الأرض
الخميس 21 نوفمبر 2024 مـ 10:39 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

كارثة تقضي على ما تبقى من صناعة الدواجن

50 جنيها خسارة طبق بيض المائدة .. والمحتكرون يحصدون الفوائد

عنابر بيض المائدة تحتضر مع ارتفاع تكاليف الإنتاج وانخفاض أسعار البيع
عنابر بيض المائدة تحتضر مع ارتفاع تكاليف الإنتاج وانخفاض أسعار البيع
القاهرة

146 جنيها تكلفة إنتاج طبق البيض من المزرعة والبيع للتجار بـ 96 جنيها للطبق

20500 سعر طن الذرة

38000 جنيه سعر طن فول الصويا على أرضه

23000 جنيه سعر طن العلف

سجلت صناعة الدواجن اليوم درجة توصف بـ "شديدة الخطورة" إثر تحقيقها خسائر تهدد بإغلاق ما تبقى من عنابر إنتاج بيض المائدة أو عنابر التسمين (الشريحة المتوسطة).

ووفقا لستثمرين متوسطين في صناعة البيض، ويتبعون شعبة البيض في الاتحاد العام لمنتجي الدواجن، بلغت تكلفة طبق البيض اليوم في العنابر المغلقة 149 جنيها، فيما لم يزد سعر بيع الطبق على 96 جنيها، وذلك بضغط من عدد محدود من كبار المنتجين والمحتكرين لهذه الصناعة، الذين يصرون على سحب السوق نحو الهبوط الحاد.

وحول المحتكرين وأهدافهم، قال المستثمرون الذين طلبوا عدم ذكر أسمائهم، في تصريحات خاص بموقع "الأرض"، إن الكبار يملكون مشاريع متكاملة، ولديهم أرصدة دولارية من أنشطة تجارية أخرى، وبالتالي يستوردون خامات الأعلاف بأسعارها العالمية، "فمثلا يشترون طن الصويا بنحو 19 ألف جنيه، ويبيعونه لنا بـ 38 ألف جنيه، كما يستوردون طن الذرة بـ 13 ألف جنيه، ويبيعونه بـ 20500 جنيه"، بمعنى أنهم يجنون أرباحا خرافية من تجارة الخامات، وليس من إنتاجهم الداجني (البيض واللحم).

وأوضح المستثمرون المتضررون أن المحتكرين في صناعة بيض المائدة يهيمنون على نحو 25% من إجمالي الإنتاج، "وفي هذه الظروف الذي انخفض فيها الإنتاج العام إلى 50% بسبب الأزمة العالمية، يصل إنتاجهم يوميا إلى نحو 4 ملايين بيضة، أي نحو 137 ألف طبق، ولأن تكلفة طبق البيض لديهم لا تزيد حاليا على 108 جنيهات للطبق، فإن إجمالي خسائرهم تقدر حاليا بنحو 1.6 مليون جنيه يوميا، أي نحو 600 مليون جنيه سنويا عند النقطة السعرية الحالية، يتم جني ضعفها من تجارة الخامات".

وأضاف المتضررون في حوارهم مع موقع "الأرض"، أن المحتكرون يستهدفون الصمود للضغط على فئة "المتوسطين" الذين تتراوح إنتاجيتهم بين 5 و10 آلاف طبق يوميا، وتبلغ نسبتهم في هذه الصناعة نحو 40%، "وذلك بعد تأكدهم من خروج جميع المنتجين الصغار، اللذين كانوا ينتجون نحو 35% من بيض المائدة "أي 4.2 مليار بيضة سنويا في الظروف الطبيعية ـ ما قبل عام 2022، حيث كان إجمالي إنتاج مصر من بيض المائدة نحو 12 مليار بيضة سنويا".

أسباب أزمة صناعة الدواجن الجديدة

وأشار المستثمرون في صناعة بيض المائدة ـ في حوارهم مع موقع "الأرض"، إلى أن السبب الحالي لبلوغ الأزمة درجة "الخطورة الشديدة" يعود إلى عدم انتظام الإفراج عن الخامات المستوردة التي تصل إلى الموانئ المصرية، لعدم إتاحة الدولار الذي بلغ سعره في السوق السوداء 45 جنيها اليوم.

ولفت هؤلاء النظر إلى أن هذه الأزمة رفعت أسعار العلف إلى 23500 جنيه، "وهذه التكلفة تجعل من الإنتاج عملية خاسرة وتقضي على ما تبقى من استثمارات هذه الصناعة التي لا يمكن تعويضها مرة أخرى".

ولا يجد المستثمرون الصابرون حلا شافيا للمرض الحالي الذي يدمر صناعة الدواجن، أكثر من تدخل كيانات كبرى ترتبط استثماراتها بالإنتاج الداجني، لإعادة الصغار ودعم المتوسطين بتمويل عمليات البيع الآجل، مثل ما تفعله حاليا شركة صينية عملاقة تعمل في تصنيع الأعلاف، حيث بدأت بمساندة أصحاب عنابر التسمين المغلقة، وذلك بإعادة منحهم تمويل الكتاكيت والأعلاف، بائتمان دورة مدتها 45 يوما، وذلك لإدارة جزء ليس قليلا من تروس هذه الصناعة.

مصائب الخارجين فوائد للمحتكرين في صناعة الدواجن

من جهته، يتعجب المهندس محمد الزناتي، عضو شعبة بيض المائدة في اتحاد منتجي الدواجن، مما يحدث حاليا في هذه السوق، لافتا النظر إلى أن هناك من يتوسع في إنشاء عنابر تسمين جديدة، بعد أن خرج من هذا المجال نحو 80% من الصغار، الذين كانوا يهيمنون على نحو 70% من إنتاج دجاج التسمين، أي كانوا ينتجون نحو 2.5 مليون دجاجة يوميا قبل عام 2022.

وأضاف الزناتي في حديثه لموقع "الأرض"، أن هؤلاء مارسوا لعبة أخلاء سوق التسمين بممارساتهم الاحتكارية لجميع حلقات الصناعة، حتى ينهضوا على أنقاض الصغار الفارين من الخسائر فيستأجرون عنابرهم، ويدخلون إليها دورات تسمين كونهم يملكون معامل تفريخ الكتاكيت، وبطاقات استيراد خامات الأعلاف، ثم مصانع الأعلاف، والمجازر أيضا، "والآن يجنون أضعافا مضاعفة للخسائر التي وجهوها سابقا لحرق استثمارات الصغار".

ووفقا للزناتي، أدار الكبار وجوههم الآن لصناعة بيض المائدة، مستهدفين إخلائها أيضا من المتوسطين، بعد أن قضوا تماما على الصغار، بدليل أنهم يستثمرون أموالا مجهولة المصدر في سياسة "إحراق المربين المتوسطين"، وذلك لافتتاح عنابر جديدة على أنقاضهم، مؤكدا أن كيانا واحدا أو نسبة الـ 10% التي تمثل الكبار لا تستطيع مهما أوتيت من قوة مالية أو فكرية أو إدارية، أن تعوض السوق المصرية باحتياجاتها من بروتين الإنتاج الداجني، سواء اللحم أو بيض المائدة.

الحل في تشجيع الزراعات التعاقدية للذرة وفول الصويا

ولا يجد الزناتي مخرجا من هذه الأزمة غير التوسع في زراعة خامات الأعلاف الرئيسية، وأهمها: الذرة الشامية، وفول الصويا، مشيرا إلى أن مربي الدواجن ومنتجي بيض المائدة يجب أن يتحدوا لإنشاء كيانات استثمارية لزراعة المحصولين الاستراتيجيين، اللذين تستورد الدولة المصرية سنويا منهما نحو 9 ملايين طن ذرة، و4.5 مليون طن فول صويا.

ويرى الزناتي أنه بإمكان زراعة 4 ملايين فدان ذرة وفول صويا، ولوبيا العلف، في مصر، دون التأثير على مساحات الزراعات الصيفية التقليدية، مثل الأرز والفاصوليا البيضاء الجافة.

ويلفت الزناتي النظر إلى أن مركز البحوث الزراعية، نجح خلال السنوات القليلة الماضية في استنباط وتربية أصناف من تقاوي المحاصيل الاستراتيجية، مثل الأرز الذي يزرع في الصحراء حاليا تحت ظروف ندرة الماء والحرارة المرتفعة والملوحة الأرضية، إضافة إلى استنباط أصناف من الذرة عالية الإنتاجية، والتي يمكن زراعتها في الدلتا أيضا، مع توفير مجففات للوصول بالرطوبة إلى المستوى المثالي عند 12 ـ 13%.

شعبة بيض المائدة تستغيث

"بوست" شعبة بيض المائدة في اتحاد منتجي الدواجن

على الصعيد ذاته، بلغت استغاثة أعضاء شعبة بيض المائدة في اتحاد منتجي الدواجن، درجة قصوى، بعد نفاد صبرهم، حيث صمم حمادة إبراهيم، وكيل الشعبة، طابعا إلكترونيا، دوّن عليه بيانا من الشعبة يوثق عددا من الأسئلة والأجوبة الإجبارية، هي:

ـ هل يوجد مكان في العالم .. المنتج فيه مظلوم بهذا الشكل؟

* هذا بمثابة تدمير شامل صناعة بيض المائدة

ـ الذرة 20 ألف، والصويا 36 ألف، وطن العلف وصل 24 ألف

* وبناء على ذلك تخطت تكلفة طبق البيض 138 جنيها

ـ لك الله أيها المنتج .. ولك الله أيها المستهلك
* ترقبوا أسعار غير مسبوقة

يذكر أن أسعار خامات الأعلاف قد زادت بنحو 500 جنيه لطن الذرة، و3 آلاف جنيه لطن الصويا، بعد نشر هذا البيان الإثنين الماضي.