حديث في أقلمة النباتات وتفريغ القمح
تحدثت ذات يوم عن دور عنصر السيليكا في تفريغ القمح، الذي يشغل باب المزارعين في هذه المرحلة سنويا، ففوجئت برد علمي خبير، أرفع له القبعة، وأدونه هنا بقلم الأستاذ الدكتور أسامة أبو العينين، الأستاذ المتفرغ بمركز بحوث الصحراء.
يقول الدكتور أسامة:
هناك تخصص يتفرع عن علم فسيولوجيا النبات، اسمه: أقلمة النبات stress physiology، والمقصود بالأقلمة هنا، التكيف مع عوامل الإجهاد الذي يتعرض له النبات.
ومن أهم مفاهيم "الأقلمة"، أنه عند تعرض النبات لأى إجهاد، تصدر عنه ردة فعل يُطلق عليا اسم "الشد" أو strain، ويكون الشد مرنا elastic strai، وهو نوع من الاستجابة يبذل فيه النبات جزءا من الطاقة الممثلة في المخزون الكربوهيدراتي، حيث يقوم النبات بتجزئتها وإسكانها في السيتوبلازم لمقاومة أي نوع من الإجهاد، وهذا المخزون يطلق عليه اسم metabolic pool.
وعند تعرض النبات لأي إجهاد، يبدأ في استنذاف المادة الجافة للمقاومة حتى يصل إلى مرحلة فاصلة، إما يتغلب فيها على الإجهاد، أو يموت بفعل الاستنزاف التام للمادة الجافة المخزنة (الكربوهيدرات).
هذه فكرة مبسطة جدا عن الإقلمة، التي خضت فيها للدخول إلى قضية مهمة جدا، تتعلق بالتفريغ في القمح، ثوابتي تشغل بال المزارعين والمهندسين في هذا التوقيت من كل عام.
وجد أن التفريع يتم من قاعدة البراعم الموجودة في منطقة التاج، وهي من منطقة اتصال الجذر بالساق التي يستقر فيها المخزون الكربوهيدراتي الذي يغذي النموات الجانبية، وهذه المرحلة من المراحل الحرجة في حياة القمح، حيث تعتمد على كفاءة المخزون الكربوهيدراتي.
هذه المرحلة تتأثر بعدد من العوامل، منها الكثافة الضوئية، لذا تظهر أهمية ميعاد الزراعة المناسب لكل منطقة.
ومن الثابت علميا أن مفاءة عملية البناء الضوئي هي التي تكوِّن المادة الجافة من خلال تفاعل الضوء و تفاعل الظلام الذي يتم فيه تثبيت ثاني أكسيد الكربون وتحويله إلى مركبات كربوهيدراتية، لذا يصبح دور المغذيات مهم جدا في تجهيز الأرض بالمادة عضوية التي توفر العديد من العناصر الغذائية التي بيحتاجها النبات في عمليات التمثيل الغذائي.
ونركز هنا على أهمية عنصر الفوسفور في هذه المرحلة، ولذلك يجب الاهتمام بالسوبر فوسفات لأن هذه المرحلة حرجة في حياة النبات وعمره، حيث يساعد الفوسفور في إتمام عملية البناء الضوئي، كونه مصدر الطاقة اللازمة لإتمام الدورة المفيدة في ظهور التفريعات الجانبية.
ولضمان خروج النموات الجانبية بالكثافة المرغوبة، يجب عدم إهمال السماد الأذواق "النيتروجين"، لأنه مكون أساسي لأي بروتين (الكلوروفيل والإنزيمات و الهرمونات النباتية)، كما تحب إضافة الزنك والمنجنيز بشكل أساسي، فالأول مساعد لتخليق جميع الإنزيمات التي تدخل في بناء الكربوهيدرات وتمثيلها، وهي المطلوبة للنموات الجانبية.
ولأن هذه المرحلة حرجة، فإن جميع الإجهادات من عطش أو زيادة ماء تؤدي إلى أهم إجهاد يُعرَف باسم "إجهاد تاكسدي"، وفيه يستهلك النبات المادة الجافة اللازمة للقنوات الجانبية والتفريعات كمرحلة تستمر أكثر من شهر ومحددة للإنتاج
من هنا تأتى أهمية هذه الأيام للتعرف فيها على عنصر السليكون الذي يلعب ككبسولة الشفاء في عمل الاتزان المائي للخلية، و لا يتعرض النبات معه لما يُعرَف باسم الإجهاد التأكسدي، لأنه زاد من نسبة وحجم الماء المرتبط في الخلية، وبالتالي يوفر المادة الجافة اللازمة للنمو، بل يزيد من كفاءة النموات الجانبية والتفريع.
وهنا يجب أن نؤكد على معلومة مهمة، وهي أن السيليكون يعطي مقاومة للأمراض الفطرية بشكل فزيائي وكيميائي، فيجعل النبات أو الصنف مقاوما للأصداء، وحتى أعفان الجذور.
- ملاحظة: سليكات البوتاسيوم ليست مصدرا للبوتاسيوم، لكنها إحدى صور السيليكون.
إلى هنا تنتهي محاضرة الرجل العلامة، الذي لقنني درسا في علم فيسيولوجيا النبات، لم يكن ليخطر على بالي، ولم أقرأه في كتاب، وهو درس
للأستاذ الدكتور أسامة أبو العينين، الأستاذ المتفرغ في مركز بحوث الصحراء - وحدة فسيولوجيا وأقلمة النبات
………………
* وكيل الإدارة الزراعية بميت سويد - دقهلية