الأرض
الإثنين 7 يوليو 2025 مـ 02:36 صـ 10 محرّم 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

«البحوث الزراعية»: تنوع المحاصيل طريقنا للأمن الغذائي

تنوع المحاصيل الزراعية
تنوع المحاصيل الزراعية

أكدت الدكتورة أسرار ياسين، أستاذ التغذية العلاجية وتعبئة وتغليف الأغذية بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية التابع لمركز البحوث الزراعية، أن بناء نظام غذائي مستدام ومتنوع لم يعد خيارًا، بل ضرورة ملحّة لتحقيق الأمن الغذائي والحفاظ على الصحة العامة.

وقالت الدكتورة ياسين إن وضع نظام غذائي سليم يتطلب تخطيطًا دقيقًا من قبل متخصصين مؤهلين في التغذية العلاجية، للحد من أمراض سوء التغذية، والتي تتراوح بين السمنة الناتجة عن الإفراط في تناول الطعام، إلى النحافة والتقزم الناتجين عن نقص العناصر الغذائية الأساسية، مشيرة إلى أن هذه الأمراض أصبحت سببًا رئيسيًا لانتشار أمراض مزمنة مثل الأنيميا، هشاشة العظام، السكري، أمراض القلب، الكبد وحتى السرطان.

الغذاء.. سلاح وقائي وعلاجي

وشددت على أن الوعي الغذائي بات أحد الخطوط الأمامية في الوقاية من الأمراض، مؤكدة أن للغذاء دورًا مزدوجًا: فهو أداة للبقاء، وركيزة لتطوير المجتمعات. وأوضحت أن التغذية السليمة لا تسهم فقط في الوقاية من الأمراض، بل تلعب دورًا محوريًا في علاجها والحد من انتشارها.

وأشارت ياسين إلى أن التشخيص والعلاج الطبي من مسؤوليات وزارة الصحة وأطبائها المتخصصين، بينما يختص أخصائيو التغذية العلاجية بوضع نظم غذائية مناسبة لحالة المريض، سواء في المستشفيات العامة أو الخاصة. ويتكون هذا الفريق من خريجي كليات الاقتصاد المنزلي، الزراعة، والتربية النوعية في أقسام التغذية وعلوم الأطعمة، حيث يعملون على تعديل السلوك الغذائي والتثقيف المجتمعي بشكل علمي ومدروس.

الصناعة الغذائية.. دور تكاملي في المنظومة الصحية

وأوضحت أن الصناعات الغذائية تلعب دورًا لا يقل أهمية عن دور الأطباء، فهي مسؤولة عن توفير المنتجات التي تلائم احتياجات النظم الغذائية التي يحددها خبراء التغذية، كما هو معمول به عالميًا في المستشفيات المتقدمة.

وأضافت أن توفير الغذاء، سواء طازجًا أو مصنعًا، يرتكز بشكل أساسي على القطاعين الزراعي والحيواني، ما يجعل تنمية هذين القطاعين أمرًا حيويًا لضمان تحقيق أمن غذائي متوازن ومستدام.

الإنتاج المحلي أساس الاستقلال الغذائي
وأكدت الدكتورة ياسين أن تعزيز الإنتاج المحلي هو الركيزة الأولى لتحقيق الأمن الغذائي، مشيرة إلى ضرورة الاعتماد على المحاصيل المحلية بدلاً من الاستيراد، وذلك من خلال زيادة الرقعة الزراعية وتنويع المحاصيل لتلبية الاحتياجات من السعرات الحرارية والعناصر الغذائية.

وأوضحت أن تنوع الإنتاج الزراعي يقلل من الاعتماد على محصول واحد، مما يخفف من مخاطر التغيرات المناخية أو الآفات الزراعية، ويضمن استمرارية الإنتاج على المدى البعيد، داعية إلى تحسين إدارة الموارد الزراعية لضمان استدامة الغذاء.

سلاسل القيمة والوعي المجتمعي.. مفاتيح الوصول للغذاء الصحي

كما دعت إلى تطوير سلاسل القيمة الغذائية من الإنتاج إلى التسويق، بما يضمن وصول الغذاء للمستهلك بجودة عالية وكفاءة، إلى جانب تعزيز التوعية الغذائية من خلال وسائل الإعلام والمتخصصين، لتمكين المواطنين من تبني نظم غذائية متوازنة، وتحقيق الاستفادة القصوى من المنتجات الزراعية المتاحة في مواسمها.

استراتيجيات متكاملة لتحقيق الأمن الغذائي

طرحت ياسين مجموعة من الاستراتيجيات الأساسية لتحقيق أمن غذائي شامل، تمثلت في:

زراعة محاصيل متنوعة: تشمل الحبوب، الخضروات، الفواكه، واستنباط أصناف جديدة.

تعزيز التخطيط الغذائي للأسرة: خاصة لدى المرأة الريفية، لتحقيق تنوع في الوجبات اليومية.

تربية الثروة الحيوانية والسمكية: لضمان توافر البروتين الحيواني.

استخدام التقنيات الزراعية الحديثة: مثل أنظمة الري الموفرة، الأسمدة العضوية، والبذور المحسنة.

تنشيط الصناعات الغذائية: بما في ذلك التجفيف، التبريد، التجميد، وتصنيع العصائر والمربات.

الاهتمام بالتغليف والتخزين: لمنع الفاقد وتقليل الهدر، وإطالة صلاحية المنتجات.

دعم المشروعات الصغيرة: خاصة المزارع الصغيرة والمشروعات الريفية سريعة العائد.

تدوير المخلفات الزراعية: لتحقيق قيمة مضافة وإنتاج أسمدة عضوية صديقة للبيئة.

رؤية متكاملة لمستقبل غذائي آمن
واختتمت الدكتورة أسرار ياسين حديثها بالتأكيد على أن تحقيق الأمن الغذائي ليس مسؤولية جهة واحدة، بل هو مسؤولية تشاركية تبدأ من المزارع، مرورًا بالمتخصصين في التغذية، وصولاً إلى صانع القرار، مشددة على أن الغذاء هو أداة للتنمية، والحفاظ عليه وتوفيره بشكل صحي وآمن هو مفتاح لمجتمع معافى ومستقر.