الأرض
الثلاثاء 1 يوليو 2025 مـ 05:04 مـ 5 محرّم 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

بذور الأمل.. كيف تغيّر التقاوي المحلية مستقبل الزراعة في مصر؟

في ظل سعي الدولة لتعزيز الأمن الغذائي وتقليل الاعتماد على الخارج، حقق البرنامج الوطني لإنتاج تقاوي الخضر محليًا خطوات راسخة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي، مُحدثًا تحوّلًا كبيرًا في أحد أهم مكونات العملية الزراعية.

تُعد التقاوي حجر الأساس لأي منظومة زراعية ناجحة، إذ لا يمكن الحديث عن إنتاج وفير وجودة عالية دون توفر بذور محسّنة ومعتمدة. وقد أدركت مصر مبكرًا أهمية امتلاك تقاوي وطنية، فكان إطلاق البرنامج الوطني لإنتاج تقاوي الخضر بمثابة نقطة انطلاق لمشروع استراتيجي بعيد المدى.

26 صنفًا جديدًا ومراحل تقييم دقيقة

خلال السنوات الماضية، تمكّن البرنامج من استنباط وتسجيل 26 صنفًا وهجينًا جديدًا لعشرة من أهم محاصيل الخضر في مصر، شملت: الطماطم، الفلفل، الباذنجان، البطيخ، الكنتالوب، البازلاء، الفاصولياء، اللوبيا، الخيار، والقثاء. هذه الأصناف تمر بمرحلة تقييم دقيقة داخل 11 محطة بحثية موزعة على مستوى الجمهورية، إضافة إلى تجارب تطبيقية في مزارع القطاع الخاص.

شراكات دولية لكسر الاحتكار
وفي خطوة نوعية، دخلت مصر في شراكات مع عدد من الشركات العالمية المتخصصة في إنتاج البذور، بهدف الحصول على أصناف تتأقلم مع المناخ المصري وتوفيرها للمزارعين بأسعار مناسبة. ويجري حاليًا التعاون مع شركات من دول كالهند والبرازيل ضمن إطار تبادل الخبرات وتعزيز القدرات المحلية.
توفير العملة الصعبة ودعم الاقتصاد الوطني
الدكتور عادل عبد العظيم، رئيس مركز البحوث الزراعية، أكد أهمية هذا البرنامج في خفض واردات التقاوي وتوفير العملة الصعبة، مشيرًا إلى أن الأصناف المحلية الجديدة لا تقل جودة عن المستوردة، بل تتفوق عليها أحيانًا من حيث مقاومة الأمراض والقدرة على التكيف مع الإجهادات المناخية.
وأضاف أن البرنامج يهدف إلى تمكين المزارعين من الحصول على التقاوي المصرية في أي وقت وبأسعار أقل من مثيلاتها الأجنبية، ما يخفف من الأعباء المالية عليهم، ويساهم في زيادة هامش الربح للمزارع المصري.
ثلاثة محاور استراتيجية للإنتاج

يعتمد البرنامج الوطني على ثلاث ركائز أساسية: أولها إنتاج تقاوي مصرية خالصة، وثانيها استيراد مواد وراثية وتهجينها محليًا للحصول على هجن جديدة تناسب البيئة المحلية. أما المحور الثالث فيتمثل في شراء هجن جاهزة من الأسواق العالمية، بهدف كسر احتكار بعض الشركات الكبرى لهذا القطاع الحيوي.

مصر مرشحة لتكون مركزًا إقليميًا لإنتاج البذور
من جانبه، أكد الدكتور ماهر المغربي، نائب مدير مركز البحوث الزراعية للإنتاج، أن مصر تمتلك البنية البحثية والعلمية التي تؤهلها لتصبح مركزًا إقليميًا لإنتاج البذور في إفريقيا. وأوضح أن المركز يضع في صلب رسالته تحقيق الأمن الغذائي المستدام من خلال الاستخدام الأمثل للموارد والتأقلم مع التغيرات المناخية.
وأشار المغربي إلى أن دعم المزارع المصري ليس فقط عبر توفير التقاوي، بل أيضًا من خلال تطوير النظام الزراعي ككل، بما يشمل التدريب، والميكنة، وتبني الممارسات الزراعية الجيدة، بالتعاون مع الشركاء الدوليين، وعلى رأسهم الاتحاد الأوروبي.
نحو مستقبل زراعي مستقل ومُستدام
تنتج مصر أكثر من 20 مليون طن من الخضروات سنويًا، ما يجعل امتلاك تقاوي وطنية عالية الجودة أمرًا حيويًا. ويُعد نجاح البرنامج الوطني لإنتاج التقاوي خطوة جوهرية نحو بناء منظومة زراعية متكاملة ومستقلة، قادرة على مواجهة التحديات وتحقيق الأمن الغذائي لأكثر من 100 مليون مواطن.