الأرض
الإثنين 30 يونيو 2025 مـ 04:51 مـ 4 محرّم 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

احتكار التجار يربك سوق الأرز

في الوقت الذي تخوض فيه مصر معركة كبرى لترشيد استخدام المياه والحفاظ على الأمن الغذائي، يبرز محصول الأرز كأحد أعمدة الزراعة الاستراتيجية التي نجحت الدولة في تحقيق الاكتفاء الذاتي منها، رغم ما يواجه من تحديات متشابكة تتعلق بالموارد والتسويق.

أكد الدكتور مجاهد عمار، المسؤول عن ملف تطوير زراعة الأرز بوزارة الزراعة، أن مصر تزرع نحو 1.3 مليون فدان من الأرز سنويًا، بمتوسط إنتاجية يتراوح بين 4 إلى 6 أطنان للفدان، ما ينتج عنه قرابة 6 ملايين طن من الأرز الشعير، يتم تبييضها للحصول على نحو 4 ملايين طن من الأرز الأبيض، مقابل استهلاك محلي لا يتجاوز 3.2 ملايين طن، ما يعني وجود فائض فعلي في المعروض.

السوق خارج منطق الأرقام... والاحتكار يرفع الأسعار
ورغم توافر الكميات المنتجة، تشهد السوق المحلية اضطرابًا في أسعار الأرز، وهو ما أرجعه د. عمار إلى الممارسات الاحتكارية من بعض التجار، وليس إلى نقص في الإنتاج. موضحًا أن تكلفة طن الأرز لا تتجاوز 10 آلاف جنيه، ما يجعل سعر 15 ألف جنيه للطن في السوق سعرًا معقولًا، بينما الارتفاع إلى 30 ألف جنيه لا يعكس الواقع الاقتصادي أو الإنتاجي.

تحولات نوعية في استهلاك المياه والإنتاجية
وأشار عمار إلى أن الأرز كان يُنتقد في السابق باعتباره من المحاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تطورًا كبيرًا في أصنافه وأساليب زراعته، مما أدى إلى خفض استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 30%، حيث انخفض المعدل من 8 آلاف متر مكعب إلى 4500 متر مكعب للفدان، مع زيادة الإنتاجية إلى أكثر من ثلاثة أضعاف، إذ كان كل متر مكعب من المياه ينتج سابقًا 300 جرام فقط، بينما ينتج اليوم أكثر من كيلو جرام.

التقنيات الحديثة تقلص دورة الزراعة وتفتح فرصًا جديدة

وتابع أن إدخال أساليب الزراعة الحديثة مثل الزراعة المباشرة والتسوية بالليزر ساهم في خفض فترة بقاء المحصول في الأرض إلى 90 يومًا بعد الشتل، بإجمالي 120 يومًا للدورة الزراعية، وهو ما أتاح فرصة للمزارعين لزراعة محصول إضافي بين الموسم الصيفي والشتوي، مما يعزز العائد الاقتصادي ويزيد من كفاءة استغلال الأرض.

أصناف جديدة تناسب المناخ وتقلل الاستيراد

تزرع مصر عدة أصناف من الأرز، منها الأرز البلدي الياباني الشائع محليًا، والأرز الهندي الطويل الحبة، إلا أن المفهوم الخاطئ الشائع هو الخلط بينه وبين الأرز البسمتي. وفي إطار جهود تقليل الاستيراد، طورت الدولة أصنافًا عطرية محلية مثل "ياسميني مصري" و"جيزة بسمتي 201" و"هجين مصر بسمتي 11"، لكنها لا تزال بحاجة إلى دعم للتوسع في زراعتها.

وأضاف أن الهجين الهندي- الياباني يُزرع على أكثر من 50% من المساحات المزروعة بالأرز، ويتميز بتحمله للتغيرات المناخية وندرة المياه، فيما لا تتجاوز زراعة الأرز الهندي النقي 5% من المساحة.

الأرز الأسود... قيمة غذائية عالية ومحدودية في التوسع
وفي سياق آخر، سلط عمار الضوء على الأرز الأسود، الذي يتميز بقيمته الغذائية العالية واحتوائه على مضادات أكسدة طبيعية، ما يجعله خيارًا مثاليًا لمن يتبعون حميات غذائية. غير أن زراعته تواجه تحديًا يتعلق بالحاجة إلى عزل جغرافي دقيق لتفادي اختلاط حبوب اللقاح مع الأنواع الأخرى، مما يحد من إمكانية التوسع في زراعته. ويجري العمل حاليًا على إعداد بروتوكول زراعي خاص لتشجيع شركات القطاع الخاص على الاستثمار في هذا النوع.
وقف التصدير لحماية المياه... وضبط المساحات سنويًا
أوضح عمار أن مصر أوقفت تصدير الأرز منذ أكثر من عقد كخطوة استراتيجية للحفاظ على المياه، إذ إن تصديره يعني تصديرًا غير مباشرًا للمياه. ورغم القرار الرسمي، تحدث أحيانًا بعض المخالفات الفردية، إلى جانب استيراد محدود من الخارج لضبط السوق.

أما على مستوى التخطيط، فتحدد وزارتي الزراعة والري سنويًا المساحات المسموح بزراعتها، والتي تبلغ نحو 1.074 مليون فدان، تشمل 724 ألف فدان في الدلتا، و200 ألف فدان للأصناف الموفرة للمياه، و150 ألف فدان تعتمد على مياه الصرف الزراعي. ورغم وجود زراعات مخالفة خارج الإطار الرسمي، إلا أن المساحة الإجمالية الفعلية تبلغ 1.3 مليون فدان، وهي المساحة الكافية لتحقيق الاكتفاء الذاتي.