الأرض
الإثنين 2 ديسمبر 2024 مـ 10:59 مـ 1 جمادى آخر 1446 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

من رحم هياكل الدواجن

اشتعلت أسعار هياكل الدواجن في مصر، وازدحمت حلبة المتنافسين عليها، بعد اختفاء نكات البحث عن الأرجل، للدرجة التي احتاجت تدخل الجهات المالكة للمجازر بتنظيم مبارياتها بالمزادات، ما أهدى الدولة أيضا حلولا واقعية من رحم المعضلات.

البحث عن مخرج لأزمة صناعة الدواجن، أصبح يحتل المساحة الأكبر من طاولة رئيس مجلس الوزراء يوميا، بعدما تسببت في إغلاق عنابر ومجازر ومحلات بيع، وتشريد أكثر من مليون عامل مباشر، ووقف حال مليون مثله كان يعمل في نقل نشارة المناجر كفرشة للعنابر، ثم نقل "السبلة" بعد انتهاء دورة التسمين وبيعها لمزارعي الخضار في الصحراء، الذين أصابتهم الأزمة أيضا في مقتل، بعد غلاء الأسعار الكيماوية، واعتمادهم الأكثر على الأسمدة العضوية من مخلفات عنابر الدواجن.

المسألة ليست تندرا على حال صناعة بروتين الشعب، الذي كنا نحسد أنفسنا على أننا ننتجه ونضعه في مرتبة "الأرخص كلفة بين دول العالم"، لكن المعضلة في دخول التجار حلبة المنافسة على الهياكل والأرجل، ليقفز سعرها إلى 40 جنيها للكيلو، بعد أن كانت ربة الأسرة الضعيفة تجدها مرصوصة في الأسواق الشعبية، بسعر لا يتعدى 10 في المائة من سعر الدواجن، وربما كانت تحظى بها مجانا، لإدخال رائحة "الزفر" وطعمه على وجبة فقيرة ماليا، غنية بالفيتامينات والبهجة.

والأرجل التي دخلت باب "الترند" خلال الأشهر الثلاثة الماضية، أصبحت أملا صعب المنال، لأنه لا أرجل إلا من دجاجات كاملة دخلت المجزر، ليتم استثمارها كاملة، ما عدا "مرفوضاتها" من الريش والأحشاء والدماء، والعنصران الأخيران يدخلان أيضا إلى "الكوكر"، فيتم تعقيمهما في درجات الحرارة القصوى، ثم يخرج الخليط مجففا للطحن، فيضاف على علائق الأسماك، كمصدر للبروتين الأرخص ثمنا، والأعلى قيمة.

إذن، لم تترك أزمة صناعة الدواجن جرامات اللحم "المختلطة بالعظام" في الهياكل، ولا "كوارع المساكين"، ما دامت وحدة البروتين في أعلاف الأسماك، تحقق دخلا أعلى مما سيدفعه غير القادرين في شراء الهياكل والأرجل.

والمفرح، أن اهتمام الدكتور مصطفى مدبولي بأزمة صناعة الدواجن، أهداه حلولا ذاتية من رحم المشكلة لأزمة زيت الطعام التي يعرف حلها كل من له علاقة بالزراعة والمياه، ولم يكن هذا الحل بعيدا عن أيدي وزير التموين، حيث اكتشف رئيس مجلس الوزراء أثناء أحد اجتماعاته مع مستوردي خامات الأعلاف منذ نحو 45 يوما، أن خزانات معاصرهم ملآنة بزيت الصويا، الذي يصدرونه بأقل من سعر استيراد أردأ أنواع زيت الطعام للمصريين، والبحث والتحليل العلمي حول زيت الصويا، وُجِد أنه الأجود على الإطلاق بين جميع زيوت الطبخ، ما عدا طبعا زيت الزيتون.

الدكتور مصطفى مدبولي وجه بضرورة تفعيل برنامج الزراعات التعاقدية في محاصيل: الذرة الشامية، وفول الصويا، وعباد الشمس، ووزع التكليفات على الوزارتين المعنيتين، لتجهز "الزراعة" تقاو جيدة وبرامج إرشادية لزيادة الغلة الإنتاجية، وليكرم وزير التموين المزارع المصري بالسعر العادل، لنحصل على الذرة النظيفة، وكسبة الصويا، وزيتها الصحي، وكسبة عباد الشمس وزيتها أيضا.

زراعة 500 ألف فدان فول صويا، مع تقاو جيدة، وبرامج إرشادية مُحَدّثة، تُنتِج نحو 600 ألف طن حبوب صويا، أي نحو 22٪ من احتياجات مصر من هذه السلعة، و14٪ من زيت التموين، حيث تحتاج صناعة الدواجن نحو 2.7 مليون طن صويا سنويا، تُنتِج نحو 500 ألف طن زيت، تمثل نحو 65٪ من احتياجاتنا من زيت التموين.

نهاية: من رحم أزمة هياكل الدواجن وأرجلها، تتولد حلول بآليات تنفيذ محلية وواقعية لمعضلة استيراد زيت الطعام، وإعادة تشغيل مليوني عاطل مصري ليتحقق شعار "تحيا مصر".