أمطار غزيرة تنعش آمال المغرب في إنهاء أزمة الجفاف الطويلة

بعد سنوات من الجفاف الحاد الذي أثر بشكل كبير على الموارد المائية والزراعة، شهد المغرب في شهر مارس أمطارًا غزيرة ومتواصلة، خاصة في المناطق الشمالية من طنجة إلى الرباط. هذه الأمطار، رغم أنها لا تكفي لإنهاء الجفاف الهيكلي، إلا أنها أعطت بصيص أمل للمزارعين والخبراء الذين يراقبون الوضع عن كثب.
أزمة جفاف غير مسبوقة
يعد المغرب من بين الدول التي تأثرت بشدة بالتغيرات المناخية، حيث شهد عام 2023 واحدة من أسوأ موجات الجفاف في تاريخه، مسجلًا أعلى درجات الحرارة التي بلغت 50.4 درجة مئوية في منطقة أكادير. وفقًا للمديرية العامة للأرصاد الجوية، فإن الجفاف الذي يعيشه المغرب هو الأطول منذ بدء تسجيل البيانات المناخية، مما جعل أي تساقطات مطرية ذات أهمية كبيرة.
أمطار مارس: هل هي نهاية الجفاف؟
رغم فرحة المغاربة بالأمطار الغزيرة، يؤكد الخبراء أن هذا التحسن لا يعني بالضرورة نهاية الأزمة. ووفقًا لأنس منصوري، الباحث في زراعة المناطق القاحلة، فإن "ما نشهده ليس إنهاءً للجفاف، بل مجرد تناوب بين فترات جفاف طويلة ونوبات من الأمطار الغزيرة".
أسباب الطقس الممطر وتأثيره على الموارد المائية
الأمطار الحالية ليست مرتبطة مباشرة بعاصفة "جانا" التي ضربت غرب أوروبا، لكنها ناتجة عن اضطرابات جوية مصدرها الساحل الأطلسي للبرتغال. ووفقًا للمديرية العامة للأرصاد الجوية، فقد تجاوزت كميات الأمطار 120 ملم هذا الأسبوع وحده في المناطق الشمالية، ما أدى إلى تحسن مؤقت في مستويات المياه الجوفية وترطيب التربة.
تحسن نسبي لكنه غير كافٍ
رغم التساقطات المطرية الأخيرة، لا يزال متوسط معدل ملء السدود عند 31% فقط، وهو معدل منخفض مقارنة بالمستويات المطلوبة لتعويض العجز المائي الذي تراكم خلال السنوات الماضية. كما أن التأثير الإيجابي على الزراعة، رغم كونه ملموسًا، يظل محدودًا بسبب استمرار انخفاض منسوب المياه الجوفية في المناطق الأكثر جفافًا مثل سهل الحوز ومنطقة سوس.
ضرورة استراتيجيات تكيف مستدامة
يؤكد الخبراء أن الوضع الحالي يُبرز الحاجة الملحة لاعتماد المغرب لسياسات أكثر فاعلية في إدارة الموارد المائية. ومن بين الحلول المقترحة:
تعزيز تخزين مياه الأمطار للاستفادة القصوى من التساقطات.
تطوير تقنيات ري أكثر كفاءة لتقليل استهلاك المياه.
توسيع مشاريع تحلية المياه لتوفير مصادر جديدة للمياه الصالحة للشرب والزراعة.
دعم الممارسات الزراعية المرنة مثل زراعة المحاصيل المقاومة للجفاف وتحسين تناوب المحاصيل.
ختامًا، رغم أن أمطار مارس شكلت بارقة أمل، فإن المغرب لا يزال في مواجهة تحديات مائية كبيرة. ويبدو أن الحل لا يكمن فقط في انتظار المزيد من الأمطار، بل في اتخاذ إجراءات جذرية تضمن الأمن المائي والغذائي للبلاد في ظل التغيرات المناخية المتسارعة.