الأرض
الثلاثاء 1 يوليو 2025 مـ 05:29 مـ 5 محرّم 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

أخطاء تفسد زيت الزيتون الإكسترا فيرجن

زيت الزيتون
زيت الزيتون

رغم استخراج زيت الزيتون البكر الممتاز بأحدث التقنيات وتحت أعلى معايير الجودة، إلا أن كثيرًا من المنتجين يُفاجَأون بتدهور خواصه خلال أسابيع من التخزين.

في هذا التقرير نكشف الأسباب الخفية التي تفسد جودة زيت الزيتون، من تعرضه للأكسجين والعناصر الثقيلة، إلى تفاصيل دقيقة يغفل عنها كثيرون.

أخطاء غير مرئية تفسد أغلى الزيوت

- ما الأسباب الخفية التي قد تؤدي إلى ارتفاع قيم البيروكسيد وضعف الخصائص الحسية بعد فترة قصيرة من التخزين؟

والإجابة توضح أن هذه المشكلة تواجهها العديد من مصانع إنتاج زيت الزيتون، حتى تلك التي تعتمد على تقنيات حديثة وتلتزم بمعايير الجودة أثناء الاستخلاص. فغالبًا ما تكون نتائج التحليل الكيميائي والحسي مباشرة بعد العصر ممتازة، مما يضع الزيت ضمن تصنيف "بكر ممتاز"، وبعد فترة قصيرة من التخزين، تبدأ مؤشرات الجودة في التدهور تدريجيًا، حيث ترتفع قيم البيروكسيد وتنخفض الصفات الحسية المميزة مثل الطعم الفاكهي والنضارة، مما يُفقد الزيت مكانته في السوق ويهدد فرص تصديره.

أحد أبرز الأسباب وراء هذا التدهور هو تعرض الزيت للأوكسجين خلال مراحل ما بعد الاستخلاص، خاصة أثناء الفصل، والتصفية، أو التعبئة.

ويحتوي الزيت على مركبات مضادة للأكسدة مثل البوليفينولات، إلا أن هذه المركبات تتفاعل بسرعة في وجود الأوكسجين، مما يؤدي إلى بدء عمليات الأكسدة التي ترفع من قيم البيروكسيد وتفقد الزيت طزاجته تدريجيًا،،ولذلك، فإن الحد من ملامسة الزيت للهواء باستخدام أنظمة مغلقة أو غازات خاملة مثل النيتروجين يُعد إجراءً وقائيًا أساسيًا للحفاظ على استقرار الزيت.

حرارة تخزين زيت الزيتون

عامل آخر له تأثير مباشر هو درجة حرارة التخزين، فزيت الزيتون حساس جدًا للحرارة، ودرجات الحرارة المرتفعة تُسرّع من جميع التفاعلات الكيميائية، خاصة الأكسدة، وكثير من المنتجين لا يُوفرون بيئة تخزين مناسبة، مما يؤدي إلى تدهور الزيت حتى في ظل جودته العالية عند العصر.

والتخزين المثالي يجب أن يكون في درجة حرارة تتراوح بين 14 و18 درجة مئوية، في أماكن مظلمة وبعيدة عن مصادر الحرارة، باستخدام عبوات غير شفافة ومخصصة للأغذية.

ومن الأسباب الخطيرة التي يغفل عنها كثيرون في الصناعة، وجود العناصر الثقيلة مثل الحديد أو النحاس، والتي قد تكون موجودة في مكونات وحدات العصر أو في الوصلات والصنابير أو حتى في خزانات التخزين إذا كانت مصنوعة من معادن غير معالجة.

هذه المعادن تُعد من المحفزات القوية لتفاعلات الأكسدة، حتى بكميات ضئيلة، وتؤدي إلى تسارع كبير في تدهور الزيت. والأسوأ من ذلك أن هذه العناصر الثقيلة قد تدخل إلى الزيت من مصادر غير مباشرة، مثل مياه غسيل ثمار الزيتون أو المياه التي تُضاف إلى العجينة أثناء عملية الاستخلاص. فإذا كانت هذه المياه غير معالجة وتحتوي على تركيزات عالية من الحديد أو النحاس، فإنها تترك أثراً طويل الأمد في الزيت يُسهم في تحلله بسرعة.

الرطوبة والشوائب تفسد زيت الزيتون

وثبت بالتجربة، أن بقاء نسبة من الرطوبة أو الشوائب الدقيقة داخل الزيت نتيجة عدم ترسيبه أو طرده بشكل كافٍ، يمكن أن يُعزز من نشاط الإنزيمات أو التحلل الميكروبي، مما يُسرع من تدهور الصفات الحسية ويُضعف من مقاومة الزيت للأكسدة، ولذلك تصبح التنقية الدقيقة والتصفية المستمرة ضرورية لضمان نقاء الزيت واستقراره خلال فترة التخزين.

ولا يمكن إغفال دور نظافة المعدات المستخدمة في الإنتاج والتخزين، إذ أن بقايا الزيت القديم أو الشوائب داخل الأنابيب والخزانات قد تسرّع من تدهور الزيت الجديد عند ملامسته لها. ولذا، فإن تنظيف هذه المعدات وصيانتها بشكل دوري يُعد من الممارسات الأساسية للحفاظ على جودة المنتج.

جودة زيت الزيتون من جودة الثمار

أخيرًا، فإن جودة الزيت تبدأ من جودة الثمار نفسها. فالزيتون المتأخر في الجني، أو الذي تعرض للتخزين الطويل أو للرضوض والتخمر قبل العصر، قد يُنتج زيتًا يبدو ممتازًا عند التحليل الأولي، لكنه غير مستقر كيميائيًا ويبدأ في التدهور سريعًا. لهذا، من المهم السيطرة على مراحل ما قبل العصر، مثل اختيار توقيت الجني، وسرعة النقل إلى المعصرة، ومعاملة الثمار بعناية.

الخلاصة في جودة زيت الزيتون

الحفاظ على جودة زيت الزيتون البكر الممتاز ليس من المهمات التي تنتهي عند لحظة العصر، بل هي عملية متكاملة تبدأ من المزرعة وتنتهي عند الزجاجة. ومن الضروري التحكم في كل مرحلة من مراحل الإنتاج، خاصة ما بعد الاستخلاص، مثل منع التعرض للأوكسجين، التحكم في درجات الحرارة، ضمان نظافة المعدات، استخدام مياه خالية من العناصر الثقيلة، وتجنب ملامسة الزيت لمواد تحفّز الأكسدة.

ونشير هنا إلى أن وعي المنتجين بوجود ملوثات خفية مثل الحديد والنحاس، سواء من المياه أو المعدات، يُعد أمرًا حاسمًا. وتجاهل هذه التفاصيل الدقيقة، حتى وإن بدت صغيرة، قد يؤدي إلى خسارة الجودة والمصداقية في السوق، ويُضيع كل ما تم تحقيقه في مراحل الإنتاج الأولى.

* أستاذ ورئيس قسم الزيوت والدهون - المركز القومي للبحوث