الأرض
الأحد 3 أغسطس 2025 مـ 10:13 مـ 8 صفر 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

كارثة صامتة تهدد بساتين المانجو في مصر

أطلق الدكتور علاء جمعة، أستاذ مساعد البساتين بجامعة قناة السويس، تحذيرًا صارخًا يسلط الضوء على ممارسات تهدد مستقبل أشجار المانجو، أحد أهم المحاصيل الاستراتيجية في مصر، داعيًا إلى تصحيح مسار التعامل مع هذه الثروة الزراعية قبل فوات الأوان.

ملح الطعام.. سم بطيء في التربة

خلال السنوات الماضية، لجأ عدد من المزارعين إلى استخدام ملح الطعام -المعروف بين أوساطهم بـ"ملح السويس، كوسيلة لتحسين التربة أو مكافحة بعض المشكلات الزراعية"، ولكن ما خفي كان أعظم.

وأضاف الدكتور علاء أن هذه الممارسة تنطوي على خطأ جسيم، إذ يُضاف الملح بكميات كبيرة قد تتجاوز الكيلوغرام لكل شجرة، وفي بعض الحالات تصل إلى شكارة كاملة.

هذا التراكم المفرط للأملاح، بحسب جمعة، لا يُحدث ضررًا فوريًا فقط متمثلًا في احتراق أوراق الأشجار، بل يُمهّد لموت تدريجي يصيب الجذور ويقضي على قدرة التربة على تغذية النبات. ومع مرور الوقت، تتحول الأرض إلى بيئة غير صالحة للزراعة، وتفقد أشجار المانجو قدرتها على الإنتاج، لتتحول من مصدر رزق إلى عبء زراعي واقتصادي.

هيدروكسيد البوتاسيوم.. من فائدة إلى خطر قاتل

ولم يتوقف التحذير عند ملح الطعام فقط؛ فقد سلط الدكتور علاء جمعة الضوء أيضًا على خطأ شائع آخر يتمثل في استخدام هيدروكسيد البوتاسيوم بشكل منفرد، وهي مادة شديدة القلوية تُضعف الأوراق وتُعطل العمليات الحيوية داخل النبات، ما يؤثر سلبًا على نمو الشجرة ومقاومتها للآفات.

لكن الأمل لا يزال موجودًا. فقد أشار الدكتور جمعة إلى أن هذه المادة يمكن أن تكون مفيدة إذا استُخدمت بالشكل العلمي السليم، وذلك بدمجها مع حمض السلفونيك ضمن تركيبة "الصابون الزراعي"، مما يُعادل قلوية المركب ويجعله آمنًا وفعّالًا في تغذية النبات ومكافحة الآفات في آنٍ واحد.

دعوة للوعي الزراعي قبل فوات الأوان

ووجه الدكتور علاء جمعة رسالة واضحة إلى المزارعين وخبراء الزراعة مفادها أن الطريق إلى زراعة مستدامة يبدأ من الوعي. فالعشوائية في استخدام المركبات الكيميائية ليست فقط خطأ علميًا، بل هي تهديد مباشر للمحصول وجودته وصحة التربة على المدى الطويل.

ويُشكل هذا التحذير العلمي جرس إنذار يدعو إلى إعادة تقييم الممارسات الزراعية، واعتماد الطرق المبنية على أسس علمية دقيقة تضمن استمرار الإنتاج وجودته، في ظل تحديات مناخية واقتصادية متزايدة.

نظرة إلى المستقبل

وأوضح إذا ما تم الالتفات إلى هذه التحذيرات وتطبيقها بوعي، فإن المستقبل قد يحمل بساتين أكثر ازدهارًا، وتربة أكثر خصوبة، وأشجار مانجو قادرة على العطاء لمواسم طويلة. أما الإصرار على تكرار الأخطاء، فسيكتب شهادة وفاة بطيئة لواحد من أبرز المحاصيل الزراعية التي تفتخر بها الأرض المصرية.