الأرض
الأربعاء 16 يوليو 2025 مـ 07:19 مـ 20 محرّم 1447 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

وحش زراعي جديد يتخفى داخل بذور التقاوي

كشف الدكتور محمد فهيم، رئيس مركز معلومات تغير المناخ، عن اكتشاف مذهل لنبات طفيلي يُعرف باسم "الحامول"، قادر على سرقة الجينات من النباتات المضيفة واستخدامها ضدها في معركة بيولوجية شرسة تنتهي بسيطرته الكاملة على النبات!

وأكد فهيم أن ما يحدث ليس خيالًا علميًا، بل حقيقة موثقة بدراسات حديثة، أبرزها بحث صادر عن جامعة "بنسلفانيا" الأمريكية، كشف أن الحامول استطاع سرقة أكثر من 100 جين من النباتات التي يتطفل عليها، وتخزينها داخل مادته الوراثية، ليعيد توظيفها في فك شيفرات الدفاع الطبيعي لتلك النباتات، والسيطرة عليها بشكل معقد وذكي، إلى جانب امتصاص غذائها.

نقل جيني أفقي بين النباتات.. حالة نادرة وخطيرة

المثير للدهشة أن هذه الظاهرة تُعرف علميًا بـ"النقل الأفقي للجينات" (Horizontal Gene Transfer - HGT)، وهي عملية معروفة بين البكتيريا والكائنات الدقيقة، لكن تسجيل حدوثها بين نباتين، كما في حالة الحامول، يُعد من الحالات النادرة والاستثنائية في عالم الأحياء.

وأضاف فهيم أن المفاجأة الكبرى كانت أن بعض الجينات التي يحملها الحامول قد تم نقلها إليه منذ آلاف السنين من سلف مشترك لجميع أنواع هذا النبات الطفيلي، ما يفسر انتشاره الواسع ونجاحه الكبير في مختلف مناطق العالم، وقدرته العالية على التأقلم والبقاء.

التهديد الحقيقي... ذكاء تطوري ومقاومة متزايدة

وحذر الدكتور فهيم من التأثير الكارثي لتأخر مكافحة الحامول، موضحًا أنه كلما طال بقاؤه في الحقول، زادت فرصه في تطوير نفسه وراثيًا، ليكوّن أجيالًا جديدة أكثر ذكاءً، وأقوى مقاومة للمبيدات، ما يُهدد سلامة العديد من المحاصيل الأساسية مثل البرسيم، الفول البلدي، الطماطم، الريحان، ومحاصيل الخضر والزينة.

حلول وقائية ومكافحة علمية دقيقة

ولتفادي انتشار الحامول، شدد فهيم على أهمية الوقاية في المقام الأول، من خلال استخدام أصناف بذور مقاومة متوفرة تجاريًا. وفي حال الشك في جودة التقاوي، يمكن اتباع تقنية مبتكرة تعتمد على خلط بذور المحصول ببرادة الحديد، ثم تمريرها عبر مجال مغناطيسي، ما يتيح التقاط بذور الحامول فقط وإبعادها عن البذور السليمة، لضمان زراعة أرض خالية من الإصابة.

أما في حال حدوث الإصابة الفعلية، خصوصًا في محصول البرسيم الحجازي، أوصى فهيم بخطة علاجية دقيقة تبدأ برش البقع المصابة بعد الحش بـ15 يومًا، باستخدام مبيد "راوند" بمعدل 50–75 سم لكل فدان/200 لتر ماء، مع تكرار الرش بعد أسبوعين إذا لزم الأمر، أو استخدام مبيد "بازجران" بجرعة تتراوح بين 300–400 سم للفدان، مع مراعاة عدم تجاوز عدد مرات الرش المسموح بها.

ونبّه فهيم إلى ضرورة الالتزام بأسلوب الرش الصحيح، باستخدام ماتور ظهري فقط، والابتعاد تمامًا عن رش الجزء القاعدي للنبات (الكرسي)، لضمان عدم الإضرار به. ويجب أن يتم الرش من ارتفاع 30 سم فوق النبات، إما قبل الري بيوم، أو بعده بثلاثة أيام، أو في الصباح مع تأخير الري إلى مساء نفس اليوم.

معركة الجينات الخفية... من يربح؟

القصة ليست مجرد صراع نباتي عادي، بل هي حرب بيولوجية متطورة تُخاض داخل الحقول المصرية، حيث تتسلل الطفيليات إلى جينات النباتات وتعيد برمجتها لصالحها. "الحامول" ليس مجرد نبات متطفل، بل عدو ذكي يستغل سلاح العلم ضد الزراعة، وإذا لم نواجهه بخطط دقيقة وتدخلات علمية حازمة، فقد تتحول هذه الظاهرة إلى تهديد مباشر للأمن الغذائي في مصر والمنطقة.

موضوعات متعلقة