الأرض
الأربعاء 11 ديسمبر 2024 مـ 05:50 مـ 10 جمادى آخر 1446 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

تجربتي مع الحليب 60 عاما

منذ 60 عاما، بدأت شراء اللبن الحليب الطازج بنفسي للاستهلاك الشخصي.

كنت وقتها أشتري يوميا كوب لبن كبير يسع حجمه ربع كجم، بقرش تعريفة (50 مليما)، وبقرش تعريفة آخر أشترى مخروطة تملأ طبقا سعته ربما حوالى ٢٠٠ جم.

كانت هذه هي وجبة الإفطار اليومية لي على مدى سنوات طويلة، ومن وقتها تقريبا لم أتوقف عن شراء اللبن الحليب الطازج بنفسي.

ثم ظهر في الأسواق بالنسبة لي في الستينيات منتج مصر للألبان المبستر، الذي تعاملت معه كمشروب إضافي ممتع، وكانت وقتها العبوة زجاجة تسع كيلو حليب أو ربما لترا لا أتذكر، وكان وقتها سعر الكيلو أو اللتر أيا ما كان أربعة (٤) قروش، مقارنة بالطازج الذي كنت أشتريه من قبل بنحو قرشين صاغ للكيلو أو اللتر، حيث يباع دائما بحجم معبرا عن وزن.

ما كان يعنيني هو الطعم الذي أحبه، فطعم اللبن المبستر مختلف تماما عن اللبن الطازج، طبعا العبوة الممتعة من اللبن المبستر كانت تستلزم تحويشا ربما أسبوعا أو يزيد لشراء واحدة، ولن نسقط إلى مستوى مقارنة سعر اللبن الآن فى زمن الشيخوخة العامة بمقارنته وقت العصر الذهبي، وقت الطفولة السعيدة.

وبالرغم من طعم اللبن المبستر أو اللبن شبه المعقم المعبأ في شركات الألبان الجميل، كمشروب بارد، إلا أنه لا يقارن بأي درجة بجمال ومتعة طعم اللبن الطازج، وكأن اللبن الطازج لبنا بينما الآخر تقريبا "عصير لبن".

مضت السنوات وتحملتُ مسؤولية حقيبة وزارة الزراعة، وكنتُ مهموما بما كنتُ أشعر به كمواطن عادي معجون بتراب هذا الوطن، وكنتُ محتفظا بالأستاذ الدكتور الجميل ـ يرحمه الله ـ حسين سليمان مستشارا للوزير، وفي لقاء مع هذا الرجل العالم الجميل تحدثتُ معه حول كيفية الوصول إلى لبن معبأ خال أو شبه خال من الميكروبات، مع احتفاظه بطعم اللبن الطازج؟

ذكر الدكتور حسن سليمان وقتها اسم شركة وصلت بالفعل إلى هذا المستوى، وربما أذكر أنا أيضا اسم شركة حازت مستوى أفضل مواصفات للحليب المعبأ، لكن الحقيقة تثبت أنه لا توجد أي شركة في مصر أو ربما في الخارج استطاعت الوصول بحليبها إلى طعم الحليب الطازج، حتى لو كان طبعا كامل الدسم.

أعتقد أنني لو وجدت شركة تحقق هذه المواصفة لشاركت بالإعلام وربما الإعلان عنها، لينعم الشعب بطعم حليب مضت عليه عقود طويلة، فأصبح مخففا أو "مبودرا"، أو متأثرا بوسيلة التعقيم النسبي، بغض النظر عن الأسعار التي أصبحت تتفاقم مقابل تدهور الطعم تقريبا.

طبعا هناك مرحلة وسطية عشتها وقت إن كنت رئيسا لقطاع الخدمات الزراعية والرقابة في وزارة الزراعة، حينما زرت مركزا لتجميع الألبان، وكان سعر الحليب به أقل من ثلث السعر التجاري تقريبا، وكان لي معه أمر آخر في التعاونيات.

للأسف حياتى كلها تقريبا قصص قصيرة ولم أعش أبدا قصة طويلة.. ليتها كانت مؤسسة.

* وزير الزراعة الأسبق