الأرض
الأحد 3 أغسطس 2025 مـ 07:20 مـ 8 صفر 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

التغيرات المناخية تهدد ثمار الأفوكادو في الصعيد

دقّت د. رانيا عبدالفتاح، الباحثة في الفاكهة الاستوائية، ناقوس الخطر محذّرة من التحديات التي تفرضها هذه التغيرات المناخية على زراعة محصول الأفوكادو في مصر. فبين طموحات التوسع في زراعته، وتضارب الظروف البيئية، يبقى مستقبل هذا المحصول معلقًا بين النجاح والتراجع، ما لم تُتّخذ خطوات فورية واستراتيجية لمواجهة تلك المتغيرات.

ماضٍ واعد وحاضر مقلق

شهدت السنوات الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في اهتمام المزارعين المصريين بزراعة الأفوكادو، خاصة بعد إثبات قدرته على التكيف مع ظروف بيئية غير تقليدية. مناطق مثل المنيا، قنا، وبعض المناطق الساحلية دخلت حديثًا خريطة زراعته، وأظهرت نتائج مشجعة، الأمر الذي دفع بالكثيرين لتوسيع الرقعة المزروعة بهذا المحصول عالي القيمة الغذائية والاقتصادية.

إلا أن هذا النجاح لم يخلُ من تحديات بدأت تفرض نفسها بقوة، حيث أوضحت د. رانيا أن الأصناف التجارية مثل "هاس" – وهو من أكثر الأصناف طلبًا عالميًا – تحتاج إلى درجات حرارة معتدلة، فهي حساسة جدًا للحرارة الشديدة والصقيع، ما يجعلها عرضة لتقلبات المناخ.

حرارة، عطش، وانخفاض في الإنتاج

وأشارت الباحثة إلى أن الإجهاد الحراري بات أحد أخطر العوامل التي تهدد إنتاجية أشجار الأفوكادو، إذ يؤدي إلى تساقط الأزهار والثمار الصغيرة، ما ينعكس مباشرة على حجم وجودة المحصول النهائي.

ولا يقف الأمر عند الحرارة فقط، بل يتعداه إلى مشكلة أخرى لا تقل خطورة، وهي الإجهاد المائي. فشجرة الأفوكادو تتطلب كميات وفيرة ومنتظمة من المياه، ومع تزايد موجات الجفاف ونقص الموارد المائية، تصبح هذه المتطلبات تحديًا يوميًا أمام المزارع.

كيف نُنقذ محصول المستقبل؟

تؤمن د. رانيا عبدالفتاح بأن الحلول لا تزال ممكنة، لكنها تتطلب تحركًا سريعًا واستباقيًا. من أبرز هذه الحلول:

تبني أصناف جديدة أكثر مقاومة للحرارة والجفاف والملوحة.

تطوير نظم الري عبر التحول الواسع إلى تقنيات الري الحديث، وعلى رأسها الري بالتنقيط، التي تقلل من فاقد المياه وتضمن تغذية الجذور بانتظام.

تحسين إدارة التربة والمغذيات بشكل يتوافق مع احتياجات النبات في ظل الظروف المناخية المستجدة.

المستقبل يبدأ من الآن

الأفوكادو ليس مجرد موضة زراعية أو بديل اقتصادي، بل هو استثمار استراتيجي قد يسهم في تنويع مصادر الدخل الزراعي لمصر وتلبية الطلب المتزايد على الأسواق المحلية والعالمية. ومع التوجهات العالمية نحو الغذاء الصحي والمستدام، تبدو الفرصة سانحة إذا ما وُضعت قواعد زراعته على أسس علمية تتماشى مع التغيرات المناخية المتوقعة خلال العقود المقبلة.

في هذا السياق، يُعد المزارع المصري على خط المواجهة الأول. ومتى توفرت له المعرفة والدعم التقني واللوجستي، يمكن تحويل هذا التحدي إلى فرصة ذهبية تُثبت قدرة الزراعة المصرية على التكيف والبقاء، بل والريادة.