الأرض
الخميس 29 مايو 2025 مـ 02:33 صـ 30 ذو القعدة 1446 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

إدارة المناخ الزراعي في خدمة الزراعة بمصر

مقال للدكتور محمد عبد ربه
مقال للدكتور محمد عبد ربه

يؤثر ويتأثر‎ ‎القطاع الزراعي سلبا وإيجابا بالبيئة المحيطة به وأي اختلال في هذا ‏التوازن يترتب عليه حدوث خسائر في الإنتاج الزراعي تؤدى إلي انخفاض دخول ‏المزارعين والمشتغلين بهذا القطاع والذي ينعكس بالسلب على الدخل القومي الذي ‏ينعكس بدوره على ميزان المدفوعات نتيجة زيادة الواردات من السلع الزراعية. و من ‏ناحية اخرى فإن استغلال العوامل المناخية تحسن من الانتاجية و تساعد على حصول ‏المزارعين على دخول عالية و ذلك من خلال اتباع ما يطلق عليه الزراعة الذكية ‏مناخياً و التي تعمل الجهات المعنية بوزارة الزراعة و مركز البحوث الزراعية على ‏تطبيقها مع المزارعين من خلال توفير التقاوي المناسبة لكل منطقة فيما يعرف ‏بالخريطة الصنفية للمحاصيل الاستراتيجية بحيث يتم زراعة الصنف المناسب لكل ‏منطقة و بالتالي تجنب اصابة النباتات بالامراض و زيادة معدلات النمو و الانتاجية و ‏هو مجهود بالفعل كرست له الجهات المعنية مجهودات كبيرة خلال السنوات القليلة ‏الماضية لتوفير التقاوي المعتمدة للمزارعين مما يسهل تطبيق نظم الزراعة الذكية كما ‏تم تطوير العديد من نظم الري و العمل على تطهير الترع و المساقي و المصارف ايضاً ‏لتوفير الظروف المناسبة للنباتات و تجنب تدهور الاراضي خصوصاً بمنطقتي الدلتا و ‏الوادي.‏
وهناك هدف رئيسي لتبني الزراعة الذكية فيما يطلق عليه تطبيقات الأرصاد ‏الجوية الزراعية وهو مساعدة المزارعين على أن‎ ‎يديروا على النحو الأمثل الموارد ‏المناخية، والتي تتكون أساساً من ضوء الشمس،‎ ‎والأمطار أو المياه.فالاستخدام الأمثل ‏للمياه يعني زراعة المحصول المناسب لكمية‎ ‎المياه المتوفرة بحيث يستعمل المحصول ‏القسم الأعظم منها مع الحد من تعرية التربة وفقد الأسمدة الناجم عن‎ ‎الجريان المائي. ‏وفى معظم الحالات التى يتعرض فيها المحصول للمخاطر فإنه يمكن تلافى هذه المخاطر ‏أو على الأقل تقليل أثرها إذا ما تم توقع المناخ القادم وأخذت التدابير اللازمة لتلافى ‏ضرره أو تحجيمه مثل إقامة مصدات الرياح وغير ذلك من العمليات الزراعية الهامة و ‏التي توصى بها وزارة الزراعة و مركز البحوث الزراعية على مدار اكثر من ثلاثين ‏عاماً. حيث ان كافة المزارع تتعرض للظروف المناخية المغايرة لكن المزارع التي تقوم ‏بعمل التدابير المناسبة و اهمها اقامة مصدات رياح تؤدي الى تقليل او انعدام التأثيرات ‏السلبية للرياح المحملة بالاتربة على المزروعات. ودور المعمل المركزي للمناخ ‏الزراعي في هذا الخصوص هو توفير بيانات أو معلومات الطقس السائد في المناطق ‏المختلفة وتأثير ذلك على الاستهلاك المائي وما يستتبع ذلك من استهلاك للأسمدة ‏والمبيدات وخلافه ويتعدى دور المعمل المركزي للمناخ الزراعي هذه النقطة إلى ‏تطبيقات الإدارة اليومية للمساحات المنزرعة بالري الحديث و الري بالغمر وتم انتاج ‏برامج حاسب آلى تستخدم فى حسابات الري والتسميد والمكافحة المتكاملة للأمراض ‏والآفات. و تم تدريب العديد من المزارعين على تلك التطبيقات كما تم انتاج بعض ‏التطبيقات تعمل بنظام الاندرويد مما يسهل على المزارع استخدام تلك التطبيقات. و لا ‏يعني انتاج تلك التطبيقات توقف عمل الارشاد الزراعي لكن تعتبر كعامل مساعد ‏للمساهمة في نشر الوعي و سهولة توصيل المعلومة في الوقت المناسب. كما قام العديد ‏من العاملين بالمعمل المركزي للمناخ الزراعي باقسام المعمل المختلفة بانشاء صفحات ‏علمية على منصات التواصل الاجتماعي للمساهمة في توصيل المعلومة للمزارعين في ‏اسرع وقت حتى تصل المعلومة الى المزارع في الوقت المناسب. ‏
و مع التطور الكبير في مجالات الاتصالات اصبح من الممكن تكامل هذه ‏الإمكانات في منظومة معلومات تعطى نصيحة للمزارع عن حاله الطقس في المستقبل ‏القريب وما يجب أن يتخذه من تدابير بناءاً على هذه البيانات وعلى ما يراه الخبراء ‏المتخصصون كل في تخصصه وذلك بالنسبة لمعظم المحاصيل على مستوى ‏الجمهورية. حيث ان تجنب كارثة أو على الأقل تقليل أو الحد من خطورتها كفيل بتوفير ‏ملايـين الجنيهات على مستوى الدولة وكذلك الحد من الإحباطات التي يمكن أن تحدث ‏لكثير من صغار المزارعيـن نتيجة للأسباب المناخية بطريقه مباشرة أو غير مباشرة . ‏ويوجد لدي المعمل شبكة ارصاد جوية تغطي كثيراً من المساحة الزراعية فى مصر بما ‏فى ذلك الأراضي القديمة والمستصلحة حديثاً وكذلك بحوث تتعلق بالتطبيقات المختلفة ‏لبيانات الأرصاد الزراعية اليومية لخدمة النشاطات الزراعية فى المدي القريب والبعيد.‏

‎ ‎وعلى جانب أخر ، فان التقنيات الحديثة ترتبط مباشرة بالمناخ الزراعي.‏‎ ‎وعلى سبيل ‏المثال؛ الزراعة اللاأرضية تتأثر مباشرة بالمناخ السائد المحيط بنظم تلك التقنية من زراعة ‏هوائية وأخري تحت التربة ، ولا شك انه توجد حاجة ضرورية لاستخدام هذه التكنولوجية ‏لتكثييف الانتاج وتفادي وقوع مخاطر من جراء الظروف غير المواتية واستخدام هذه التقنيات ‏فى زراعة أسطح المنازل فى المدن لتعديل مناخها. و تعتبر الزراعة بدون تربة و زراعة ‏الاسطح من التقنيات التي اخذت صدارة بعديد من البلدان نظراً للكفاءة العالية في استخدام المياه ‏و بالتالي انتاج غذاء بكميات مياه قليلة جدا مقارنةً بالزراعة التقليدية. و يقوم المعمل بعقد العديد ‏من الدورات التدريبية في هذا المجال بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني.‏
ومن الاتجاهات الأخري ذات الأهمية فى هذا النطاق هو نظم تعديل مناخ الزراعات ‏المحمية بما يشمل من أبحاث تتعلق بالانتاج فى الصوب وانتاج محاصيل تناسب الزراعة تحت ‏ظروف الحرارة العالية والمنخفضة.‏‎ ‎ويهدف تعديل المناخ الي دراسة العلاقة بين المناخ ‏والزراعة والهياكل المعدنية والحاصلات البستانية والمحاصيل غير التقليدية وتعديل الغازات ‏ويجري دراسات علي تطوير مناخ الصوب من تهوية وتبريد وتدفئة وتظليل وذلك لاطالة موسم ‏النمو داخل الصوب مع الوصول الي افضل نموذج رياضي لتحديد طريقة التهوية وتوزيع ‏الضوء ودراسة إمكانية التبريد الأفقي للصوب ذات المراوح وكذلك إدخال محاصيل غير ‏تقليدية بما يتلاءم مع الظرف المناخية وكيفية تعديل المناخ بما يتلاءم مع احتياجاتها. ويعقد ‏المعمل دورات تدريبية على الزراعة المحمية.‏
ومن الاتجاهات المرتبطة بالمناخ الدقيق هو الزراعة الحيوية ، حيث انه فى السنوات ‏الأخيرة زاد الاتجاه لخفض كميات الكيماويات فى الزراعة بصورة واضحة ، حيث ان الادراك ‏الجيد للعلاقة بين الكائنات الدقيقة المحيطة بالنبات أو فى مكمورة المخلفات سيعمل على زيادة ‏اهمية هذا المجال واجراء التطبيقات المناسبة لتعظيم الانتاجية. ‏
-------------------------
مدير المعمل المركزي للمناخ الزراعي