الأرض
الخميس 21 نوفمبر 2024 مـ 09:47 مـ 20 جمادى أول 1446 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

صيادون: المبيدات تغتال الثروة السمكية والمسؤولون ”نائمون في الخدمة”

الصيد المحرم نهارا في ”بحر الميدان ـ بحيرة المنزلة”

أزمة كبيرة يعاني منها صيادو بحيرة المنزلة، بسبب ما يرونه يوميا من أسماك نافقة عائمة على سطح المياه، في الوقت الذي لا تقع في شباكهم أرزاق تقيم أودهم، أو تستر عيشهم.

مبيدات تلقى في مياه البحيرة بواسطة قراصنة محليين، يختفون بمجرد إلقاء السموم في البحيرة، فلا هم يستفيدون من الأسماك، ولا هم يتركون لغيرهم الذين يعيشون على مهنة الصيد، فرصة لكسب الرزق الحلال.

بحر الميدان، الذي يشق "مثلث الديبة" شاهد على حالة نفوق مخيفة للأسماك، خاصة القاروص، الذي يمثل القيمة المضافة الحقيقية للصيادين.

صيادون في البحيرة قالوا لـ "الأرض" إن أسماك مثلث الديبة، وبالتحديد "بحر الميدان"، اختفت تماما، على الرغم من تطهير بوغاز الصفارة وحفر قناة بعرض 500 متر تصل بين البوغاز وبحر الميدان، ما أدى إلى دخول كميات كبيرة من الأسماك البحرية إلى البحيرة، "ونظرا لجودة مياه بكمية مناسبة في بحر الميدان، سكنت فيه هذه الأسماك وتكاثرت وزاد حجمها، وبالتالي وزنها، وبكميات كبيرة، لكن عين المتربصين لها كانت بالمرصاد، فقتلوها بالمبيدات وهربوا، بعيدا عن لنشات شرطة السواحل، وهيئة الثروة السمكية".

أصابع الاتهام

الحاج السيد زكريا رجب شيخ الصيادين في بحيرة المنزلة، اتهم بعض الصيادين من قرى الشبول والجمالية والنسايمة والمطرية، بارتكاب جريمة الصيد المخالف بالمبيدات في بحر الميدان بمثلث الديبة، و"هم يعرفون أنها وسيلة محرمة شرعا وقانونا".

وأضاف زكريا في تصريح لـ "الأرض"، أن هؤلاء الصيادين حضروا من القرى السابق ذكرها ومعهم شباك صيد طويلة، يلفونها حول مساحة كبيرة من البحيرة لحجز الأسماك بداخلها، ثم يلقوا وسطها المواد الكيماوية السامة، لتهرب الأسماك في كل اتجاه، فيصطادوا كميات كبيرة منها، "حتى قيل إن المركب التي يعمل عليها فردين أو ثلاثة أفراد، كانوا يبيعون أسماكا يومية بمبالع تتراوح بين 5 و35 ألف جنيه".

وأشار زكريا إلى أن وضع مثلث الديبة استمر على هذا الحال، أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، حتى عرف الصيادون قصتهم، وشاهدوا بعيونهم أسماك القاروص طافية على سطح الماء، وتصدى لهم بعض رجال أسرة عماشة المعروفين بامتهانهم مهنة الصيد الشريف، "فهاجمهوم وقطّعوا شباكهم، وحطموا مراكبهم، لكن بعد خراب البحيرة".

ثروة جديرة بالحماية

وأكد سيد زكريا، أنه بعد أن كان "بحر الميدان" عامرا بالأسماك البحرية، مثل القاروص والدنيس وعائلة البوري وسمك موسى (الغطيان) وثعابين السمك (الحنشان)، إضافة إلى البلطي الأخضر وهو النوع الذى يسكن البحيرة ويتكاثر بها، أصبحت البحيرة أو منطقة بحر الميدان تحديدا، شبه خالية من الأسماك، "حتى يعجز الصياد حاليا عن حصاد ما يعول به أسرته"، مفيدا أن ما يحدث يعد تدميرا لثروة جديرة بالحماية والتنمية.

وشدد سيد زكريا رجب على أن هذه المنطقة كبيرة وغنية بالأسماك وتتسع لجميع الصيادين، إذا تمت حمايتها من عمليات الصيد الجائر والمخالف، متسائلا عن رقابة المسئولين من رجال المسطحات المائية، وهيئة الثروة السمكية؟

رسالة صيادين

من جهته، وجه الصياديون المتضررون، رسالة إلى مجلس الوزراء، والدكتورة منى محرز نائب وزير الزراعة واستصلاح الأراضي لشئون الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية، ومدير شرطة المسطحات المائية والبيئة، بضرورة الاهتمام بهذه القضية، وتكثيف الرقابة ضد العابثين بثروة البحيرة، تحقيقا للأمن المجتمعي بين فئة الصيادين، الذين لا دخل لهم إلا من خلال العمل في مهنة الصيد الحر داخل هذه البحيرة.

الحاج مصطفى السيد ـ أحد صيادي بحيرة المنزلة، قال إن هناك صيادين من قرى أخرى استخدموا "السم" في صيد الأسماك، مما تسبب في كارثة بيئية، ونفوق الأسماك، مؤكدا أن وضع البحيرة سيء الآن، ولا توجد أسماك، مما اضطرهم لترك منطقة "بحر الميدان" في مثلث الديبة، ونزحوا إلى مكان آخر من بحيرة المنزلة يقع ما بين بورسعيد والدقهلية والشرقية.

من جهته، أكد سمير بدر صياد في البحيرة، أنه بالإضافة إلى الصيد المخالف والكارثي الذي دمر أسماك البحيرة في منطقة مثلث الديبة، توجد مزارع تتعدى على مساحات كبيرة من البحيرة دون وجه حق، في مخالفة صريحة لقانون البحيرات، موضحا أنهم يستأجرون مساحات محددة بـ 20 فدانا من هيئة الثروة السمكية، "لكنهم يمدونها إلى 100 فدان من البحيرة، دون دفع القيمة الإيجارية لهذه المساحات".

وطالب الصياديون بضرورة التدخل بصورة عاجلة لإنقاذ البحيرة من التعديات ومحاسبة المسئولين عن الصيد المخالف، وتفعيل الدور الرقابي للدولة في مواجهة الممارسات المخالفة التي تدمر البحيرة وثروتها الثمينة.

يُذكر أن بحيرة المنزلة تُنتِج نحو 13% من إجمالي الثروة السمكية في مصر، ويعيش عليها أكثر من 5 آلاف صياد، وعانت خلال الأعوام القليلة الماضية من التعديات بالتجفيف، والتلوث، لكنها حظيت خلال العام الجاري بصحوة من وزارة الزراعة، فخضعت للتطهير والتعميق، وإن كانت هذه العمليات تمت بطرق تفتقد إلى الخبرة العملية.