الحشرات القاتلة تهدد محصول السمسم.. تفاصيل
يعتبر محصول السمسم، أحد الكنوز الزراعية التي لم تحظَ بالاهتمام الكافي رغم ما تحمله من قيمة غذائية واقتصادية هائلة. إلا أن هذا المحصول الذهبي، الذي يُنتج زيتًا صحيًا ويُستخدم في صناعات غذائية شهيرة مثل الحلاوة الطحينية والطحينة والمخبوزات، يواجه اليوم خطرًا حقيقيًا: غزو شرس من الآفات الحشرية التي تهدد بإفشال مواسم الحصاد وتقليص إنتاجية الفدان.
الذهب الأبيض في خطر
تحتوي بذور السمسم على نسب مرتفعة من الزيت تتراوح بين 55% و60%، بجانب ما يصل إلى 25% من البروتين، إلى جانب الكالسيوم، الفوسفور، والألياف. وتزرع المحاصيل عادة من منتصف أبريل حتى نهاية مايو، على مساحة تقترب من 75 ألف فدان، معظمها في محافظات الوجه القبلي، إلى جانب الشرقية والإسماعيلية ومع ذلك، فإن استمرار الإنتاج في خطر.
آفات تهاجم بلا رحمة
الآفات التي تغزو حقول السمسم ليست جديدة، لكنها تتكاثر حاليًا بشكل متسارع، وتهدد بنسف جهود المزارعين ما لم يتم التدخل الفني السريع. نستعرض أبرز هذه الآفات وطرق مكافحتها:
1. الحفار (Gryllotalpa gryllotalpa)
الضرر: يقرض الجذور، مما يسبب ذبول النباتات وموتها.
المكافحة: حرث عميق، تسميد معتدل، حرق المخلفات، غمر التربة، واستخدام طعوم سامة عند الغروب.
2. الدودة القارضة (Agrotis ipsilon)
الضرر: تهاجم البادرات بشكل مفاجئ وتُجبر المزارع على إعادة الزراعة.
المكافحة: حرث متكرر، تجميع اليرقات يدويًا، استخدام الطعوم السامة، ومصائد فرمونية.
3. نطاط الأوراق (Empoasca decipien)
الضرر: يمتص العصارة من الأوراق فيُسبب تجعدها وجفافها.
المكافحة: إزالة الحشائش، تقليل الأسمدة، الرش المبكر.
آفات أخرى تستوجب الحذر:
نطاط القطن البرغوثي، البقة الخضراء، بق الطماطم، دودة ورق القطن، الذبابة البيضاء، دودة ورق السمسم، ودودة قرون السمسم.
خريطة سريعة للآفات وأماكن تواجدها
الآفة موضع الإصابة الأضرار الحل
نطاط القطن الأوراق والقرون تجعد واصفرار وسقوط الأوراق إزالة الحشائش، رش وقائي
الذبابة البيضاء، السطح السفلي للأوراق، بقع صفراء، عفن أسود المصائد اللاصقة والرش عند الضرورة، ديدان القطن، الأوراق، الأزهار، القرون ثقوب وتساقط الأزهار جمع يدوي، المصائد، الرش، الأكاروس والعناكب الأوراق، بقع تتحول لبنية، رش مبيدات متخصصة
أصناف السمسم في مصر: إنتاجية ومواصفات
يتم زراعة عدة أصناف محسّنة ذات إنتاجية عالية، أبرزها:
جيزة 32: بذور كريمية، إنتاجية 3، 4 أردب/فدان.
شندويل 3: تحمل ثلاث قرون في كل إبط ورقة، إنتاجية تصل إلى 8 أردب.
توشكي 1: صنف أبيض البذور، إنتاجية حتى 8 أردب.
سوهاج 1: متفرع، بذور حمراء، إنتاجية 6–7 أردب.
جميع هذه الأصناف لا تفتح قرونها إلا بعد تساقط الأوراق، مما يُسهّل الحصاد.
من التربة إلى الثمار.. خطوات الزراعة المثالية
1. اختيار الأرض والميعاد المثالي
يفضل زراعة السمسم في الأراضي جيدة الصرف، خاصة الرملية والطينية، وتجنّب التربة الملحية. أفضل توقيت للزراعة هو من منتصف أبريل حتى نهاية مايو.
2. تجهيز الأرض والتقاوي
معدل التقاوي: 3–4 كجم للفدان.
تجهيز التربة بالتسميد البلدي، واستخدام أصناف منتقاة.
معاملة البذور بمطهرات فطرية قبل الزراعة.
3. أنظمة الزراعة
الزراعة اليدوية: في جور بمسافات منتظمة.
على مصاطب: لتوفير المياه وتقليل الحشائش.
بالماكينة: باستخدام السطارة بعد ضبط المسافات.
التسميد المتوازن: مفتاح الحصاد الغني
فوسفاتي: 100–200 كجم/فدان حسب خصوبة التربة.
عضوي: 10–20 م³ سماد بلدي قديم.
بوتاسي: 50–100 كجم سلفات بوتاسيوم.
أزوتي: يُضاف على ثلاث دفعات وفق نوع الأرض.
عناصر صغرى: يُرش مخلوط عناصر مخلّبية عند طول النبات 30–40 سم.
الري الدقيق.. لا إفراط ولا تفريط
السمسم شديد الحساسية للمياه الزائدة. الري المنتظم، دون إغراق، من أهم عوامل الإنتاجية. لا يُنصح بري النبات وقت الظهيرة، ولا بعد بدء علامات النضج ( اصفرار الأوراق وتساقطها).
الأمراض التي تفتك بالسمسم
أعفان الجذور والذبول: تُقاوم بالزراعة في مواعيد مناسبة، الأصناف المقاومة، وتطهير البذور.
العفن الفحمي وتبقع الأوراق: مقاومة كيميائية وبيولوجية، والاعتدال في التسميد والري.
رسالة للمزارعين وصنّاع القرار
إن محصول السمسم ليس مجرد خيار اقتصادي للمزارع المصري، بل كنز غذائي واستراتيجي تحتاجه الأسواق. وتأتي الآفات والأمراض لتذكّرنا بأن المعركة الزراعية تبدأ من الحقل وتنتهي بالتعاون بين الباحثين، المهندسين الزراعيين، والمزارعين. من دون خطة متكاملة لإدارة المحصول ومواجهة التحديات، سيبقى السمسم كنزًا مهددًا بالفقدان.
