق جديدة للصادرات الزراعية المصرية مثل أسواق كندا والبرازيل والأرجنتين لمنتجات زيت الزيتون والفاصوليا البيضاء، وأسواق جنوب أفريقيا وبوركينا فاسو ومدغشقر لمنتجات الموالح والعنب والخرشوف، وأسواق ألمانيا للفراولة والمانجو، وسوق روسيا لمنتجات الموز، بالإضافة إلى زيادة الطلب فى الأسواق التقليدية للبطاطس المصرية بنسبة تتراوح ما بين 5- 15% وخاصة الأسواق العربية، إلى جانب جودة الصادرات الزراعية المصرية ومطابقتها للمواصفات الأوروبية والعالمية وتشديد الرقابة على فحص الصادرات الزراعية من قبل الحجر الزراعي والمعامل المعتمدة.

واقترحت الورقة مجموعة من السياسات والإجراءات لمواجهة آثار الوباء على المدى القصير والمتوسط والطويل.

يذكر أن الجمعية المصرية للاقتصاد الزراعي قد أصدرت الشهر الماضي ورقة سياسات بعنوان "تحليل آثار أزمة كورونا على الأمن الغذائي المصري والسياسات والاجراءات المقترحة للتعامل مع تداعياتها".