الخميس 28 مارس 2024 مـ 12:44 مـ 18 رمضان 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

الجمعيات الزراعية بين المرض والعلاج

الجمعيات الزراعية وما أدراكم ما الجمعيات الزراعية، كانت في الماضي القريب ملء السمع والبصر كانت أم الفلاح وأبوه وعائلته الحانية، تعطيه كل شئ بالأجل، وتأخذ منه كل شئ ينتجه، وتزيد العائد على ثمنه.

كانت ملجأ الفلاح وملاذه، فما الذي غيرها، وقزمها، وأفشلها، وجعلها تتوارى خجلًا، وتنزوي فشلًا وتستلقي في انتظار الموت؟

مما لاشك فيه أن هناك أسباب قانونيه كانت وراء تلك الحالة أو فتحت الباب للوصول لتلك الحالة، أول هذه الأسباب كانت إلغاء الحجز الإداري للجمعية، حيث كان القانون يعطي للجمعية حق الحجز الإداري على من لا يسدد أموال الجمعيات، وكان يعطي مال الجمعية الأولوية القصوى عن أي ديون أخرى، وبالتالي كانت أموال الجمعيات بخلاف أي أموال أخرى مضمونة تمامًا، ويتم الحصول عليها بسرعة كبيرة جدًا، واستردادها.

كانت الجمعيات استنادًا لهذه القوة تعطي الفلاح البذور والأسمدة والأدوية  وخدمات أخرى أجل حتى حصاد المحصول، وكان الفلاح لا يحمل أي هم للزراعة، فهو يستطيع في أي وقت عن طريق الجمعية الحصول على كل احتياجات أرضه وزرعه ومحصوله بدون أن يتكلف شئ، والجمعيه من جهة أخرى تعطيه كل شئ، فهي تضمن ضمانًا قاطعًا سرعة حصولها على هذه الأموال، وقدرتها على تحصيلها متى حان ميعاد سدادها.

واستمرت الجمعيات على هذا المنوال حتى قام أحد المزارعين المتهربين من السداد برفع قضية أمام المحكمة الدستورية؛ لإبطال قانون الحجز بالجمعيات الز اعية، وحكمت الدستورية بعدم جواز الحجز؛ لأن الجمعيات الزراعية منشآت خاصة وليست حكومية، وتناست المحكمة حينها أن القانون عد أموال الجمعيات أموال عامة، ومؤكدًا أن هناك إهمال حدث من الأجهزه المسؤولة عن الجمعيات في متابعة هذه القضية أدى لاتخاذ هذا القرار، وبدلًا من محاولة المسؤولين البحث عن علاج لهذه المشكلة الخطيرة أو إضافة تعديل في القانون يحمي أموال الجمعيات تم تجاهل ذلك والامتثال للحكم، وكان من نتيجة ذلك ضياع معظم أموال الجمعيات ودخول الجمعيات في نزاع يمتد سنين لاسترداد أموالها، وبالتالي توقفت الجمعيات عن بيع مستلزمات الإنتاج بالأجل وتوقفت تعاملاتها وهجرها الفلاح، وفقد الفلاح أعظم وأهم ميزة كان يتمتع بها، وفقد بالتالي ثقته واهتمامه بالجمعية.

حتى الآن مازالت أموال الجمعيات على مستوى الجمهورية ضائعة، مستولى عليها، والغريب والعجيب أن المسؤولين عن الاتحاد التعاوني لم يلفت نظرهم هذا القانون حين أرادوا أن يعدلوا قانون التعاون من أجل أفراد بعينهم، وكان الأولى بالدولة ومن يدعون أنهم ممثلي الفلاحين أن يُلفت نظرهم ما فعل حكم الدستورية بعدم دستورية الحجز الإداري من قبل الجمعية، وكان يمكن أن يُعدل ليكون دستوري أو يعدل بقانون أخر يعيد للجمعية قدرتها وقوتها لاستعادة أموالها إذا أراد أحد التهرب من السداد بغير سبب.

إن الجمعيات الزراعيه لكي تعود للفلاح ويعود الفلاح لها يجب أن يكون لها القدرة والقوة التامة لاستعادة أموالها التي تعطيها في صورة مستلزمات إنتاج للفلاحين على الموسم.

هذا هو السبب الأول، والمسمار الأول الذي دق في نعش الجمعيات الزراعية، وهناك أسباب أخرى نتعرض لها في المقال القادم بمشيئة الله.

* رئيس جمعية تسويق المحاصيل بدمياط

موضوعات متعلقة