محمد هجرس في حوار لـ ”الأرض” النحالون تحت مقصلة أسعار اسكر .. لزوم التغذية الشتوية .. ومهرجان العسل تظاهرة حضارية 24 ـ 28 نوفمبر
تراجع صادرات مصر 50 % من طرود النحل .. ودعوة لحماية منتجي العسل الطبيعي .. والتوعية ضد الصناعي .. ألبوم صور من مهرجان عسل 2021
ـ 500 مليون دولار نقص في صادرات نحل العسل المصري إلى دول الخليج خلال 2022
ـ 75% من عسل النحل المطروح في الأسواق مصنّع كيماويا .. (سكر + ماء + ستريك أسيد + أسانس صيني بنكهة العسل)
ـ دعوة لاختبار الأعسال المعروضة في مهرجان العسل 24 ـ 28 نوفمبر .. واقتراح بدفع تأمين لدى قسم بحوث النحل بمركز البحوث الزراعية لردع الغشاشين
تصاعدت شكاوى نحالين مصريين من عدة أزمات تسببت في هجر أعمالهم، وتسريح فنيين من وظائف مرتبطة بعالم صناعة الخلايا والطرود، وإنتاج عسل النحل، أهمها: اشتعال أسعار السكر الذي يُستخدَم كغذاء مساعد لحفظ حياة الخلايا شتاء.
وبلغت شكاوى النحالين الأمرّين بسبب استغلال الشركات التجارية الكبرى، ذات الأسماء الشهيرة، للنحالين بشراء إنتاجهم الطبيعي بأسعار بخسة، وعدم تدشينهم حملات توعوية ضد تزييف صناعة العسل الطبيعي على أيدي "غشاشين"، مؤكدين أن 70% من العسل المعروض في الأسواق للمصريين، "عسلا مصنعا" بطرق كيميائية.
تلك كانت مقدمة حوار مع أحد أكبر المهتمين بصناعة نحل العسل، وتربية وتصدير ملكات النحل، المهندس محمد هجرس، الذي تطرق إلى محطات عديدة من المشاكل، وطرح معها الحلول الذي يراها واجبة للنهوض بهذه الصناعة، واستثمارها لتدر وظائف محلية، وتجلب عملة صعبة إلى خزينة البلاد.
إلى نص الحوار:
طرق غش عسل النحل
قال المهندس محمد هجرس عضو اتحاد النحالين المصريين والعرب، وأحد أكبر المهتمين بصناعة وعلوم نحل العسل، إن تزييف العسل يتم بطريقة كيميائية، حيث يتم غليان السكر في الماء، ثم التبخير بعد الوصول إلى درجة لزوجة تقارب لزوجة العسل، ثم يضاف حمض الليمون (سيتريك أسيد)، و"أسانس" صيني يحمل رائحة العسل الطبيعي.
وأضاف هجرس في حوار خاص لموقع "الأرض"، أن مصر لا تجنِّد أي جهة رسمية للحفاظ على مهنة "النحالين" أو "صناعة إنتاج العسل الطبيعي"، أحد أهم الأغذية الطبيعية الربانية، التي لا دخل للإنسان فيها، حيث يجب أن ينشأ جهاز رسمي خاص يتبع وزارة الزراعة، يكون رقيبا على هذه الصناعة، مع منحه كافة الضبطيات القضائية لسحب عينات من السوق، وتحليلها، وشكف الغش فيها، وتقديم المزيفين للعدالة.
موت الخلايا بسبب غلاء السكر
وأوضح هجرس أن صناعة طرود النحل حاليا مهددة بالانقراض، بسبب ارتفاع تكاليف تصنيعها من جهة، وموت الخلايا بسبب جوع النحل الناجم عن ارتفاع أسعار السكر من جهة أخرى، وتراجع الإقبال على إنشاء المناحل بسبب الخسائر من جهة ثالثة كنتيجة طبيعية للعاملين السابقين.
تراجع صادرات مصر 50% من طرود النحل
وأشار هجرس في حواره لموقع "الأرض"، إلى أن صادرات مصر من الطرود تراجعت بنسبة تتراوح بين 40 و50 %، بقيمة 500 مليون دولار، لافتا النظر إلى أن بشائر تدمير هذه الصناعة بدأت تلوح في الأفق، "حيث تُعرَض الخلية حاليا للبيع بسعر 200 جنيه فقط، بسبب عدم الإقبال على تربية النحل، في ظل تكلفة لا تقل عن 700 جنيه، قبل ارتفاع كل الخامات".
انعدام الدعم الفني في مجال تربية نحل العسل
ودلل المهندس محمد هجرس على تعرض صناعة نحل العسل في مصر للانقراض أيضا، بانعدام جانب الدعم الفني للنحالين، وإرشادهم بالأساليب الجديدة في التربية، والرعاية، ومكافحة الأمراض والآفات، وذلك بسبب تشتت المسئولية عن هذا القطاع، "فإصدار التراخيص للمناحل مسئولية لجنة مشتركة من الإنتاج الحيواني والطب البيطري، وقسم بحوث النحل التابع لمعهد بحوث وقاية النباتات التابع لمركز البحوث الزراعية".
النحل .. مشروع رباني فاقد الهوية في مصر
وأفاد هجرس أن مهندسي الإنتاج الحيواني ليس لديهم أي خبرة أو دراية عن طبيعية عمل المناحل، "ولذلك يتسببون في مشاكل كبيرة وعديدة يشكو منها النحالون"، مبينا أن الطب البيطري هو المنوط به الإشراف على النحل، "لكن للأسف، لا يدرس الطبيب البيطري أي كروس عن النحل، وهذا أمر غريب جدا، ويجب إعادة النظر في هذا الأمر مع وزارة التعليم العالي، لأن الأطباء البيطريين هم المسئولون عن علاج النحل في جميع دول العالم".
م. محمد هجرس يستعرض أقراصا من الشمع المسكونة بالنحل والعسل فوق رأسه
وذكر المهندس محمد هجرس في حوراه مع موقع "الأرض"، أن قسم بحوث النحل التابع لمعهد بحوث وقاية النباتات بمركز البحوث الزراعية، هو الجهة الوحيدة التي يملك باحثوها الخبرة في التعامل مع النحالين، "ولكن ليست لديه فروع في كل المحافظات، فيضطر لتفويض أي مهندس من المدريات الزراعية لمعاينة المنحل بهدف ترخيصه، وقد لا يعرف أن الخلية خالية من النحل، لأنه لاي عرف شيئا عن طبيعتها".
حلول لمشاكل النحالين المصريين
ويطرح المهندس محمد هرجس في حديثه لـ "الأرض"، حلولا لمشاكل صناعة النحل في مصر، أهمها: إنشاء إدارة مركزية للحشرات الاقتصادية، بحيث يكون لها قسم متخصص في مديرية الزراعة بكل محافظة تضم فنيين مدربين على تربية النحل ورعايته ومكافحة أمراضه.
ويسرد هجرس مجموعة من الحلول الفنية الأخرى، منها: إيجاد برنامج لتأصيل سلالة النحلة المصرية وذلك بعمل منطقة معزولة، وبرنامج ثان للتحسين الوراثي بالتهجين بين النحلة المصرية والنحلة الأوروبية، خاصة النحل الإيطالي والكرنيوني، حيث برعت كل دول العالم في برامج التحسين لإنتاج نحلة عالية الإنتاجية في وضع البيض، أو إنتاجية العسل وجودته، مثل: الصين، أمريكا، أستراليا، والأرجنتين، وغيرها من دول العالم.
ومن الحلول الإدارية التي يطرحها هجرس، وضع كود مصري للنحالين، حيث يجب أن تضطلع وزارة بإصدار "كود مصري" يحتوي على جميع المفاهيم الخاصة بتربية النحل والأمراض وعلاجها، وذلك لتوحيد المفاهيم الخاصة بالنحل لدى جميع الأطراف المشتركة.
تصدير النحل المصري
وقال محمد هجرس في حواره مع "الأرض"، إن مصر كانت تصدِّر كميات كبيرة من طرود النحل، تقدر قيمتها بنحو مليار دولار سنويا، وذلك قبل تراجع هذه الكمية خلال الشهور الأخيرة، بسبب إصرار التجار على شراء العسل من النحالين بأسعار بخسة، "وبالتالي يصبحون غير قادرين على شراء السكر بأسعاره الحالية لتغذية خلاياهم، ما ينجم عنه موت الخلايا".
وتتصدر السعودية الدول المستوردة لطرود النحل المصري، بنسبة تصل إلى 65%، تليها الإمارات بنسبة 20%، ثم الكويت بنسبة 10%، وأخيرا قطر بنسبة 5%.
ولفت هجرس النظر إلى أن المنافسة مرتفعة في دول الخليج الخمسة على شراء طرود النحل المصري، "وللأسف يوجد في هذه الدول تجار مصريين يضاربون بالأسعار على حساب النحال المصري المغلوب على أمره، بعد أن تركته وزارة الزراعة دون حماية".
ويصف هجرس كلمة "الحماية" بوضع حد أدنى لسعر طرد النحل المصري، وذلك لحماية ثروة مصر من هذا المنتج المتميز عالميا، على الرغم من التفريط فيه بالبيع بنحو ٣٠ ٪ من سعره عالميا، "فطرد النحل الذي يزن كيلو وربع نحل عالميا، يباع بسعر يتراوح بين ٨٠ و١٠٠ دولار، لكن المصريين يبيعونه لدول الخليج بـ 30 دولارا فقط".
مميزات النحل المصري
ويسرد المهندس محمد هجرس في حواره مع موقع "الأرض"، مميزات النحل المصري، ومنها: طول الجناح عن جسم النحلة، ما يفيده في الطيران مسافة 20 كيلو متر، في الوقت الذي لا تزيد مسافة طيران النحل الأوروبي على 2 كيلو متر فقط، ما يعني جمع الرحيق من مسافات دائرة قطرها 40 مترا، بدلا من 4 أمتار فقط.
كما يتميز النحل المصري بالقدرة الذاتية على تنظيف جسمه من طفيل الفاروا المدمر للخلية، حيث يعتبر من أجناس الأكاروسات الماصة للدماء، إذ يغرس آلة المص الخاصة به بين فقرات جسم النحلة، فيمتص دمائها، ويدمرها.
وينهي هجرس حديثه مع موقع "الأرض" عن مميزات النحل المصري بقدرة الملكة المصرية على وضع البيض بمعدلات تصل إلى 2500 بيضة يوميا، إذا توافرت لها الظروف المناسبة، "لكن معدل البيض الطبيعي لها 1500 بيضة يوميا"، إلى جانب أن البيئة المصرية وحدها على ظهر الأرض التي تتيح لملكات النحل أن تضع بيضها طوال العام، وهي ميزة لا توجد إلا في مصر، ما يعني إمكانية استغلال هذه الهبة الربانية لتكون مصر أكبر حاضنة لصناعة خلايا النحل.
مكونات خلية النحل
وأوضح المهندس محمد هجرس أن كلمة خلية تعني الصندوق الخارجي، الذي يعتبر البيت الجامع لجميع المكونات، ومنها: أقراص الشمع بعيونها المتعددة التي تضع فيها الشغالات عسلها، كما تضع الملكة فيها بيضها ليفقس عددا هائلا من اليرقات الصغيرة التي تتغذى على ما جلبته الشغالات من حبوب اللقاح المعجون برحيق الأزهار العسلي.
ويحتوي طرد النحل على نحو 12 ألف نحلة، منها: ملكة واحدة فقط، ونسبة 10% من العدد الباقي عبارة عن ذكور، أما الباقي فهو شغالات، والأخيرة هي المقياس النهائي لإنتاج الخلية من العسل، وتنتج الشغالة الواحدة طوال فترة حياتها ما لا يزيد على 45 جراما من العسل.
مهرجان للعسل في "مؤتمرات" مدينة نصر
يذكر أن حديقة أوزوريس بقاعة مؤتمرات مدينة نصر (القاهرة)، تستضيف مهرجان العسل في دورته الخامسة هذا العام، والذي تنظمه شركة "ميد مارت" المتخصصة في استشارات التسويق، وتنظيم المهرجانات المتخصصة، وذلك لمدة 5 أيام بين 24 و28 نوفمبر الجاري، بمشاركة النحالين وشركات العسل، ومناحل تربية الملكات، والمصانع العاملة في مجال مستلزمات المناحل، كما ترعاه وزارة الزراعة، متمثلة في قطاع الإرشاد الزراعي، وقسم بحوث النحل التابع لمعهد بحوث وقاية النباتات.
لوجو مهرجان العسل الخامس الذي يقام في قاعة مؤتمرات مدينة نصر 24 نوفمبر 2022
وقال المهندس محمد هجرس في حواره لـ "الأرض"، إن هذا المهرجان يمثل واجهة حضارية لصناعة النحل المصرية، لافتا إلى ضرورة استثمار هذا الحدث لاستعراض مشاكل النحالين فيه أمام الجهات الحكومية الراعية، وأهمها: وزارة الزراعة، وذلك لوضع حلول لمعاناة النحالين، وإنقاذ هذه المهنة من الضياع، حيث يعوّل عليها في خلق فرص عمل مثمرة داخل كل بيت ريفي، كما يمكن لها أن تدر مداخيل مرتفعة جدا من العملة الصعبة للبلاد.